
عندما كنّا شباباً تداولنا نكتة مفادها ان اليمن مر بضائقة مالية فاجتمع مجلس الشعب اليمني ليبحث عن حلول ، فقال احد النواب الحل عندي نعلن الحرب على الولايات المتحدة الأمريكية فسوف تنتصر علينا وتحتلنا ونصبح جزء منها فتتمتع بالرخاء الامريكي ونستفيد من الحلم الامريكي ، فرع احد النواب يده وصاح معترضاً ماذا لو انتصرنا على امريكا ، وكانت النكته ان احدهم تصور ان اليمن يمكن لها الانتصار على الأمريكان
ولكن لنتابع ما يحدث على ارض الواقع ، فمصر حاربت اليمن لمدة ست سنوات فقد فيها الجيش المصري الكثير من رجاله بدأ بنبيل الوقاد اول شهيد في هذه الحرب من الجانب المصري كما خسرت مصر غطاءها الذهبي لاستمالة القبائل اليمنية وخسرت الكثير من عتادها وخرجت منهكة من هذه الحرب التي كانت مقدمة للهزيمة في الخامس من يونيو عام سبعة وستين ، وكانت مصر عندما قررت دخول هذه الحرب بإيعاز من البيضاني عندما وسوس لعبدالناصر ان يدخل اليمن كانت تظن انها نزهة فصارت وحل غاص فيه الجيش المصري ، وتحالف السعودية والامارات العربية وبعض الدول الغربية عندما قرر خوض حرب في اليمن لم يستطيع تحقيق اهداف هذه الحرب ، وأمريكا وإنجلترا قرّرتا تقليم الأظافر العسكرية لملشيات الحوثي فغاصت في المستنقع اليمني وبعد ان أعلنت ضرب اهدافها بدقة في اليمن نشاهد الحوثي وهو يقصف مطار بنجوريون ويطلق صواريخه رغم تأكيد وزير الدفاع الأمريكي انهم شلوا تماما وحيدوا هذه الصواريخ اليمنية ودمروا منصات اطلاقها ، والان الكيان بدأ حرباً مع اليمن واستطيع ان اقرر نتيجتها من البداية فما حدث مع الجيوش السابقة في حربها مع اليمن سيحدث مع الكيان ولن يستطيع جيش في العالم كسر ارادة اليمن او جعلها تستسلم ، فلماذا؟
اليمن ليس لديها حياة
الموضوع باختصار ان اليمن ليس لديها ما تخسره مادياً من الدخول في اي حرب إلا أرواح الشهداء والجرحى والذين يتحصنون عقائدياً حصناً يجعلهم يطلبون الموت والشهادة ، فاليمن ليس لديها ابراج حديثة تخشى هدمها وليس لديها حياة عصرية تخشى زوالها واليمن قبل القصف وبعده تعيش في الصحراء ويتمتع أهلها بحياة بسيطة هذا فضلاً عن دروب صحراوية وعرة لا يستطيع احدا ان يفك ألغازها الا اليمنيون انفسهم الذين ولدوا وعاشوا في هذه الارض فاصبحت العلاقة بين الارض وساكنيها اقرب الي علاقة عشق يستحيل على دخيل ان يقوض هذا الارتباط ، فستأتي الجيوش وترحل وستدك اليمن بالصواريخ والطائرات ولكن ذلك لن يغير شيئا ً على أرض الواقع ولن يجد بنية تحتية لتدميرها كما لن يقلل من عزم الإنسان على الارض والذي اصبح هو والأرض نسيج واحد لا يقبل الانفصال او الانفصام ، وهنا تكمن قوة اليمن ، فما هي الخسائر التي ستسببها صواريخ الكيان وطائراته ، تدمير مطار مدني وميناء مدنية كل ذلك لن يغير من قواعد اللعبة على الارض ولن يقلل من قدرات اليمن الهجومية لانها ببساطة لا تحتاج قدرات دفاعية إلا بالقدر البسيط الذي يسمح لها بإخفاء منظومة صواريخها بين ارجاء الجبال والصحراء التي تماهوا فيها واصبحوا جزء لا يتجزأ منها ، اما خلاف ذلك تتكفل به تضاريس اليمن التي تلعب دور كجندي اضافي في جيشها ، اما جنود الدول الاخرى فلم يعتادوا حرباً في هذه الظروف المستحيلة بالنسبة لهم.
ومن ناحية اخرى فان جميع دول العالم ليس لديها معلومات مخابراتية ذات قيمة عن اليمن ، فطبيعة اليوم صعبة على نشاط المخابرات والعملاء فمن ناحية الطبيعة القبلية تجعل اي غريب تحت المنظار بمجرد وجوده في اي حي او شارع في اليمن ومن ناحية فان ما تعود عليه العملاء والجواسيس في حياتهم اليومية لن يجدوه في اليمن ، وعلى ذلك فان الكيان وامريكا ليس لديهم اي معلومات مخابراتية ذات قيمة عن اليمن وتجمعات جيشها وتسليحه وطبيعة رجاله وعقيدته العسكرية ، فتصبح الحرب مع اليمن هي حرب مع المجهول ، وعليه فليس علينا إلا انتظار ما سيحدث في الايام القادمة