من عبد الناصر حتى السيسي
زعيم في الفن والسياسية.. علاقة عادل إمام بزعماء مصر بين المد والجذر

يمضي اليوم 85 عاما من عمر الزعيم عادل إمام، الذي ملء بفنه أرجاء العالم العربي بهجة وضحك ودراما قوية ورصينة، لكن عادل إمام الملقب بـ "الزعيم" لم يكن زعيما فقط في الفن على مدار تاريخه بل كانت زعامته تمتد لزعماء مصر عبر التاريخ وربما ابعد من ذلك فقد امتدت علاقته بالزعماء العرب مثل ياسر عرفات والقذافي والملك الحسن
وبالعودة علاقاته بزعماء مصر، فقد بدأت بالرئيس جمال عبد الناصر الذي يحتل مكانة خاصة فى قلب عادل إمام، ويعترف بكل فخر:"أنا من الجيل الذى تربى على زعامة عبدالناصر ويعرف فضله ودوره وقيمته، أعظم شيء فى هذا الرجل هو انحيازه للبسطاء والفقراء، أنا لحقت فترة فى آخر أيام الملك فاروق ورأيت بعينى الناس وهى تسير حافية فى الشوارع من الفقر والعوز. أول ما مسك عبدالناصر عمل قرارات لمصلحة هؤلاء البسطاء، أنا واحد من الناس استفاد من مجانية التعليم، وفاكر فى سنوات الجامعة (كلية الزراعة) كنت أحصل على اعفاء كامل من مصاريف الدراسة (24 جنيها) مكافأة لى على تفوقى فى فرق التمثيل، وبعدين شوف النهضة الثقافية والفنية التى حدثت فى عهده"
وقد أتيح لعادل إمام أن يلتقى عبدالناصر مرتين ويراه عن قرب، المرة الأولى وهو تلميذ فى المرحلة الثانوية، وكان فى عز العدوان الثلاثى على مصر عام 1956، وقرر الطالب المتحمس أن يتطوع فى فرق المقاومة الشعبية للدفاع عن الوطن، ويحكى عادل: «ولما راح عبدالناصر يلقى خطابه الشهير من فوق منبر الجامع الأزهر والذى أعلن فيه صيحته المدوية: سنقاتل ولن نستسلم، كنت ساعتها تحت رجليه، قاعد جنب المنبر وبينى وبينه متران ومعى سلاح و12 طلقة حية، ومن فرط حماسى تمنيت ساعتها إنى أروح أحارب وأنال الشهادة.
أما اللقاء الثانى فكان بعدها بنحو ثمانى سنوات، وكان عادل إمام فى أول مشواره مع النجومية بعد أن لمع فى دور «دسوقى أفندى» بمسرحية «أنا وهو وهى» مع فؤاد المهندس وشويكار، يحكى عادل: «كنت يومها فى مصر الجديدة وراجع بيتنا فى الجيزة سيرا على الأقدام لأن جيبى ليس فيه ولا مليم، كنت بمفردى وماشى سرحان، وفجأة لقيت سيارة «سيات» صغيرة تقترب منى، وابتسم لى قائدها ورفع لى يده بالتحية، وأفقت من شرودى على جمال عبدالناصر، كان يقود سيارته ومعه المشير عبدالحكيم عامر، ويسيران دون حراسة ولا هيلمان، أنا شفت المنظر ارتبكت ولقيت نفسى أصرخ من الفرح: جمال عبدالناصر!..ولقيت نفسى أبكى بدون سبب مفهوم..وقتها أنا كنت أعمل «أنا وهو وهى» والناس كانت تردد جملتى المشهورة فى المسرحية: بلد شهادات صحيح..الطريف أننى بعد ذلك أصبحت صديقا للدكتور عبدالقادر حاتم وزير إعلام وثقافة عبدالناصر، وحكى لى إن عبدالناصر اتصل به مرة يسأله: الأولاد عندى بيحبوا الجدع بتاع بلد شهادات صحيح..هو يقصد إيه بالجملة دى؟».
إحنا بتوع الاوتوبيس
وبالرغم من أن عادل امام عاش الأحلام الكبرى فى زمن عبدالناصر، وآمن بها وصدقها، وتضاعفت محبته لعبدالناصر بسبب مقالات هيكل وكتاباته، إلا أن عادل إمام ذته قب بدور فيلم "إحنا بتوع الاوتوبيس" الذي كان ينتقد الحقبة الناصرية وسياستها وعمليات الاعتقال العشوائي التي تمت في عهده .
ويروي عادل امام يوم وفاة عبد النااصر :"أنا كنت فى الزمالك وكنت أنا ومراتى لسه مخطوبين ورحنا الزمالك نأكل فى مطعم، قبل دخولنا لقيت رجل أسمر بسيط يصرخ: عليه العوض، افتكرت أنه تعرض لعملية نصب، سألت صاحب كشك السجائر بجانبه: هو فيه حاجة؟، قال لي: أصل عبدالناصر مات!، سألته بسذاجة: عبدالناصر مين؟..لم أتخيل يوما أن عبدالناصر يمكن أن يرحل كبقية البشر!..ولا يمكن أن أنسى منظر جنازته، ولا وصف هيئة الإذاعة البريطانية لها: مصر تودع آخر الفراعنة!».
وعن علاقته بأسرة عبدالناصر يحكى عادل: «أصبح أولاده من أعز أصدقائى خاصة عبدالحكيم وخالد..مرة كنت فى كافيتريا «aftar 8» بوسط البلد وقابلت خالد عبدالناصر، قال لي: ما تيجى تتغدى معانا بكره يا عادل، أيامها كنت مشغولا بتصوير فيلم «الهلفوت» وكنا نصور مشاهده فى مدينة الإسماعيلية وأعود لأقضى يومى الخميس والجمعة فقط مع أسرتى، حاولت أعتذر، لكن خالد اقترح: وأنت مسافر الإسماعيلية عدى علينا"
كلب السادات
ومن مواقف الزعيم مع الرئيس الراحل أنور السادات، يقول أنه خلال فترة السبعينيات وأثناء تقديمه لـ مسرحية "قصة الحي الغربي"، التي كانت تتضمن - وفق إطار كوميدي - انتقادات عديدة للأوضاع في مصر، فوجئ أنّ زوجته أخبرته عبر الهاتف بورود اتصال له مِن رئاسة الجمهورية المصرية.
وتابع "أنّ الاتصال كان لأمر هام، وأنّ زيارة قريبة سيجريها ممثل عن الرئاسة المصرية إلى بيته"، مضيفاً أنّه خشي - وقتها - مِن غضب "السادات" مِن مسرحيته وفرض قيود عليها، ما دفعه للذهاب سريعاً إلى البيت وانتظارهم في شرفة المنزل.
وبعدها، تفاجأ "إمام" بمجيء سيارة فخمة وقفت أمام باب المنزل، وخرج منها 4 أشخاص يرتدون ملابس بيضاء، مشيراً إلى أنّه "ظنهم مِن مستشفى الأمراض العقلية وأتوا إليه لنقلهِ إلى هناك"، إلّا أنّهم منحوه صندوقاً ضخماً كـ"هدية" مِن الرئيس أنور السادات، الذي اغتيل عام 1981.
واكتشف "إمام" أنّ الهدية التي في الصندوق عبارة عن كلب، مؤكّداً - وفق روايته - أنّ "السادات كان محبّاً بشدة للكلاب وظهر بصحبته أحدهم في أكثر مِن صورة، وفور معرفتهِ بأنّ عادل إمام يجب الكلاب أيضاً، قرّر إهداءه كلباً مِن فصيلة (بلاك جاك)".

أما العلاقة بين الزعيم عادل إمام والرئيس مبارك، فيصفه المقربون بأنها كانت جيدة جدا وكان الزعيم داعما لفترة حكم مبارك حتى من خلال أفلامه التي واجهت التطرف والتشدد بشكل كوميدي، ومن أبرز تلك الأعمال، فيلم "الإرهاب والكباب" مع الكاتب الكبير وحيد حامد، كما قدم فيلم آخر وهو "طيور الظلام" و"حسن ومرقص" وكلها تناقش الفكر المتطرف والإرهاب.
لكن المقربون من الزعيم وصفوا العلاقة بأنها توترت بعد زوج سارة ابنة عادل امام بـ زميلها بالجامعة الأمريكية محمد ابن نبيل مقبل احد قيادات جماعة الإخوان عام 2004، وحضر عقد قرانها قيادات جماعة الإخوان وعلى رأسهم مرشد جماعة الإخوان مهدي عاكف، وكان المأذون وقتها هو الشيخ محمد طنطاوي شيخ الأزهر.
وفي ذلك الوقت ذكرت تقارير صحفية كثيرة، أن الرئيس الأسبق حسني مبارك، قد رفض دعوة حفل زفاف نجلة عادل إمام، كما رفض ابنيه جمال وعلاء حضور حفل الزفاف، علي الرغم من دعوتهم وذلك بسبب تلك المصاهرة للزعيم مع أحد قيادات جماعة الإخوان.

وحول العلاقة بين عادل امام بالرئيس المعزول محمد مرسي، أعرب الفنان المصري عادل إمام عن تفاؤله عقب اللقاء الذي جمعه وعدد من الفنانين بالرئيس محمد مرسي، بعد أن اتضحت صورة الرئيس وشخصيته، وحديث مرسي على الفن وحرية التعبير والابداع والسينما الامريكية.
وقال إمام، إنه طالب الرئيس مرسي بحماية الفن والإبداع من الهجمات الشرسة، التي يقوم بها البعض عليهم منذ ثورة 25 يناير حتى الآن.
وأضاف أن رموز الفن واجهوا سلبيات المجتمع وقضاياه الكبرى في أعمالهم، لذلك ينبغي حمايتهم، لافتًا إلى أنه إذا كان الفن قد وقف دائمًا بالمرصاد للسلبيات، وعالج أغلب القضايا فإنه ينبغي على الدولة حمايته .
وأشار إلى أنه سأل مرسي عن الحكم الديمقراطي وتداول السلطة فرد عليه : هنبقى نتكلم في الموضوع ده بيني وبينك بعدين .

وخلال العصر الحالي كانت العلاقة بين عادل امام والرئيس السيسي علاقة جيدة وحضر أكثر من لقاء بين الرئيس السيسي وعدد من الفنانينين ووصف وقتها أن الشعب المصري لديه حس عالي من الفن والابداع وتذوق الفنون ولديه ايضا ارادة صلبه دفعته للنزول في 30 يونيو ، ولوا هذا الشعب ما كنت أنت "السيسي" جيت في الوقت المناسب الذي يحتاج الناس لك فيه .
لكن الرئيس السيسي انتقد في احدى اللقاءات، فيلم "الإرهاب والكباب" وألقى باللائمة عليه في تحويل "البلد إلى خصم" حتى "هدوها في 2011".
وقال الرئيس السيسي: "بدل ما تجيب فيلم الإرهاب والكباب وتجيب المواطن يشتكي، (الفيلم) خلى البلد خصم، لم يجعل السلبية خصمًا، أنت مفروض تخلي السلبية خصم".
وأضاف: "المواطن الذي لا يعمل هو الخصم وليس البلد. لما حولتها (في الفيلم) لخصم في 2011 هدوها. خلوها إيه؟ هدوها. لولا فضل الله علينا وكرمه لكانت البلد دي زي كل البلاد اللي أنتم شايفينها مقامتش تاني ولا ترجع تاني خلاص".