الأولى و الأخيرة

اكتشاف «منجم لوبيا» و«الفاصوليا» في النهائي

المصريون يواجهون «نار الأسعار» بـ «سيل» من النكات الساخرة

موقع الصفحة الأولى

بالرغم من ارتفاع الأسعار، إلا أن المصريون عرفوا بخفة الدم، خاصة أثناء الأزمات السياسية والاجتماعية لمواجهة ضغوط الحياة، فعلي مدي تاريخه الطويل اشتهر الشعب المصري بالسخرية من كل شيء بالمجتمع، حتى في أصعب الظروف والمواقف التي مر بها كانت النكتة حاضرة بين الناس، فاستحق وصف “شعب ابن نكتة”.
وأصبحت النكتة والسخرية اللاذعة سلاح اجتماعي في مواجهة قرارات الحكومة وأدائها علي مختلف العصور. 
بحسب علماء التاريخ، سخر المصريون من الهكسوس، فصوروهم على جدارياتهم على شكل فئران، وقد جلسوا على مقعد الفرعون، بينما القطط وهى حيوانات فرعونية مقدسة تقوم بخدمتهم، فالمصرى صار ذليلا للمحتل، بينما اضطر نابليون بونابرت لسن عقوبات رادعة تصل اليس الاعدام لمنع تنكيت المصريين علي الجيش الفرنسي، ورغم ذلك لم يقلع المصريون عن عادتهم، ولم تتوقف النكت، أو "الأضاحيك"، كما يقول الجبرتى.
الظاهرة يلخصها المفكر المصرى أحمد أمين فى كتابه "قاموس العادات والتقاليد والتعابير المصرية" إن من صفات المصريين "حب البشاشة والفكاهة والنكتة"، ويضيف أن أشد الناس بؤسا، وأسوأهم عيشة، وأقلهم مالا، وأخلاهم يدا، أكثر الناس نكتة.. ففى القهاوى البلدية، حيث يجلس الصناع والعمال، ومن لا صفة لهم ولا عمل، وفى المجتمعات الشعبية، حيث يجتمع البؤساء والفقراء تجد النكتة تحل بينهم محلا ممتازا.. ونجد ابن النكتة محبوبا مقدرا، يفتقد اذا غاب، ويبجل إذا حضر.. كأن الطبيعة التى تداوى نفسها بنفسها، رأت البؤس داء فعالجته بالنكتة دواء.


توكيل علاء وشقة جمال


ولخصت عشرات النكت المصرية بدقة الحالة السياسية قبل ثورة 25 يناير وبعدها، انتشرت بين جموع الشعب المصري، وتداولها الجميع .
كانت الأولي تلك التى تجمع الرئيس مبارك بالرئيسين الراحلين عبدالناصر والسادات فى الآخرة، فعندما سأله الرئيسان السابقان عن سبب انتهاء فترة حكمه للبلاد، بالقول: منصة ولا سم يا حسني؟، أجاب مبارك: لأَ.. فيس بوك".
أما الثانية فكانت عن حالة الفساد المنتشرة خلال فترة حكم الرئيس مبارك وتقول: عندما كان مبارك على سرير المرض، دعا رئيس الوزراء أحمد نظيف لإعطائه عدد من الوصايا .. وصيتك البلد من بعدى يا احمد، فأجابه نظيف: فى رقبتى يا ريس، الرئاسة هياخدها ابنك جمال هياخدها ابنك جمال.. ثم راح مبارك فى غيبوبة، وأفاق منها بعد قليل وقال لنظيف: وصيتك الشعب من بعدى يا احمد، فأجابه: ما تخافش يا ريس، الشعب ياكل الزلط.. ثم راح مبارك فى غيبوبة ثانية، وأفاق منها بعد قليل وقال له: أحمد، أجابه: نعم يا ريس، قال مبارك: ما تنساش تدي توكيل شركة الزلط لابنى علاء.
أما النكتة الثالتة والتى تعبر عن حالة الفساد أيضا، التى تقول: أن جمال مبارك ذهب الي مكتب وزير الإسكان وطلب تخصيص شقة سكنية له في الأسكندرية، فرحب الوزير وتم التخصيص علي الفور، وفي اليوم التالي ذهب للوزير وطلب تخصيص شقة في أسوان، فتم التخصيص، وفي اليوم الثالث ذهب جمال للوزير طالبا" فتح الشقتين علي بعض".


منجم لوبيا وفاصوليا


وفي أحدث الشهادات للشعب المصري بخفة الدم، كشفت إدارة موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، أن المصريين أكثر شعب يستخدم "إيموجى" الضحك فى الشرق الأوسط، وربما هذا الأمر ليس جديدا، لكنه يأتي في ظل ظروف اقتصادية طاحنة، تعاني منها كافة فئات الشعب المصري.
فمع انفجار الأسعار الذي تشهده مصر حاليا بفعل الأزمة الاقتصادية وضغط الدولار علي الاقتصاد المصري، ورغم الظروف الاجتماعية شديدة الصعوبة نتيجة صدمة المواطنين من أسعار السلع في الاسواق، انتشرت عدد من النكات التى تعبر عن سخرية المصريين من الارتفاعات المتتالية.
وتعبيرا عن حالة الصدمة من ارتفاع الأسعار وخاصة البقوليات بصورة مبالغ فيها حيث تخطي سعر كيلو الفاصوليا البيضا مبلغ الـ 160 جنيه" واللوبيا 120 جنيه، تبادل المصريون نكته تقول " أن الفاصوليا صعدت لتنافس اللحمة في النهائي"، بينما تبادل رواد مواقع التواصل الاجتماعي رسالة من أب لابنه تقول: يا محمد انزل ..أبوك لقّي شوالين فاصوليا ناشفة وعايزين حد أمين يصّرفهم".
كما تداول نشطاء موقعي فيس بوك واكس، خبرا ساخرا يقول: اكتشاف منجم لوبيا في الصحراء الغربيه يكفي احتياجات السوق المحلية والفائض للتصدير.
وانتشرت الكوميكسات الساخرة بين الشباب، ومنها صورة لورقة من فئة الـ 200 جنيه، مكتوب تحتها الإسم: 200 جنيه.. المهنة: 20 جنيه.
صورة أخري لمواطن فقير يستجدي عطف الجزار الذي يعلق خلفه "اللحمة" مكتوب عليها 400 جنيها للكيلو، قائلا: كل اللي أن محتاجه يا معلم حتة لحمة أد كده ألفه في سيجارة.
تفاعل المصريون مع جنون ارتفاع الأسعار بالتنكيت والسخرية، علي طريقة "هم يبكى وهم يضحك"، وصاغوا من همومهم وأحزانهم مادة للضحك في مواجهة الأزمات للتنفيس عن الغضب من الواقع، بما يعكس قدرتهم على التعايش والتكيف في أصعب الظروف، تماما كما فعل أجدادهم علي مر العصور.
 

تم نسخ الرابط