«الشرع» بلا محرمات
في أول اختبار للسيادة الوطنية .. خريطة الحكومة السورية بدون الجولان والإسكندرونة
فجرت وزارة الخارجية السورية بركاناً من التساؤلات المشروعة حول ثوابت الأمن القومي والسيادة الوطنية، ففي منشور احتفالي بانتهاء عهد عقوبات «قانون قيصر»، نشرت الخارجية خارطة البلاد بدون هضبة الجولان المحتل جنوباً، ولواء الإسكندرونة شمالاً.
لم يكن منشور وزارة الخارجية السورية مجرد رسم توضيحي عابر، بل اعتُبر وثيقة رسمية صادرة عن الحكومة، مما دفع الكثيرين للتساؤل؛ هل بدأت دمشق فعلياً في تكريس حدود الهزيمة كواقع جديد؟ أم أن ما حدث هو سقطة بروتوكولية تعكس تخبطاً في مطبخ القرار الدبلوماسي؟.
واعتبر السوريون هذا التطور تحولا خطيرا في الخطاب السياسي السوري، الذى يؤكد تراجع ضمني عن المطالبة بالأراضي المحتلة التى تعتبرها دمشق جزءا تاريخيا من الأراضي السورية.
ووصف السوريون الخريطة الجديدة بأنها كسر صريح لـ المحرمات الوطنية التي شكلت ركيزة ثابتة في الموقف السوري على مدي عقود طويلة، ولا يختلف عليها أى سوري بالداخل والخارج.
وأثار نشر الخريطة السورية ردود فعل غاضبة في الأوساط السياسية والشعبية، حيث اعتبر مراقبون أن ما جرى يمثل سابقة تاريخية قد ترقى إلى مستوى انتحار سياسي، لما تحمله من تداعيات خطيرة على السيادة والهوية الوطنية، فضلًا عن انعكاساتها الإقليمية.
الاحتلال التركي والاسرائيلي
وأكد نشطاء سوريون أن هذه الخطوة، سواء كانت مقصودة أو تمهيدية، تعكس تحولات عميقة في توجهات الدولة السورية في مرحلة ما بعد الحرب، وسط تساؤلات حادة حول الضغوط الدولية والإقليمية التي قد تقف خلف هذا القرار، وحول ما إذا كانت دمشق بصدد إعادة تعريف ثوابتها الجغرافية والسياسية.
وبحسب المصادر التاريخية، تم احتلال لواء الإسكندرونة السوري وضمه إلى تركيا بشكل فعلي في 29 يونيو 1939، بعد أن منحته فرنسا بوصفها سلطة الانتداب حكمًا ذاتيًا في عام 1938 ثم تنازلت عنه بموجب اتفاق تركي فرنسي لتأمين موقف تركيا في بداية الحرب العالمية الثانية، مما أدى إلى إعلان ضمّه رسمياً باسم ولاية هاتاي التركية، وهو ما اعتبره السوريون خرقًا لصك الانتداب، ثم أجرت السلطات التركية استفتاءا موجها وتم ضم الأسكندرونة رسميا لتركيا.

وعقب الاستقتاء خرج الشعب السوري في مظاهرات غاضبة بشوارع دمشق وحلب وبقية المحافظات السورية، أطاحت بحكومة جميل مردم، وكانت سببا مباشرا لاستقالة الرئيس هاشم الأتاسي، وأصبحت القضية صداما مباشرا بين تركيا وسوريا طيلة عقود مضت.
وتعتبر سوريا اللواء أرضا محتلة، وما زال ملفه محل نزاع تاريخي وسياسي مع تركيا حتى اليوم.
على جانب آخر، فاجأ الرئيس الأميركي دونالد ترامب الدول العربية، وسوريا تحديداً، بإعلانه الأسبوع الماضي بإعادة التأكيد على القرار الأميركي اعتبار الجولان السوري منطقة تابعة للسيطرة الإسرائيلية.








