و الأخيرة

رئيس مجلس الإدارة
أحمد عصام فهمي
رئيس التحرير
محمود الضبع

جدل قانوني ورفض أزهري

صرخة أولياء الأمور .. هل يواجه المتحرشون بالأطفال عقوبة «الإخصاء الكيميائي» ؟

موقع الصفحة الأولى

في ظل تصاعد وتيرة جرائم الاعتداء الجنسي والتحرش بالأطفال التي هزت الرأي العام مؤخراً، تحولت منصات التواصل الاجتماعي إلى ساحة لغضب عارم ومطالبات شعبية غير مسبوقة بتطبيق عقوبة «الإخصاء الكيميائي» بحق الجناة، أسوة ببعض الدول حول العالم.

جاءت مطالب أولياء الأمور إحياءا لمقترح تقدمت به النائبة زينب سالم، عضو مجلس النواب، عام 2020 التى قدمت اقتراحا بقانون بخصي المتحرش للحد من ظاهرتى الاغتصاب والتحرش، مطالبة بتطبيقه بشكل علمى من خلال تناول أدوية تؤدى لهذا الإخصاء كما يحدث في عدد من دول أوربا وأمريكا الجنوبية وأسيا وليس من خلال عملية القطع والبتر كما كان يحدث قديما. 
وحاولت النائبة زينب سالم وقتها، التنسيق مع المؤسسات الدينية ومنظمات المجتمع المدنى وحقوق الانسان لبحث تلك العقوبة ومدى قانونيتها وتوافقها مع المواثيق الدولية، وهو ما عارضه الحقوقيون ورجال الدين.
وبينما يرى أولياء الأمور والنشطاء أن هذه العقوبة هي الحل الجذري والوحيد لردع هذه الجرائم البشعة، يقف القانون وعلماء الأزهر الشريف أمام تساؤلات حول مدي دستورية وشرعية هذه العقوبة المثيرة للجدل.
فقهاء القانون يرون أن عقوبة الإخصاء الكيميائي تمثل انتهاكاً لحقوق الإنسان وتصطدم بالدستور القانون، حيث يمكن لأصغر محام أن يطعن في دستورية العقوبة ويخرج المتهم براءة.
أما على مستوي رجال الدين، فقد رفض عدد من علماء الأزهر الشريف العقوبة، وعلى رأسهم رئيس لجنة الفتوى بالأزهر الشريف السابق الشيخ عبد الحميد الأطرش، والدكتورة آمنة نصير والدكتور أحمد كريمة، وجميعهم أفتوا سابقاً بأن الإخصاء «حرام شرعاً» كونه تغييراً لخلق الله، وأن العقوبة بالسجن تتوافق مع الشريعة  
وفى ذلك الوقت، علق الشيخ الراحل عبد الحميد الأطرش رئيس لجنة الفتوى بالأزهر الشريف سابقا، إنه لا يجوز الإخصاء إلا للبهائم ويجب أن لا تنحرف العقوبة عن مقاصد الشريعة، مشيرا إلى ان إقرار عقوبة الإخصاء الكيميائي للمغتصبين يتنافى تماما مع مقاصد الشريعة الإسلامية وأنه لا يجوز على الإطلاق.

علاج هرموني

من الناحية الطبية والنفسية، يرى الأطباء أن الإخصاء الكيميائي علاج هرموني يقلل من الرغبة الجنسية ولكنه ليس دائماً، وقد يكون رادعاً ولكنه ليس حلاً سحرياً، حيث ثشير بعض الدراسات إلى أن فعاليته تزداد عندما يكون جزءاً من برنامج علاجي شامل وإعادة تأهيل نفسي، ويجب أن يكون بموافقة الجاني في بعض الدول، كما يحذر أطباء نفسيون من أن آثاره الجانبية قد تكون وخيمة إذا زاد عن حده.
والإخصاء الكيميائي هو عبارة استخدام أدوية لخفض إنتاج الهرمونات الذكورية في الخصيتين، الأمر الذى يؤدى إلى انخفاض الرغبة الجنسية أو انعدامها، وانكماش الخصيتين، وانخفاض الخيالات والأفكار الجنسية.
ويستمر مفعول الإخصاء الكيميائي طالما استمر المريض بتناول الأدوية، وبمجرد التوقف عن تناولها، يعود إنتاج الهرمونات إلى طبيعته.
ويتم الإخصاء الكيميائي بتناول أدوية عن طريق الفم أو الحقن أو زرعة تحت الجلد، الأمر الذى يؤثر على مستويات الهرمونات، ولكن لا يحدث تغيير فوري في مظهر الخصيتين، ومع ذلك، قد تتقلص الخصيتان مع مرور الوقت، لكن يمكن التغلب طبيا على هذه الآثار لاحقا بتلقى العلاج اللازم.
أما الإخصاء الجراحي، فهو المعروف باستئصال الخصية تماما، وهو إزالة إحدى الخصيتين أو كلتيهما، ويمكن اعتباره شكلًا جراحيًا من أشكال العلاج الهرموني.
وتطبق عدة دول حول العالم عقوبة الإخصاء الكيميائي ضد الحناة فى جرائم الاغتصاب والتحرش، منها التشيك، وإندونيسيا، وكوريا الجنوبية، وبولندا، وإستونيا، وكازاخستان، ومؤخراً إيطاليا وبعض الولايات الأمريكية مثل ألباما وفلوريدا ولويزيانا. 
وتتباين العقوبة فى هذه الدول حيث تستخدم إما كعقوبة إلزامية أو كخيار ضمن الإفراج المشروط عن الجاني بعد فترة عقوبة محددة بالسجن..
ويظل الجدل قائماً في مصر بين مطالبات شعبية غاضبة تسعى للردع وتغليظ العقوبة، وبين قيود قانونية وحقوقية وشرعية تحول دون تطبيق الإخصاء الكيميائي، ويبقى السؤال: هل تدفع صرخات أولياء الأمور المشرع المصري لإعادة النظر في القوانين وتغليظ العقوبات للقضاء على ظاهرة التحرش بالأطفال؟.

تم نسخ الرابط