و الأخيرة

رئيس مجلس الإدارة
أحمد عصام فهمي
رئيس التحرير
محمود الضبع

325 مليار جنيه سنويا

خبير: 5 حلول لحل أزمة ديون «الكهرباء والبترول» أبرزها تنويع مصادر الطاقة

موقع الصفحة الأولى

قال الدكتور محمد فؤاد، الخبير الاقتصادي، إن تقديرات العام المالي 2025، كشفت عن أن فاتورة الوقود المطلوبة لتشغيل محطات الكهرباء تخطت الـ 500 مليار جنيه سنويا، وفي نفس الوقت فإن ما تدفعه وزارة الكهرباء لا يتجاوز 100 مليار جنيه، إضافة إلى تحمل وزارة المالية لدعم مباشر بحوالي 75 مليار جنيه، ليصل إجمالي المدفوع إلى 175 مليار جنيه، ما يعني وجود فجوة صافية قيمتها 325 مليار جنيه كل عام، والتي تتحملها الدولة بشكل غير مباشر مع تراكم الديون بين البترول والكهرباء.

ولفت "فؤاد" إلى أن تلك الأرقام تكشف عن أن الأزمة أبعد من مجرد تسعير أو رفع الفواتير، بل هي مسألة تخص النموذج الاقتصادي بأكمله، والمتمثلة في تمويل قطاع على حساب قطاع آخر في دائرة مغلقة ومستمرة تتسبب في إضعاف كليهما، فذلك الملف يتقاطع مع عمق الاقتصاد الكلي، ويكشف عن خلل هيكلي في العلاقة بين قطاعي البترول والكهرباء، انقلبت بسببه معادلة الطاقة إلى عبء تمويلي ضخم ضاغط على المالية العامة، ويتسبب في عجز الدولة عن إدارة مواردها بكفاءة.

وأضاف الخبير الاقتصادي أن الأرقام المذكورة في الإعلام، مثل خسائر سرقات كهرباء والمقدرة بـ 50 مليار جنيه، لا تمثل إلا قمة جبل الجليد، ولكن الأزمة الحقيقية تتمثل في التكلفة الفعلية للوقود والفجوة التمويلية المستمرة التي تهدد استدامة القطاع بأكمله.

وتابع: الخطاب الإعلامي يركز على أن الفقد في الشبكة بشقيه الفني والتجاري يمثل المصدر الرئيسي للخسائر، حيث يتم الحديث عن نسبة 18% فقد، والتي تتسبب في خسائر بـ 50 مليار جنيه سنويًا، لكن عند التدقيق، نكتشف أن جزءا من ذلك الفقد سببه فني بسبب كفاءة الشبكات والبنية التحتية، وجزء آخر سببه السرقة، وهي مشكلة تحتاج إلى معالجة أمنية وتقنية، وإذا تمت مواجهة تلك السرقات، تتبقى الفجوة الباقية في التكلفة، وهي أضعاف الرقم "325 مليار جنيه"، ولذلك فإن الانشغال الإعلامي بالسرقات وخسائرها يمثل تبسيطا مخلا للأزمة، وتجاهلا أسبابها الحقيقية وتكلفة الوقود وعجز قطاع الكهرباء عن تغطيتها.

وواصل الخبير الاقتصادي تحليله قائلا: إن المعضلة المزدوجة تتمثل في اعتماد الكهرباء بشكل شبه كامل على الغاز الطبيعي والمنتجات البترولية لتوليد التيار، ومع تراجع الإنتاج المحلي من الغاز عن ذروته، أصبحت هيئة البترول هي الممول الإجباري للكهرباء، ويحدث ذلك التمويل من خلال تحويل الغاز المنتج محليًا بأقل من سعره الفعلي، أو عبر استيراد الغاز والمازوت وتحميل البترول فاتورة الاستيراد، وما أدى إلى أن وزارة البترول أصبحت غير قادرة على تسوية التزاماتها مع الشركات الأجنبية، لأنها لا تحصل على مستحقاتها من الكهرباء، ولذلك، فإن تلك الحلقة المفرغة تهدد استثمارات قطاع الطاقة وتتسبب في تراكم ديون متبادلة دون نهاية.

استيراد الغاز

ومع اضطرار قطاع البترول لاستيراد الغاز دون الحصول على مقابل من وزارة الكهرباء، فإن الضغط سيقع على العملة الصعبة والاحتياطي النقدي الأجنبي، ومع تراكم الديون، تنقلب المشكلة من حسابات داخلية إلى أزمة تمويلية، تهدد تصنيف الشركات وتزيد من تكلفة الاقتراض، مع مواجهة البترول والكهرباء صعوبة في جذب استثمارات جديدة، حال استمرار نموذج التمويل المتبادل دون حل واضح أو وضوح في آليات السداد.

وحذر "فؤاد" من أن الدعم غير المستهدف، يؤدي إلى استفادة الشرائح الأعلى استهلاكا للكهرباء والطاقة أكثر من غيرها، مع استمرار الفجوة التمويلية التي تمثل عبئا على الاقتصاد الكلي على حساب الاستثمار في الخدمات الأساسية.

وأشار إلى أنه لم يعد ممكنا استمرار وزارة الكهرباء في دفع 20% فقط من تكلفة الوقود الفعلية، وذلك من منظور مالي بحت، ولذلك فإن رفع أسعار الكهرباء أصبح متوقعا لأنه لا مفر منه لتقليل الفجوة التمويلية، لكنه ليس الحل الشامل أو الوحيد، فرفع الأسعار قد يوقف النزيف مؤقتا، لكنه لن يعالج الأزمة إذا لم يكن ضمن إطار إصلاحي أوسع.

وقدم الخبير الاقتصادي 5 مسارات لحل أزمة الكهرباء والبترول، الأولإعادة هيكلة التعريفة تدريجيا، وأن الزيادات بأسلوب تدريجي، وضرورة حماية الشرائح الأقل استهلاكا، لضمان العدالة الاجتماعية، على تتحمل الشرائح الأعلى استهلاكا التكلفة الفعلية بشكل تدريجي.

والمسار الثاني تعزيز كفاءة منظومة الطاقة بشكل كامل، من خلال الاستثمار في تحديث الشبكات لتقليل الفقد الفني، والاعتماد على العدادات الذكية لتقليل الفقد التجاري، والمسار الثالث زيادة إنتاج الوقود المحلي، من خلال إستراتيجيات مرنة مثل عقود الخدمات الفنية (TSC/TSA) في الحقول المتقادمة، لضمان زيادة الإنتاج المحلي من الغاز دون تحميل الدولة التزامات كبيرة.

والمسار الرابع يتمثل في تنويع مزيج الطاقة، عبر زيادة مساهمة الطاقة المتجددة في مزيج التوليد إلى أكثر من 30% خلال السنوات المقبلة، لتقليل الاعتماد على الغاز، والمسار الرابع إدارة الطلب بكفاءة، من خلال الاعتماد على سياسات ترشيد الاستهلاك، وتشجيع كفاءة الطاقة في الصناعات كثيفة الاستهلاك، لتوفير جزء مهم من الفاتورة السنوية.

تم نسخ الرابط