
احتوت تصريحات رئيس حركة حماس في غزة خليل الحية، المقيم في قطر، بشأن معبر رفح على مغالطات سياسية وجغرافية.. تذكرنا بأكاذيب وادعاءات النتن ياهو خليل الحية المقيم في قطر، دس السم في العسل خلال حديثه عن مصر إذ قال "يا أشقاءنا في مصر الكنانة، نخاطبكم بمكانة مصر السياسية والاجتماعية، وندرك أنكم تتألمون لألم أهلكم في غزة، يا أهل مصر وقادتها وجيشها وعشائرها وأزهرها وكنائسها، أيموت إخوانكم في غزة من الجوع وهُم على حدودكم؟!، ونتطلع بكل ثقة لمصر العظيمة أن تقول كلمتها الفاصلة، بأن غزة لن تموت جوعًا ولن تقبل ببقاء معبر رفح مغلقًا".
وهنا تقع المغالطة والادعاء وتزوير الحقيقة، كما فعل ويفعل النتن ياهو بالقول "ونتطلع بكل ثقة لمصر العظيمة أن تقول كلمتها الفاصلة، بأن غزة لن تموت جوعًا ولن تقبل ببقاء معبر رفح مغلقًا" وكأن مصر هي التي تغلق معبر رفح.
تصريحات رئيس حركة حماس في غزة والمقيم في قطر، والمتأرجح وأخوانه المناضلين بين مكيفات الدوحة وأنقرة، تتزامن مع مظاهرات أمام السفارات المصرية في بعض العواصم الأوروبية (لندن وواشنطن وباريس وبرلين وفنلندا) وأخرى عربية (المغرب وطرابلس غرب ليبيا ولبنان)، وهي عواصم تنشط فيها جماعات التأسلم السياسي، والدول الإبراهيمية، والدولة الضالعة في مخطط تقسيم منطقة الشرق الأوسط، وهذه الدول تستخدم تلك الجماعات الطامحة للوصول لسدة الحكم في مصر، والتي تجدد حلمها بعد وصول تنظيم جبهة النصرة الإرهابي لحكم سوريا بمساعدة قطر والإمارات والسعودية وتركيا وإسرائيل وأمريكا.
إذن نحن أمام تهمة، يقف وراء ترويجها إسرائيل، وأمريكا، والإبراهيميين، والدولة الضالعة، مستخدمين المناضلين من مكيفات تركيا وقطر، التابعين لجماعات التأسلم السياسي، الذين يتم استخدامهم، تماماً كجماعة الجولاني..
حكاية معبر رفح
معبر رفح ـ وذلك ما يعلمه خليل الحية رئيس حركة حماس في غزة، وأعضاء المكتب السياسي، الذين يمارسون النضال من مكيفات تركيا وقطرـ هو معبر بري حدودي بين مصر وفلسطين، وهو المعبر العربي الوحيد، من بين 7 معابر تحيط بقطاع غزة هي:
1. معبر رفح: جنوب القطاع مع مصر، مخصص أساسًا لعبور الأفراد.
2. بيت حانون (إيريز): شمال القطاع مع إسرائيل، لعبور الأفراد والحالات الخاصة.
3. كرم أبو سالم (كيرم شالوم): على حدود مصر وإسرائيل وقطاع غزة، لدخول البضائع والمساعدات.
4. المـنطار (كارني): شرق غزة، كان معبرًا تجاريًا وأغلق منذ سنوات.
5. ناحل عوز: شرق غزة، كان مخصصًا للوقود وأغلق.
6. العودة (صوفا): جنوب شرق خان يونس، كان مخصصًا للبضائع وأغلق.
7. القرارة (كيسوفيم): شرق خان يونس ودير البلح، يستخدم للأغراض العسكرية الإسرائيلية فقط.
وفقاً لاتفاقية المعابر المبرمة بين 3 أطراف هي: فلسطين وإسرائيل، والاتحاد الأوروبي، في 15 نوفمبر 2005، عقب انسحاب قرار إسرائيل الانسحاب من القطاع وتفكيك مستوطناتها، البالغ عددها 21 مستوطنة، فيما عرف بقانون فك الارتباط.. فإن معبر رفح يخضع لإشراف السلطة الفلسطينية من جانبها، من خلال موظفون مدنيون من قطاع غزة والسلطة الفلسطينية، مع عدم وجود تمثيل إسرائيلي أو حماس بالمعبر.. ومصر مسؤولة عن إدارة وتنظيم الجانب المصري.. ويراقب الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة سير العمل بالمعبر لضمان الشفافية وتسهيل الحركة..ووفقا لاتفاقية المعابر الفلسطينية الإسرائيلية، فإن معبر رفح مخصص لمرور المسافرين حاملي بطاقة الهوية الفلسطينية، وحاملي التأشيرات منهم، والمرضى، والجرحى، والطلاب، وممثلي الإغاثة والدبلوماسيين بين غزة ومصر.. وأيضاً ـ وفقا لنص الاتفاقيةـ تقوم السلطة الفلسطينية بإخطار الجانب الإسرائيلي بأسماء المغادرين من جانبها قبل 48 ساعة، وتقوم الحكومة الإسرائيلية بالرد خلال 24 ساعة في حالة وجود أي اعتراضات مع ذكر أسباب الاعتراض.. علماً بأن الاتفاقية تضمنت عبور الشاحنات عند التصدير لمصر.
معركة غزة واستيلاء إسرائيل على المعبر
خلال الفترة ما بين 10 و15 يونيو 2007، وقعت معركة غزة، والتي تعرف بانقلاب حماس وسيطرتها على القطاع، بسبب الصراع على السلطة مع حركة فتح، إثر فوز حماس بالانتخابات البرلمانية عام 2006، والتي أدت لمقتل نحو 116 وإصابة أكثر من 550 فلسطينياً وفقا لتقديرات اللجنة الدولية للصليب الأحمر.. على إثر تلك المعركة سيطرت حماس على المعبر، وانسحب ممثلي الاتحاد الأوروبي.
قامت مصر من جانبها بتشغيل المعبر لعبور الأفراد، بل وإدخال الشاحنات المحملة بالمساعدات للقطاع بالمخالفة لاتفاقية المعابر، وذلك لتخفيف المعاناة عن الشعب الفلسطيني الذي فرضت عليه إسرائيل حصاراً.. حتى جاء طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر 2023، وظلت مصر ترسل المساعدات وتستقبل المرضى والمصابين لعلاجهم بالمستشفيات المصرية، حتى السادس من مايو 2024، إذ قامت إسرائيل رداً على قصف حماس لمعبر كرم أبو سالم، بعملية عسكرية ضد مدينة رفح الفلسطينية، التي قصفت لأكثر من 50 مرة.. وفي صباح 7 مايو 2024، أعلنت إسرائيل الاستيلاء على معبر رفح بعد ليلة من القصف الشديد واقتحام الدبابات للمعبر من الجهة الفلسطينية، وبدأ الجيش الإسرائيلي عمليات تجريف موسعة للطريق الرابط بين معبر رفح المصري والفلسطيني؛ وشق الطريق المعروف باسم "ممر دافيد" بين منتصف مايو وحتى 23 يونيو 2024، والتي تخللها هدم منازل وبنية تحتية فلسطينية على طول المنطقة الحدودية، لقطع التواصل وعزل غزة عن مصر تماماً..
في النصف الثاني من يونيو 2024، تدخلت مصر وقامت بأعمال الترميم لإعادة تأهيل الطريق لإدخال المساعدات إلى القطاع، وسط مطالب دولية قادتها مصر بإعادة فتح المعبر والسماح بدخول المساعدات بشكل منظم.. ثم قامت مصر بترميم الطريق خلال شهر يوليو 2024، استعداداً لإدخال المساعدات في أول فرصة لفتح المعبر أو السماح من الجانب الإسرائيلي..باختصار إسرائيل قامت بتجريف وتدمير الطريق عقب الاستيلاء عليه في 7 مايو 2024، بينما رممت مصر الطريق لنقل المساعدات الإنسانية لغزة.. ومنذ السابع من مايو 2024، أغلقت إسرائيل معبر رفح أمام حركة الأفراد والمساعدات، مما تسبب في توقف دخول المساعدات وخروج المرضى والمصابين للعلاج بالخارج، وفاقم الأزمة الإنسانية في غزة بشكل كبير، بينما ظل الجانب المصري مفتوحًا لاستقبال الحالات الإنسانية في حال السماح بمرورها، وإدخال المساعدات.
** معبر رفح هدف أمريكا وإسرائيل
فات رئيس مكتب حماس في غزة، والذي يناضل هو ورفاقه أعضاء المكتب السياسي من مكيفات الدوحة وأنقرة وإسطنبول، أن إسرائيل كدولة احتلال لفلسطين يخضع لها القطاع، وأنها قررت إدخال المساعدات القادمة من مصر عبر معبر كرم أبو سالم، بعد اتهامها لمصر بتهريب السلاح لحماس والفصائل ضمن المساعدات، فضلاً عن أحاديث إعلامية إسرائيلية عن إغلاق معبر رفح، وإنشاء معبر بديل خاضع للسيطرة الإسرائيلية الكاملة في حال استمر الاحتلال بالمنطقة الحدودية، وهو ما رفضته مصر، مشددة على رفضها فكرة إنشاء معبر جديد بمعزل عن التنسيق معها ومع السلطة الفلسطينية، مؤكدة ضرورة عودة معبر رفح للعمل بإدارة فلسطينية-مصرية ودون تواجد إسرائيلي..
ولا يفوتنا في ذلك السياق أن إسرائيل وأمريكا سعيا، إلى إلغاء أي دور لمعبر رفح الذي تعتبره إسرائيل المدخل الرئيسي لأسلحة حماس وورقة ضغط على مصر بتقليل أهمية المعبر العربي الذي يقع تحت السيطرة المصرية الفلسطينية.. إضافة إلى تشديد الحصار على الشعب الفلسطيني من خلال سياسة "التجويع والإطعام"، وإخراج حماس من المعادلة.. وقد حاولت إسرائيل وأمريكا تنفيذ ذلك من خلال الميناء العائم على شواطئ قطاع غزة، وللذكر كانت الصفحة الأولى في يوم الأربعاء 13/مارس/2024، قد نشرت تقريراً عنه بعنوان (ميناء احتلالي لهجرة الفلسطينيين إلى أوروبا// خبراء: مقترح أمريكا للميناء الجديد تمديد للحرب ولإخراج معبر رفح من الخدمة أو ضربه).
فات رئيس مكتب حماس في قطاع غزة، والمقيم في قطر، أن الضغوط الدولية والمناشدات الأممية طالبت، وتطالب إسرائيل وليس مصر، بضرورة عودة المعبر الأساسي (عارف الأساسي، أي معبر رفح) للعمل لتسهيل إدخال المساعدات وحركة الأفراد، والخشية من فرض أي واقع جديد يزيد الحصار على غزة..