و الأخيرة

رئيس مجلس الإدارة
أحمد عصام فهمي
رئيس التحرير
محمود الضبع

مواجهة «ضجيج الفجر»

ميكروفونات المساجد بين «قدسية النداء» وخناقات الأهالي لمنع الإزعاج

موقع الصفحة الأولى

مع تجدد الشكوي من ميكروفونات المساجد، جددت وزارة الأوقاف تنبيهاتها المشددة على أئمة المساجد والعاملين بها بضرورة الالتزام بضوابط تشغيل مكبرات الصوت، وذلك عقب تكرار الشكاوى من إذاعة قرآن الفجر والتواشيح عبر المكبرات الخارجية. 
وشددت وزارة الأوقاف على قصراستخدام المكبرات الخارجية على الأذان وشعائر صلاة الجمعة والعيدين فقط، ومنع إذاعة قرآن الفجر أو صلوات التراويح والتهجد عبر المكبرات الخارجية؛ منعاً للتداخل بين أصوات الأئمة وإزعاج المرضى والطلاب والسكان.
وفتح التجهيزات الصوتية داخل المسجد فقط أثناء القراءة أو الصلاة الجهرية، بما يضمن سماع المصلين بالداخل دون اختراق خصوصية المنازل المجاورة.
ومع تكرار الشكاوي طوال السنوات الماضية من ميكروفونات المساجد، وعلى عكس الاعتقاد بتوقفه، لا يزال مشروع الأذان الموحد قائماً ومستمراً، حيث وصل إجمالي المساجد التي فعلت فيها المنظومة في القاهرة الكبرى ومحافظات أخرى إلى أكثر من 3500 مسجد خلال عام 2025. 
وخصصت الحكومة ميزانية تبلغ نحو 5 ملايين جنيه في موازنة العام المالي 2025/2026 لاستكمال التوسع في النظام ورفع كفاءة الوحدات المستخدمة.
وواجه مشروع الآذان الموحد الذي بدأ منذ عام 2010 عدة عقبات أدت لتوقفه لفترات طويلة قبل استئنافه، أبرزها تمثلت في ضعف تغطية إشارات البث وسرقة أجهزة الاستقبال «الرسيفرات» من بعض المساجد عقب أحداث 2011.
إلى جانب عدم توفر الميزانية الكافية لشراء الأجهزة لكل مساجد الجمهورية دفعة واحدة في سنوات سابقة، وكذلك عدم التزام بعض العمال بفتح الأجهزة في التوقيتات المحددة أو رغبتهم في الحفاظ على الأذان بصوتهم المباشر.

إفساد ومنكرات

دعمت دار الإفتاء قرارات الأوقاف، مؤكدة أن إذاعة شعائر الصلاة عبر المكبرات الخارجية تُعد من «المنكرات» إذا أدت لإزعاج الناس، ووصفت ذلك بأنه «إفساد في الأرض» واختراق لخصوصية المواطنين الذين قد يكون بينهم مريض أو صاحب حاجة للنوم. كما استشهدت بالنهي النبوي عن جهر بعض المصلين على بعض بالقرآن لما فيه من تشويش وإيذاء.
شهدت السنوات الماضية بروز عدة مشكلات اجتماعية متعلقة بـ ميكروفونات المساجد، ومنها تداخل أصوات الأئمة، وهي المشكلة الأكثر شيوعاً، خاصة في المناطق المكتظة بالمساجد؛ حيث يؤدي فتح المكبرات الخارجية أثناء الصلوات الجهرية إلى اختلاط الأصوات، مما يسبب تشويشاً على المصلين داخل كل مسجد ويمنعهم من الخشوع والتركيز مع إمامهم.
وكذلك الإزعاج في الأوقات المتأخرة والمبكرة، حيث تكررت الشكاوى من إذاعة تواشيح وقرآن الفجر قبل الأذان بفترات طويلة، أو الاستمرار في استخدام المكبرات الخارجية في صلوات التهجد، مما يؤثر على راحة المرضى، كبار السن، والأطفال في المنازل المجاورة.
ومن أبرز مشكلات ميكروفونات المساجد، الاستخدام غير المخصص للمكبرات، حيث رصدت الوزارة حالات لاستخدام مكبرات الصوت الخارجية في غير الغرض المخصص لها، مثل إذاعة الدروس الدينية، الندوات، أو حتى الإعلان عن الجنازات والمفقودات، وهو ما تعتبره الوزارة مخالفة للضوابط.
كما تثير بعض الأصوات المنفرة أو غير المدربة للمؤذنين والمتطوعين جدلاً واسعاً، حيث طالب المواطنون بضرورة اختيار أصحاب الأصوات الحسنة وتدريبهم، بدلاً من الاعتماد على أصوات تسبب الضيق.
وكذلك المنافسة بين المساجد والزوايا حيث يسعى كل مسجد أو زاوية لرفع مستوى الصوت ليكون الأعلى في المنطقة، مما يحول السكينة المفترضة إلى ضجيج عام.

خناقات المساجد

وخلال السنوات الأخيرة، ظهرت عدة حوادث ومشاجرات ناتجة عن الخلافات حول استخدام ميكروفونات المساجد، وتنوعت هذه الحوادث بين مشاجرات بالأيدي، واعتداءات، وشكاوى وصلت إلى الجهات الأمنية والقضاء.
وشهد مركز المحمودية بمحافظة البحيرة واقعة شهيرة عام 2022، حيث نشبت مشاجرة عنيفة داخل أحد المساجد بين مؤذن المسجد وأحد المواطنين الذي أصر على رفع الأذان بنفسه عبر المكبرات. تطور الأمر إلى كسر الميكروفون وتعذر إقامة صلاة الجمعة، وانتهت الواقعة بتحقيق رسمي من وزارة الأوقاف وتدخل أمني.
في سنوات سابقة، وتحديداً خلال شهر رمضان، وقعت مناوشات في بعض القرى بين الأهالي الذين يطالبون بفتح المكبرات الخارجية لسماع التراويح، وبين مفتشي الأوقاف الذين يحاولون تطبيق القانون بمنع المكبرات الخارجية، ووصلت بعض هذه الحالات إلى التهديد بمنع المفتشين من دخول المسجد.
وفي أكتوبر 2025، تم تسجيل واقعة اعتداء شاب على عامل مسجد في مدينة المحلة الكبرى، والسبب كان محاولة العامل منع نجل الشاب من العبث بمكبرات الصوت ورفع الأذان دون تصريح.
وتكررت المشادات الكلامية بين مواطنين متضررين من الضوضاء التى تسببها ميكروفونات المساجد، ففي ديسمبر 2025، رُصدت مشادة في الجيزة بسبب إصرار عامل مسجد على تشغيل قرآن الفجر عبر المكبرات الخارجية رغم توسلات السكان بسبب وجود مرضى وأطفال يستيقظون مفزوعين من قوة الصوت.

تم نسخ الرابط