و الأخيرة

رئيس مجلس الإدارة
أحمد عصام فهمي
رئيس التحرير
محمود الضبع
موقع الصفحة الأولى

الحمدلله الذي وهبنا الصلاة وجعلها بيننا وبينه كتاباً موقوتا واشهد أن لا إله إلا الله صلى علينا فقال (هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور وكان بالمؤمنين رحيما) واشهد ان محمداً عبدالله ورسوله ، امره ربه فقال (ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى ان يبعثك ربك مقاماً محمودا) اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى من تبعه الي يوم الدين حتى تقول لهم الملائكة (سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين) اما بعد ،،،
كنت دائما في شك كبير من القدسية التي تسبغها بعض الأحاديث وكثير من العوام على فرض الصلاة ، نعم هي مفروضة لقوله سبحانه (ان الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا) النساء 103 ، وقوله سبحانه وتعالى (أقم الصلاة لدلوك الشمس إليّ غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا) الإسراء 78 ، وهي كماً صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدد ركعاتها وأوقاتها وحركاتها وما يتلى فيها ، لقول رسول الله عليه الصلاة والسلام (صلوا كما رأيتموني أصلي) ، ولكن تارك الصلاة ليس بكافر ولكنه اكيد ليس بمؤمن ، ولكنه مسلم ، فالله سبحانه وتعالى لم يضع عقوبة على تركها ، وكان بنا رحيماً فقال سبحانه وتعالى (فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا واطيعوا وأنفقوا خيرا لأنفسكم ومن يوق شحّ نفسه فأولئك هم المفلحون) التغابن 16 ، فلا تكون شحيحاً على نفسك بحرمانها من الصلاة ، لان ما فيها من متعة لقاء ربك والحديث اليه والتودد له والطلب منه والتذلل بين يديه لا يشعر بها ولا يعرفها إلا من مارسها ، ويزيد احساسه بها لو كان صاحب حاجة يريد قضاءها ثم يزداد حلاوتها لو كان له مظلومية فدعا بها ربه ، بل وتزداد حلاوة ومتعة الصلاة لو ان مع المظلومية ضياع حق او وقوع الم حسي او معنوي فيلجأ العابد الي ربه يكلمه وهو القائل سبحانه وتعالى (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعاني فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون) البقرة 186 ، فأكبر عقوبة على تارك الصلاة انه تركها فحرم حلاوة القرب من الله ومناجاته وسؤاله ، ولكن ايضاً يجب ان نقول ان كثيراً ممن يصلون محرومون من حلاوتها وتذوق نعيمها لانهم يؤدونها واجب يستريحون منه لا جائزة يستريحون بها ، فمن يقرأ فاتحة الكتاب في الصلاة فاهمً معاني اياتها - وسيكون لنا تدبر فيها باذن الله - ومن يقرأ ويرتّل آيات القران في ركعاتها ومن يتدبر حركاتها ومن يخشع في ركوعها وسجودها فسيكون منتظراً ومتلهفاً ما بين الصلاة والصلاة ، وعندما يدخل فيها تأتيه السكينة والرضا بالقضاء .

 قدسية الصلاة

فانا الان لا اقر قدسية الصلاة التي أسبغتها عليها احاديث كفر تارك الصلاة فهذه الاحاديث بين الضعيف والموضوع والرسول عليه الصلاة والسلام لا يضع عقوبة لم يضعها الله في كتابه الكريم ، ولكن اقر بقدسية الصلاة تلك التي ينتظرها العابد عند سماع النداء فيقوم مسرعاً غير متوانِ او متثاقل او متخاذل فيتوضأ ويحسن الوضوء ويقف بين يدي خالقه شاكراً له سبحانه فضله ان دعاه الي حضرته وسمح له بالدخول في روضته وأنعم عليه بنعمة سكينته وتفضل عليه بفضل طاعته ، فوقف في خشوع بين يدي حضرته ، وقرأ من الكتاب فاتحته وما فتح الله عليه من اياته وحمد الله ومجده ، وسبح الله وعظمه ثم طلب منه ما تفضل به عليه من نعمه وسأله التوفيق في حياته والرحمة بعد مماته والحفظ من الوقوع في محظوراته والعون على اداء مناسكه ، والثبات على دينه واتباع نبيه ، ثم ينتهي من صلاته وقد انتهت كل مشاكله ووضعت عنه ذنوبه وارتاح صدره وقلبه بذكر الله ولحكمه ، فما اسعده وما اغنمه ، هنا تتجلى عظمة الصلاة وهنا تظهر قدسيتها ، ما سعدك عندما تلبي نداء ربك لتقف بين يديه ، وما أتعسك ان تخسر هذه النعمة وتلك الجائزة التي هي (الصلاة)
واعلم أخي المسلم أن الصلاة ليست غاية ولكنها وسيلة فالله سبحانه وتعالى يقول (اتل ما أوحي إليك من الكتاب وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله اكبر والله يعلم ما تصنعون) البقرة 186 ، وهذا دليل على كونها وسيلة تنهي صاحبها عن الفحشاء والمنكر وهذا النهي يعود بالنفع على الناس والمجتمع كله فتقل الجريمة حتى تنعدم وينعم الناس بالرخاء ، كما ان الصلاة وسيلة لذكر الله ، والله سبحانه وتعالى يعلم ما نصنع وهل صلاتنا هذه خالصة لوجهه سبحانه وتعالى ام فيها رياء وشرك والعياذ بالله ، وهل نحن نعي ونستوعب ونفهم ما نقول وندعوا فيها ، ام اننا نقوم لها ولا نؤديها فقط حركات وكلمات لا تصل من أفواهنا وأجسادنا الي قلوبنا ، واعلموا ان الحركات هي نصيب الجوارح والأجساد من الطاعات اما الكلمات فهي نصيب الجنان والعقول من متعة القربات اما تذوق الطاعة والشعور بنعيمها واللهفة لادائها هو نصيب الروح لكي تتنسم روائح الجنات 
ولي كلمة: انه من إساءة الادب مع الله ان نسأل عن قدسية الصلاة ، لان الصلاة تستمد قدسيتها من الآمر بها والذي تصرف له وهو سبحانه وتعالى القدوس ، ومن عظيم إساءة الادب مع الله ان نحاول ان نخترع لها قدسية خارج النصوص الإلاهية ، فنكفر تاركها ونقتل مضيعها على خلاف امر رب العالمين ، لانه سبحانه وتعالى قال (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) الذاريات 56 ، ولو كان سبحانه يريد عبادة جبرية لاجبرنا عليها او لاكتفى بعبادة الملائكة والذين قالوا له (ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك) ، ولكنه سبحانه وتعالى ترك الاختيار لنا حتى نكون مستحقين للجزاء جنة او نار 
وكل من يؤدي الصلاة هو بين اثنتين لا ثالث لهما ، اما عادة وأما عبادة ، فمن أداها عادة كمجموعة حركات وأقوال لا تتعدى جوارحه وفمه فلن تكون له مصلحة ولن تكون له رادعة عن الحرام ، اما من يؤديها عبادة فهو ينتظر ما بين الصلاة والصلاة كانتظار العآشق الملهوف لانه يريد ان يقف بين يدي خالقه في ادب وخشوع ويسأله في مذلة وخضوع ويناجيه بكلماته التي أنزلها على نبيه ورسوله فيشعر وكأن الله يكلمه ويخاطبه يجيبه في طلباته ويواسيه في ازماته ، ويلجأ اليه العابد عندما تغلق كل الأبواب في وجهه إلا بابه ، والمصلي على يقين ان الله سبحانه وتعالى سمع دعواه وقبل شكواه وحكم له او عليه وفي الحالتين فان الحكم يرضاه ، ويعلم ان الله إذا أعطاه وفاه واذا منعه ففي المنع خير له يعلمه مولاه ، فيطمئن قلبه ويصدق فيه قول الله (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله إلا بذكر الله تطمئن القلوب) الرعد 28 ، وفي هذه الحالة فانه يخجل ان يقابل خالقه في الصلاة وهو مذنب فيحسن معاشرة من حوله ويعطي الفقير حقه ويعين الضعيف في امره ويكرم ضيفه ، ويحب مجتمعه ، فيكون انسان صالح 
والغريب ان العابد على هذه الحال قد لا يريد ان احد يراه ، لانه يؤدي صلاته في الخفاء كالحبيب الذي يحرص ان لا يطلع غيره على عشقه وسلواه ، ولسان حاله يقول أنا يا حبيبي منك فيك ومنك يا مولاي نبعي يستقى ، أنا انت سر عزيز مغلق افديه من سر عزيز مغلق 
وقديما قال عبدالله بن المبارك
إذا ما الليل اظلم كابَدوه فيسفر عنهم وهم ركوع اطار الخوف نومهم فقاموا وأهلُ الامن في الدنيا هجوع لهم تحت الظلام وهم سجود انين منه تنفرج الضلوع

فيكون انسان صالح 
والغريب ان العابد على هذه الحال قد لا يريد ان احد يراه ، لانه يؤدي صلاته في الخفاء كالحبيب الذي يحرص ان لا يطلع غيره على عشقه وسلواه ، ولسان حاله يقول أنا يا حبيبي منك فيك ومنك يا مولاي نبعي يستقى ، أنا انت سر عزيز مغلق افديه من سر عزيز مغلق 
وقديما قال عبدالله بن المبارك
إذا ما الليل اظلم كابَدوه
فيسفر عنهم وهم ركوع
اطار الخوف نومهم فقاموا
وأهلُ الامن في الدنيا هجوع
لهم تحت الظلام وهم سجود
انين منه تنفرج الضلوع

تم نسخ الرابط