و الأخيرة

رئيس مجلس الإدارة
أحمد عصام فهمي
رئيس التحرير
محمود الضبع

أسس أكبر شركة مقاولات

المعلم عثمان أحمد عثمان.. من صبي في ورشة إلى الملياردير وصهر السادات

موقع الصفحة الأولى

يمثل رجل الأعمال الشهير عثمان أحمد عثمان، نموذجا واضحا لزواج المال بالسلطة، بعدما فتحت له صداقته مع الرئيس الراحل أنور السادات كل الأبواب، ليتول من رجل أعمال عادي زمن الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، إلى ملياردير وأكبر رجل أعمال في الشرق الأوسط، وتصنفه مجلة فوربس ضمن قائمة أكبر 400 ثري في العالم فترة السبعينيات، كما دخل عالم السياسة وأصبح عضوا في الحكومة ووزيرا للتعمير والإسكان ثلاث مرات، إضافة إلى عضويته في مجلس الشعب ورئاسته لنادي الإسماعيلي.

والمهندس عثمان أحمد عثمان، أو المعلم كما كان يحب أن يطلق عليه، بنى حياته بشكل عصامي، بعدما ولد عام 1917، وتيتم مبكرا بعدما مات والده وهو في سن الثالثة، ليضطر إلى العمل مبكرا صبيا في الورش بجانب الدراسة، كي ساعد أسرته وينفق على تعليمه.

وبالفعل حصل عثمان أحمد عثمان على شهادة البكالوريا من المدرسة السعيدية عام 1935، والتحق بعدها بكلية الهندسة جامعة القاهرة وحصل على منحة مجانية من الجامعة بعد تقديم شهادة فقر، وكانت وسيلة مواصلاته عجلة جمعها بنفسه من الخردة.

وبعد تخرجه من كلية الهندسة، عمل مع عمه المقاول لمدة عام ونصف، ولكنه كان يحلم بإنشاء شركة مقاولات لمنافسة الشركات الأجنبية التى كانت تهيمن على السوق المصري، وادخر 180 جنيها، لينشئ شركة عثمان أحمد عثمان للهندسة والمقاولات، التى تحول اسمها فيما بعد لـ المقاولون العرب

وبعد قيام ثورة 23 يوليو 1952، سافر عثمان أحمد عثمان إلى السعودية عام 1953، مع ظهور البترول، ووطد علاقته مع الملك عبد العزيز آل سعود، ونفذ مشروعات كبيرة في المملكة وفي دول الخليج، ثم عاد إلى مصر وشارك في إعادة إعمار بورسعيد بعد العدوان الثلاثي 1956، كما كان لشركته دور كبير فى إنشاء قواعد الصواريخ أثناء الإعداد لنصر أكتوبر المجيد، واستشهد منهم 500 عامل في غرات طيران الاحتلال الإسرائيلي، كما تم تصنيع المعدية التى حملت الطلمبات والمضخات والتى نجحت في فتح الثغرات بخط بارليف في ورش المقاولون العرب.

كما نجح في الحصول على عقود للمساهمة في بناء السد العالي، لتتعمق علاقته بالسلطة أكثر فأكثر، ولكن ذلك لم يمنع الدولة من تأميم شركة المقاولون العرب، وسمح له الرئيس عبد الناصر ولمجلس الإدارة بالاستمرار في تسيير أعمال الشركة.

نقطة تحول

ومثلت وفاة الرئيس عبد الناصر، وتولى الصديق محمد أنور السادات الرئاسة، نقطة تحول فاصلة في  بدأت مرحلة جديدة فى حياة عثمان، حيث توطدت العلاقة بينهما بشكل كبير، من خلال المصاهرة التي حدثت بينهما وزواج محمود عثمان احمد عثمان من جيهان محمد أنور السادات، كما رافق السادات في زيارته إلى الكيان الإسرائيلي عام 1977.

كما شغل عثمان أحمد عثمان ثلاث مناصب وزارية، ونائبا لرئيس الوزراء فى عهد السادات، وهى وزيرًا للتعمير فى 28 أكتوبر 1973، ووزيرا للإسكان والتعمير فى سبتمبر 1974 في حكومة الدكتور عبد العزيز حجازى، وفي مايو 1976 تم تعينه وزيراً للإسكان والتعمير فى حكومة ممدوح سالم، كما صنفته مجلة فوربس الأمريكية من ضمن 400 شخصية ثرية على مستوى العالم فى السبعينات، بعدما نجح في تأسيس أكثر من 170 شركة.

وانتخب أيضا نقيبا للمهندسين عام 1979، وعضوا في مجلس الشعب من 1979 إلى 1990، وشغل منصب أمين عام الحزب الوطني بالإسماعيلية عام 1978، كما تولى رئاسة النادي الإسماعيلى عام 1965م، وحصل معه على بطولة الدوري عام 1967، وبطولة إفريقيا عام 1970، كما منحه النادي الأهلي عضويته الشرفية عام 1966.  

وبدأت الصداقة بين عثمان والسادات منذ وجود الرئيس الراحل بالإسماعيلية فى بداية حياته، كما التقى به فى بورسعيد وقت جهود التعمير بعد العدوان الثلاثى، ونشأت بينهم صداقة عميقة تطورت فيما بعد إلى علاقة عائلية ومصاهرة.

وتحدث الكاتب الصحفي الراحل أحمد بهاء الدين عن تفاصيل العلاقة التي كانت تجمع بين السادات وعثمان، وقال إن الرئيس استدعاه إلى الإسماعيلية لقضاء يومين أو ثلاثة هناك، وذلك حتى يمكن كتابة الخطاب الذي سوف يلقيه الرئيس بمناسبة عيد العمال، ووجده هناك برفقة رجل الأعمال عثمان أحمد عثمان.  

ويحكي بها الدين أن تلك العلاقة كانت بدأت تشتهر ويتحدث عنها الناس، ولكن لم تكن قد توثقت بعد: ويوضح: "لاحظت أنه ما زالت هناك درجة من التكليف بينهما، ولكن اتضح لي بسرعة أن السادات قد أصبح شديد الانجذاب إلى شخص عثمان أحمد عثمان، كان إذا تأخر دقائق عن موعدنا في اللقاء صباحا أو مساء، أخذ السادات يسأل ويتساءل أين عثمان وما الذي أخره في لهفة ملحوظة، كمن يسأل عن شخص صار لا غنى له عنه.

كما ذكر أحمد بهاء الدين الشائعات التي كانت تثار حول علاقة الرئيس برجل الأعمال، وتحدث عن العشاء الذي تناوله عند الدكتور محمد عبدالوهاب وزوجته فاتن الحمامة، مع وزراء ومهندسين مرموقين، حيث تحدث الحضور عن علاقة السادات بالمهندس عثمان أحمد عثمان، وقالوا إنها علاقة مليونير مع رئيس يحب المال أو علاقة مصاهرة، وكان رد "بهاء الدين" وقتها: "إننا أمام شخصين تربطهما علاقة كأنها  نابعة من أعماق نفسية متشابهة تمامًا أو متكاملة إلى أقصى حد، وبالتالي مهما حدث فالسادات لن يستغني عن وجود عثمان معه بعد الآن، لأنه وجد فيه شيئًا يكمله، واعملوا حسابكم على كدة".

ويواصل بهاء الدين: "التحليل النفسي والوجداني الذي شرحته خلال العشاء لم يلق قبولا لدى الحاضرين، لكن تطور علاقة الرجلين بعد ذلك بالشكل الذي صار معروفا، قد أثبت فيما أعتقد ما توقعته، ومهما قيل بعد ذلك عن تطورات هذه العلاقة وتشعبها، فإنني أعتقد أن ما لمحته أصبح هو المفتاح الحقيقي في تفسير تلك العلاقة".

وتوفى المهندس عثمان أحمد عثمان فى مايو سنة 1999 بعد صراع مع المرض.

تم نسخ الرابط