مبادئ قضائية حاسمة لمحكمة النقض
الطريق العام لا يعد مكانا خاصا والسب والقذف ليس شرطا لجريمة الازعاج
أكدت محكمة النقض مبادئ قضائية عدة، وهي أن الطريق العام لا يعد مكانا خاصا بالمعنى القانوني، وأن تصوير أشخاص مقيدين أثناء عرضهم على النيابة لا يشكل انتهاكًا للحياة الخاصة، كما أن كاميرا الهاتف تُعد من وسائل الاتصالات، إضافة إلى أن السب أو القذف ليس شرطا للإدانة بجريمة الإزعاج.
وجاءت مبادئ محكمة النقض، في الحكم رقم 17841 لسنة 92 قضائية، والصادر بتاريخ 28 فبراير 2024، والذي أكدت فيه أن تصوير الأشخاص في الطريق العام لا يُعد انتهاكًا لحرمة الحياة الخاصة، لأن الحماية الواردة بالمادة 25 من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات متعلقة فقط بالأماكن الخاصة.
وأشارت محكمة النقض إلى أن كاميرا الهاتف المحمول تعد وسيلة من وسائل الاتصالات وفقًا لتعريف القانون 10 لسنة 2003، ويُسأل مستخدمها جنائيًا عند إساءة استعمالها لإزعاج الغير.
كما أرست محكمة النقض مبدأ قضائيا حاسما، وهو أنه للإدانة بجريمة الإزعاج لا يشترط السب أو القذف، بل يكفي كل فعل يضيق به صدر المجني عليه ويقصد به الجاني إزعاجه، كما أن عدم مطالبة المتهم المحكمة بتفريغ الفيديو يمنع التمسك لاحقًا بالقصور، وإذا اقتصر خطأ الحكم على تطبيق القانون دون المساس بثبوت الواقعة، تملك محكمة النقض تصحيح العقوبة دون إعادة نظر الموضوع.
وجاءت كل هذه المبادئ القضائية، في الدعوى التي اتهمت فيها النيابة العامة الطاعن، بأنه صور المجني عليهما أثناء نزولهما من سيارة الشرطة مقيدين، بقصد التشهير بهما، وهو ما يشكل تعمد إزعاجهما بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات وانتهاك حرمة الحياة الخاصة، وذلك في الطريق العام.
وقضت محكمة أول درجة بحبس الطاعن سنة مع وقف التنفيذ بكفالة وغرامة 50 ألف جنيه، فاستأنف المحكوم عليه، وقضت محكمة الاستئناف بتعديل الحبس إلى ستة أشهر وتأييد باقي العقوبة، ثم طعن المحكوم عليه بالنقض تمسكًا بالقصور والفساد والإخلال بالدفاع.
حيثيات النقض
وفي حيثيات حكمها، أكدت "النقض" أنه بشأن القصور في التسبيب، فإن الحكم بيّن الواقعة وأدلتها بيانًا كافيًا تتوافر به أركان جريمة الإزعاج، وأنه غير ملزم بإيراد أقوال كل شاهد على حدة طالما تدور جميعها حول واقعة واحدة.
وبالنسبة للركن المادي والمعنوي للإزعاج، فإن الإزعاج يشمل كل فعل يضيق به صدر الإنسان، وإن القصد الجنائي يقوم على علم الجاني بأن فعله يسبب المضايقة، كما أن تصوير المجني عليهما في الطريق العام بقصد التشهير يعد إزعاجًا محققًا.
أما عن كاميرا الهاتف كوسيلة اتصالات، فقد فسرت محكمة النقض أن كاميرا الهاتف قادرة على نقل وتخزين وإرسال الصور والفيديو، فتعتبر وسيلة اتصالات ينطبق عليها القانون 10 لسنة 2003.
كما أشارت "النقض" إلى عدم تحقق جريمة انتهاك حرمة الحياة الخاصة، حيث إن المكان الذي تم فيه التصوير في الطريق العام، وبالتالي فإن الحياة الخاصة لا تمتد إلى الأماكن المفتوحة للجمهور، فلا تقوم جريمة انتهاك الحرمة بالمعنى الوارد بالمادة 25 من القانون قم 175 لسنة 2018.
وأكدت محكمة النقض في حيثيات حكمها أن دفاع المتهم لم يطلب صراحة ضم الحرز أو عرض الفيديو، وبالتالي فإن الطلب الاحتياطي غير ملزم للمحكمة.
وبعد استبعاد جريمة انتهاك حرمة الحياة الخاصة، تبقى جريمة الإزعاج فقط، ولذا طبقت المحكمة سلطتها وفق المادة 39 وصححت العقوبة، ولذلك حكمت "النقض" بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بتصحيح الحكم المطعون فيه بجعل عقوبة الغرامة المقضي بها 500 جنيه، وبالإضافة إلى العقوبة السالبة للحرية المقضي بها على الطاعن "عقوبة الحبس"، وأمرت بمحو التسجيل المصور، رفض الطعن فيما عدا ذلك.







