
ما إن أندلع حريق في أحد السنترالات بمحافظة القاهرة(سنترال رمسيس )، والذى شاهدناه على مدار يومين وأثر بشكل جزئي على خدمات الإتصالات والإنترنت، حتى تحول الحدث في ساحة مواقع التواصل إلى ساحة تشكيك وتشويه، تُدار فيها معركة ضد الوطن أكثر من الاهتمام الحقيقي بالأزمة، وكأننا خسرنا أحد المعارك الحربية مع العدو
#المذهل_فجأة، امتلأت السوشيال ميديا بـ"خبراء إلكترونيات واتصالات" يظهرون في الأزمات فقط، يصيغون عبارات منمقة ظاهرها فني، وباطنها سياسي مدفوع، ليقودوا الفكر الجمعي العام إلى فكرة خطيرة: أن البنية التحتية في مصر هشة، وأن الدولة تفتقد للخطط والبدائل.
#لكن الحقيقة؟ هذا الفكر لا يقف على أرض الواقع، بل يعكس فقط عقلية مرتبكة في تحليل الأزمات....
#والسؤال هل البنية التحتية عندنا "هشة" فعلًا؟ دعونا نذكّر من نسي أو يتناسى أن الدولة المصرية كانت من أوائل الدول في المنطقة التي أنشأت وحدة متخصصة للحرب الإلكترونية منذ عام 1970 والجيش المصري في حرب أكتوبر لم يحطم فقط خطوط دفاع العدو على الأرض، بل استطاع في الضربة الجوية الأولى تدمير مراكز التشويش والتنصت، وهو ما كان مفاجأة استراتيجية لدولة كانت تدّعي قدرتها على "قراءة الأفكار داخل رأس الإله"!#فهل يُعقل أن هذه الدولة، بتاريخها الاستخباراتي والعسكري والتكنولوجي، تفتقر اليوم إلى خطط بديلة وتكنولوجيا حماية للبنية التحتية؟
#وهل الكوارث التقنية قاصرة على مصر؟
دعونا نعود للواقع العالمي ونضرب عدد من الأمثلة : #١ـ في يوليو 2021، اندلع حريق في مركز بيانات "OVH" أحد أكبر مقدمي خدمات السيرفرات في أوروبا، ما أدى لتعطيل آلاف المواقع والبورصات والشركات في أكثر من 16 دولة.
#٢ـ الولايات المتحدة الأمريكية، في ديسمبر 2020، تعرضت لهجوم إلكتروني استهدف البنية التحتية لأكثر من 18 وكالة فدرالية، دون أن يخرج أحد ليشكك في كيان الدولة أو يدعو للعودة للحمام الزاجل!
#٣ـ كندا، في يوليو 2022، عانت من توقف تام لخدمات الإنترنت والاتصالات في البلاد بعد خلل في شركة الاتصالات الكبرى "روجرز"، ما شل البنوك والمستشفيات والمواصلات لساعات طويلة.
#السؤال_الأهم هل خرج الشعب الكندي أو الأمريكي أو الفرنسي ليقول: "بلدنا هشة وتنتظر الضربة القادمة لتنهار"؟ بالطبع لا.لكن في كل مرة، يظهر في مصر من يتقمص دور "الخبير الوطني" ليبث الذعر ويطالب بكشف أسرار الدولة واستراتيجياتها، تحت ستار الحرص والانتماء.
#لذا ...الوطنية ليست في الهلع.. بل في الثقة والعقلانية.نقد الدولة حق، والتساؤل حق، لكن صناعة الذعر والإيحاء بانهيار الدولة لأبسط عطل هو ضرب من الجهل أو التربص.
#ومن_هنا ...هناك فرق بين النقد البناء، والتهويل المنظم، فرق بين التساؤل بدافع الحرص، وترويج أفكار تزرع الهلع وتُرسّخ الوهم بأن الدولة على وشك السقوط بضربة واحدة!
#الخلاصة ..إن اختبار الوطنية الحقيقي يظهر في الأزمات.وما بين من يتماسك ويثق ويطالب بحلول عقلانية، ومن يصيح ويروّج للهشاشة والانهيار... يظهر الفرق بين المواطن الحريص، والمخادع الذي يرتدي عباءة الوطنية ليخدم أهدافًا أخرى.
#وفى_النهاية ...القيادة الواعية لا تعلن عن خططها الاحتياطية ولا تفصح عن بدائلها الاستراتيجية في منشور فيسبوك.والدول التي تحترم أمنها القومي لا تُدار بمنطق" الفيس بوك "!