و الأخيرة

رئيس مجلس الإدارة
أحمد عصام فهمي
رئيس التحرير
محمود الضبع
موقع الصفحة الأولى

 تتطور التكنولوجيا في عالمنا اليوم بسرعة مذهلة، لكن أهم ما فيها ليس الأجهزة أو البرمجيات، بل كيف نستخدمها لخدمة الناس والمجتمع. من هذا المنطلق، أقدّم في هذا المقال مفهوم الذكاء الاصطناعي النسوي كأداة واقعية لتعزيز دور المرأة في مصر. وعند الحديث عن الذكاء الاصطناعي النسوي، أعني به الأنظمة والبرامج التي صممت خصيصًا لتفهم احتياجات النساء، وتساعد في حل مشكلاتهن اليومية، سواء في التعليم أو العمل أو الصحة أو الحياة الرقمية. ولا تعتبر هذه التقنيات فقط مجرد أداة فنية، بل هى شريك عملي يمكنه تمكين النساء وفتح الفرص لهن بطريقة ملموسة وواقعية.

بداية لا يمكن تجاهل الفجوات الكبيرة بين الرجال والنساء في مصر، سواء في الأجور، او في فرص الترقية أو الحماية الرقمية أو الصحة. الذكاء الاصطناعي النسوي يمكن أن يكون أداة لتحديد هذه الفجوات بدقة، وتحويل المعلومات إلى سياسات ومبادرات عملية تساعد النساء على الوصول إلى الفرص التي يستحقنها، بعيدًا عن الشكلية أو التمثيل الرمزي.
في الحياة العملية، يمكن أن تساعد هذه الأنظمة النساء على تطوير مهاراتهن لمواكبة سوق العمل، أو دعم مشاريعهن الصغيرة، وتوجيههن نحو فرص التمويل والتسويق بشكل أكثر فاعلية. ففي مجا الصحة، تتيح التحليلات الرقمية تحسين الرعاية، خصوصًا في الصحة الإنجابية وأمراض النساء. كما توفر المنصات الرقمية وسائل لحماية النساء من التحرش والتنمر، مع تقديم الدعم القانوني والاجتماعي للمتضررات ريادة الأعمال النسوية تستفيد أيضًا من هذه الأدوات، إذ تساعد على التعرف على احتياجات المشاريع، والوصول إلى التمويل المناسب، وتسويق المنتجات بطرق مبتكرة. هكذا تتحول التكنولوجيا إلى شريك حقيقي في التمكين الاقتصادي والاجتماعي للمرأة، وتزيد من مشاركتها الفاعلة في بناء المجتمع.

 

 تعاون  بين الدولة والجمعيات  

يحتاج  تحقيق هذه الرؤية إلى تعاون وثيق بين الدولة والجمعيات النسوية. على الدولة وضع سياسات واضحة لدعم النساء، وتمويل مشاريع تراعي خصوصيتهن الرقمية، وحماية بياناتهن الشخصية. في المقابل، تقع على الجمعيات النسوية مسئولية تدريب النساء على التكنولوجيا، ومتابعة أداء الأنظمة المبتكرة لضمان العدالة، ونشر الوعي بحقوقهن الرقمية والاجتماعية، وربط ذلك بمبادرات عملية تشمل تنظيم ورش عمل، وبرامج إرشاد، ودعم المشاريع الصغيرة.


وفي هذا السياق، أرى أن المجلس القومي للمرأة يمكن أن يقود برنامجًا وطنيًا شاملًا يركز على الذكاء الاصطناعي النسوي، يشمل التدريب الرقمي، ودعم المشاريع الصغيرة، والحماية الرقمية، وتعزيز مشاركة النساء في الاقتصاد والسياسة. هذا البرنامج سيكون حال تطبيقه خطوة عملية وقابلة للتنفيذ لتعزيز العدالة وتمكين النساء بشكل حقيقي، ويجعل مصر نموذجًا للتقدم والمساواة في المنطقة.

إن إدماج النساء في الثورة التكنولوجية ليس مجرد مطلب للعدالة، بل شرط أساسي لتحقيق التنمية الشاملة في مصر. فالذكاء الاصطناعي النسوي يمكن أن يتحول من فكرة إلى واقع إذا توفرت الإرادة السياسية والتعاون المجتمعي. ما نحتاجه اليوم هو أن ننتقل من النقاش إلى التنفيذ، ومن التصورات إلى البرامج، حتى تصبح المرأة شريكًا كاملًا في صياغة المستقبل الرقمي للبلاد. عندها فقط سنضمن أن يكون التقدم التكنولوجي وسيلة لزيادة المساواة والازدهار، لا لتكريس الفجوات.

تم نسخ الرابط