و الأخيرة

رئيس مجلس الإدارة
أحمد عصام فهمي
رئيس التحرير
محمود الضبع

جورج عبد الله: المقاومة باقية

الرئيس التونسي لمستشار الرئيس الامريكي :الصهيونية الغاشمة تسعى لإبادة فلسطين

موقع الصفحة الأولى

كلما حلت ذكرى يوليو 1952، يكون قلب الوطن العربي موجوع، يتألم لما يحدث في العراق وسوريا، واليمن، ولبنان، والسودان، وفي القلب من كل ذلك فلسطين.
ينزف الوطن براكين من الدماء، وأعاصير من الدموع، تمهيداً لغضب ساطع فجرته المقاومة الفلسطينية في غزة، وألهبته العزة اليمنية، وساندته المقاومة اللبنانية، ولكن صمت وخذلان عدد من الأنظمة العربية أشد ألماً.
في ليلة الثاني والعشرين من يوليو 1952، تحركت القوات المسلحة المصرية لمحاصرة القصر الملكي، وكافة مفاصل الملكية المتآمرة مع الاحتلال البريطاني ليستيقظ الشعب المصري والعربي على صوت ثورة التحرر العربي والإفريقي من الاستعمار البريطاني والفرنسي والإيطالي وكافة الدول الاستعمارية.
التمرد في قصر قرطاج 
شاءت الأقدار، بعد 73 عاماً، أن يشهد ظهر الثاني والعشرين من يوليو 2025، تمرداً عربياً غير مسبوق، وغير معتاد.. في سابقة غير معهودة دبلوماسياً، سابقة لم تفعلها الأنظمة العربية منذ زمن.. كانت السابقة في قصر قرطاج التونسي، حيث التقى الرئيس التونسي قيس سعيد، كبير مستشاري الرئيس الأمريكي للشؤون العربية والشرق الأوسط وإفريقيا مسعد بولس، وبدلاً من الترحيب والتهليل، فلقد أعتدنا من الأنظمة العربية إقامة الولائم والأفراح عند استقبال موفد أمريكي، حتى لو كان ساعي بردي.. لقد كسر "الرئيس قيس سعيد" قواعد ومراسيم البروتوكولات والمجاملات المعهودة في اللقاءات الرئاسية والدبلوماسية، فهو لم يدعوه للجلوس، لم يسأله عن أحوال الولايات المتحدة وحرائقها وحوادث طائراتها والتقلبات المناخية التي تعددت منذ قدوم الرئيس ترامب للبيت الأبيض، ولم يسأل عن صحة قدم نظيره الأمريكي المتورمة، بل عاجله بالحديث عن مآسي غزة، وعرض عليه صور أطفال فلسطين في قطاع غزة، وهم يتضوّرون جوعًا، ويأكلون الرمل بدل الطعام، ومنهم من يستعد لمفارقة الحياة بسبب الجوع، وطفلة ترفع كوب متمنية أن تجد به شربة ماء، ومجموعة من الرجال والشباب يحملون أطفالهم وأشقائهم في أكفان وغيرها من الصور المؤلمة، على مدى 6 دقائق وقوفاً يتحدث الرئيس التونسي دون انقطاع، عن المجازر الإسرائيلية ومنع وصول الغذاء والدواء والماء للشعب الفلسطيني، ويسأل كبير المستشارين اللبناني الأصل، الذي لم يتفوه بكلمة واحدة،" طفل فلسطيني في القرن الحادي والعشرين يأكل الرمال.. هل هذه هي الشرعية الدولية(؟!) إنها جريمة ضد الإنسانية كلها، ولقد تهاوت الشرعية الدولية أمام الوحشية والأعمال الإجرامية التي تقوم بها القوات الصهيونية لإبادة الشعب الفلسطيني، وإرغامه على الاستسلام والهزيمة، علماً بأن الشعوب الحرة لن تقبل الهزيمة أبداً".
الشعب الفلسطيني صاحب الأرض
لقد ذكر الرئيس التونسي لفظ الصهيونية، أمام مسؤول أمريكي تساند دولته الصهيونية وتقدسها، وهي سابقة لم تحدث من قبل، بل قام الرئيس بتكرارها بقوله: "لابد أن نضع حداً للجرائم التي تقوم بها القوات الصهيونية، التي هدمت مربعات سكنية كاملة، وتقوم بتجميع الشعب الفلسطيني في أماكن لتقصفهم.. اليوم لابد من أخذ قرارات جريئة، الشعب الفلسطيني هو صاحب الأرض الفلسطينية في غزة والضفة الغربية التي قسموها، فضلاً عن استيلاء المستوطنين على الأراضي وممتلكات الشعب الفلسطيني تحت حماية القوات الصهيونية".
وختاماً تسأل الرئيس التونسي ما الذنب الذي أرتكبه الشعب الفلسطيني في ممارسة حقه بتقرير مصيره بنفسه، ألم تنص معاهدة فرساي على ذلك(؟) أين معاهدة فرساي وميثاقها، تلك المعاهدة التي منحت الشعوب حق تقرير مصيرها، مؤكداً أن فلسطين ملك للشعب الفلسطيني.
هل يستجيب الإبراهيميين والعالم للسيسي وسعيد 
كلام الرئيس التونسي قيس سعيد لكبير مستشاري الرئيس الأمريكي، كان مفاجئة، فلأول مرة منذ زمن في تاريخ الحكام العرب، يتحدث حاكم عربي ويذكر لفظ أو مصطلح الصهيونية أمام شخصية أمريكية.. كلمة الرئيس قيس سعيد لم تلق زخماً في وسائل الإعلام العربية لما تحمله من إحراج لحكامها الذين إذا ما وصل لبلادهم ساعي بريد أمريكي أقاموا له الولائم والحفلات الشعبية وقدموا له الأموال لينفق منها على تسليح الجيش الصهيوني لإبادة العرب.. ويعجزون عن إدخال المساعدات للشعب الذي يباد جوعاً وعطشاً، ولا يسعون حتى لمساندة مصر لإدخال المساعدات المتراكمة منذ شهور أمام معبر رفح من الجانب المصري، ونسمع أن الإمارات والأردن، بالاتفاق مع إسرائيل وأمريكا ستقوم خلال يومين بإسقاط مساعدات على غزة من الجو ، وفقا لما ذكرته صحيفة هآرتس الإسرائيلية، وكأننا في سباق لأخذ لقطة الإنسانية، بدلا من الضغط الإبراهيمي لإدخال المساعدات المتراكمة بالجانب المصري وإخراج المرضى والمصابين للعلاج في مصر، التي تستضيف قرابة 105 ألف فلسطيني، جاءوا للعلاج أو لزيارة أقاربهم هرباً من القصف، ولم يتم عودتهم نظراً لظروف القصف الصهيوني الغاشم.
ولا ننسى أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قال ويكرر ما قاله " تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه جريمة لن نسمح بها ولن نشارك فيها" ويناشد وينادي بالضغط على إسرائيل لفتح معبر رفح من الجانب الفلسطيني لإدخال المساعدات.. ويبقى السؤال هل يستجيب العالم لنداء الرئيس السيسي.. وهل يحذو الحكام الإبراهيميين حذو الرئيس التونسي؟.

العودة للوطن بعد 41 عاما

شاءت الأقدار، أيضاً، أن ترسل السماء، فرحة للمقاومة وشعبها.. في الخامس والعشرين من شهر ثورة الأمل والتحرر، أطلقت السلطات الفرنسية سراح المقاومة اللبناني جورج عبد الله قائد "الفصائل المسلحة الثورية اللبنانية" التي أسسها عام 1978، وكان عضوا بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، بعد 41 عاماً قضاها في سجون فرنسا، بتهمة النضال من أجل فلسطين، التي يتعرض شعبها للإبادة بالقصف والتجويع والتعطيش والحرمان من الدواء.. خرج جورج عبد الله أبن 74 عاماً، وكأنه رسالة من السماء إلى لبنان المقاومة، (وليس لبنان العمالة للصهيونية الأمريكية والإبراهيمية) رسالة تقول لمن ينادون بتسليم سلاح حزب الله، حتى تكون لبنان لقمة سهلة المضغ للصهيو أمريكية بدعم من الإبراهيميين، أن المقاومة دينها الأرض والتحرر، فها هو الماروني المسيحي يناصر تحرير لبنان وفلسطين، والذي قال لدى وصوله لمطار بيروت "يجب على المقاومة وفلسطين الاستمرار.. طالما هناك مقاومة هناك عودة للوطن".. لافتاً إلى أن المقاومة مستمرة في هذه الأرض ولا يمكن اقتلاعها وهي ليست ضعيفة وقوية بشهدائها القادة ويجب الالتفاف حولها اليوم أكثر من أي وقت مضى، ودعا إلى الإنحناء أمام شهداء المقاومة، لأنهم القاعدة الأساسيّة لأيّ فكر تحرريّ، مشدداً على ضرورة تصاعد المقاومة في فلسطين.
جورج عبد الله، الذي قال أمام القضاء الفرنسي أكثر من مرة "أنا مناضل ولست مجرما.. لقد اخترت ذلك الطريق رداً على انتهاك حقوق الإنسان في فلسطين"، وبالتالي ما فعله "مقاومة".. أبدى غضبه على ما تتعرض له غزة، وحزنه على الموقف العربي قائلاً "ملايين العرب تتفرّج وأطفال فلسطين يموتون من الجوع وهذا معيب"!!.
كلمات جورج عبد الله أبن الشمال اللبناني، ذكرتني بكلمات الزعيم خالد الذكر جمال عبد الناصر في المؤتمر القومي للاتحاد الاشتراكي في مارس 1961، عندما قال "أوجه التحية للمقاومة الفلسطينية المناضلة، والجماهير الصابرة المناضلة في غزة، التي ترفض الاستسلام، ورغم الظروف الاقتصادية يكافحون المدرعات بالطوب.. غزة المناضلة ـ والكلام للزعيم ـ يرفض رجالها وشيوخها وشبابها ونسائها الاستسلام والسكوت".
لقد آمن عبد الناصر بأبدية المقاومة، وقال في خطابه يوم 23 يوليو 1968:"لن نتنازل عن حق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال، ولن نسمح بإخماد صوت المقاومة.. وأكمل في مؤتمر القمة العربية بالرباط عام 1969:"المقاومة هي طريقنا، ولن نتركها تموت".

تم نسخ الرابط