إلى المقر الأيقوني الجديد
«قصر العيني» يودع مجلس النواب بعد 160عاماً من الصراع تحت القبة التاريخية
قبل أيام، طوى مجلس النواب صفحة المبنى التاريخي بوسط القاهرة، لتنتقل السلطة التشريعية رسمياً إلى المقر الأيقوني الجديد في العاصمة الجديدة، تاركاً خلفه «جدران شارع قصر العيني» كأثر تاريخي ومتحف يوثق عراقة الحياة النيابية فى مصر التى بدأت قبل 160 عاما.
وسجل موظفوا مجلس النواب «الخميس 18 ديسمبر 2025» آخر أيام عمل فى المقر التاريخي بوسط القاهرة والانتقال إلى المبنى الجديد ليبدأ جميع العاملين بالمجلس دوامهم في مقر العاصمة الجديدة الأسبوع المقبل، قبل استقبال الأعضاء الجدد من نواب 2025.
يعود تاريخ إنشاء المقر التاريخي لمجلس النواب إلى عهد الخديوي إسماعيل في عام 1866، وتم تصميم المبنى ليجمع بين الطراز المعماري الأوروبي المتأثر بالنهضة الفرنسية وبين الزخارف الإسلامية والفرعونية العريقة.
وشهد مبني البرلمان انعقاد أول جلسة لـ مجلس شورى النواب في 25 نوفمبر 1866، الذى كان يتكون وقتها من 75 عضواً.
وشهد المبنى تحديثات كبرى في العشرينيات من القرن الماضي عقب دستور 1923، ليأخذ شكله الحالي الذي يضم القاعة الرئيسية المستديرة والمتحف البرلماني.
ويضم مجمع مجلس النواب سواء في المقر التاريخي أو الجديد وقتها، مجموعة من القاعات الرئيسية المخصصة للجلسات العامة، واستقبال كبار الزوار، واللجان المتخصصة، وهي قاعة الجلسات العامة أو القاعة الرئيسية، التى تمثل قلب البرلمان والمكان الذي تُعقد فيه الجلسات الرسمية والمناقشات التشريعية.
وتتميز بتصميم كلاسيكي من طابقين وشرفات تطل على مقاعد الأعضاء، وتتزين بزخارف نباتية تعود لعشرينيات القرن الماضي، وفى إطار التجديدات تم تصميمها على شكل دائري بقطر 70 متراً، وتتسع لأكثر من 1000 عضو، وتعلوها قبة ضخمة بقطر 50 متراً.
وتعتبر القاعة الفرعونية المعروفة بالبهو الفرعوني، من أجمل وأهم القاعات في المقر التاريخي، وهى القاعة التى تُستخدم لاستراحة النواب خلال فترات انعقاد الجلسات، وترتبط القاعة بمتحف تاريخ الحياة البرلمانية، وتتميز بنقوش وتصاميم مستوحاة من الحضارة المصرية القديمة.
مسرح الأحداث الدرامية
ويضم مبني مجلس النواب كذلك، أجنحة مخصصة لاستراحة رئيس الجمهورية، ورئيس مجلس الوزراء، والوزراء خلال زياراتهم للمجلس، إلى جانب عدة قاعات مخصصة لاستقبال كبار الشخصيات والوفود، وتُعرف بمسمياتها اللونية أو السياسية، وهي الزرقاء والحمراء، وهي قاعات استقبال رسمية متميزة بالفخامة والأثاث الكلاسيكي.
أما القاعة العربية فهي مخصصة لاستقبال الوفود العربية واللقاءات الدبلوماسية . كما يضم مبني مجلس النواب قاعات اللجان النوعية واستراحات الدولة، ومنها قاعات الاستماع مجهزة لعقد جلسات الاستماع للمواطنين والخبراء حول القوانين الجديدة، فضلا عن 10 قاعات مخصصة لاجتماعات اللجان البرلمانية النوعية. وتعتبر أحدث قاعات مجلس النواب، قاعة 25 يناير وخُصصت لتكون مركزاً إعلامياً أو للمؤتمرات.
ولم يكن مبنى مجلس النواب فى المبنى التاريخي بوسط القاهرة مجرد ساحة للنقاش، بل كان مسرحاً لأحداث درامية غيرت وجه مصر، فقد شهد المبنى صراعات حادة بين حزب الوفد بزعامة سعد زغلول والملك فؤاد، حيث تم حل البرلمان عدة مرات في فترات قياسية، أبرزها في عام 1924 عقب أول انتخابات برلمانية حقيقية.
وشهدت قاعته خطابات تاريخية لزعماء عالميين، من بينهم الرئيس الفرنسي شارل ديجول، والرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون، والزعيم الجزائري هواري بومدين.
وشهد مبني البرلمان التاريخي، في 19 أغسطس 2008، شهد المبنى حادثاً مأساوياً حيث اندلع حريق هائل التهم مبنى مجلس الشورى التابع للمجمع البرلماني بالكامل، وامتدت النيران لتلتهم أجزاءً من مكاتب اللجان البرلمانية، وهو الحريق الذى تسبب في صدمة شعبية، حيث ضاعت معه بعض الوثائق التاريخية.








