و الأخيرة

رئيس مجلس الإدارة
أحمد عصام فهمي
رئيس التحرير
محمود الضبع
موقع الصفحة الأولى

في أواخر عام 2025 يعمّ الترقب والقلق أوساط كثيرة من عشاق التوقعات الروحانية والفلكية سواء في الوطن العربي أو خارجه يجتمع العرافون والمنجمون —من ليلى عبد اللطيف وماغي فرح في لبنان إلى تفسيرات بابا فانجا ونوستراداموس القديمة— على صورة عام واحد يحمل في طياته تحولات عميقة ، كأن العالم يقف على عتبة مرحلة جديدة تماماً.
يبدأ الأمر في الشرق الأوسط، حيث يصف الكثيرون المنطقة بأنها ستشهد فوضى متصاعدة خلال النصف الأول من 2026. لبنان وسوريا والأردن وفلسطين وتركيا تُذكر مراراً كمناطق ستتعرض لتغييرات جذرية ، ربما تصل إلى إعادة رسم بعض الحدود أو تقسيم فعلي. في سوريا ، كما يتحدث بعض المنجمين العرب عن “مرحلة الحسم الأخير” مع توترات قوية تبدأ من فبراير/شباط وتصل ذروتها في يوليو/تموز، وربما تؤدي إلى تفتيت أو تقسيم مناطقي بدلاً من حرب شاملة.
أما لبنان، فيبقى معلقاً في أزمة طويلة، مع إشارات إلى أن “الحسم” قد يأتي عبر مفاوضات صعبة أكثر من مواجهات عسكرية واسعة ، وفي مصر والعراق تتفاوت التوقعات بين نهضة اقتصادية محتملة واضطرابات سياسية داخلية ، بينما يُحذر البعض من “مؤامرة” تستهدف شخصية عربية بارزة أو حتى اغتيال عسكري يهز التوازن الإقليمي.
على الصعيد العالمي، تتكرر كلمة “الحرب العالمية الثالثة” كإنذار متكرر في أحاديث العرافين. بابا فانجا —التي تُنسب إليها نبوءات عن صراعات كبرى— تُفسر توقعاتها على أن 2026 قد يشهد تصعيداً خطيراً ، خاصة حول تايوان حيث قد تتحرك الصين بقوة مما يجر الولايات المتحدة وروسيا إلى مواجهة مباشرة أو غير مباشرة. نوستراداموس و”النوستراداموس الحي” (آثوس سالومي) يُضاف إليهما في التحذير من صراعات هجينة أو حروب محدودة تتحول تدريجياً إلى أزمة عالمية في الوقت نفسه يرى آخرون أن الفترة من 2026 إلى 2028 ستكون “نقطة اللاعودة”، مع انهيار جزئي في النظام المالي العالمي (ربما الدولار) وصعود قوي للصين وروسيا كقوى مهيمنة جديدة.
كما يتحدث بعض المنجمين عن قفزات علمية مذهلة في 2026: سيطرة أكبر للذكاء الاصطناعي على الحياة اليومية ، تقدم طبي في علاج السرطان وزراعة الأعضاء ، وحتى حديث غريب عن “اتصال مع حضارة جديدة” أو كائنات فضائية في نوفمبر/تشرين الثاني. كوارث مناخية عنيفة —فيضانات ، حرائق ، جفاف— تُذكر كثيراً، مع توقع أن تتسارع الأحداث بشكل غير مسبوق بعد منتصف العام.
في النهاية، يتفق معظم هؤلاء العرافين —رغم اختلاف أساليبهم— على أن 2026 ليس عاماً عادياً؛ إنه بوابة تحول كبير، تمهيد لنظام عالمي مختلف سواء بالحرب والفوضى أو بالاختراقات العلمية والروحية يبقى السؤال معلقاً: هل ستتحقق هذه الرؤى، أم ستبقى مجرد أصداء لمخاوفنا وآمالنا في زمن مضطرب؟ يتسارع فيه نبض الأحداث وتتشابك فيه خيوط السياسة والأخلاق والروح ، يبدو أن كثيرًا من العرافين والمنجمين – رغم اختلاف منابعهم – يشتركون في رؤية واحدة: أن التغييرات الكبرى التي يتحدثون عنها ليست مجرد صدفة جيوسياسية أو اقتصادية، بل هي استجابة كونية لانحراف عميق في بوصلة الإنسانية جمعاء.


يقولون إنه حين يُرى الضلال هدى، والظلم عدلاً وحين تُراق دماء الأبرياء في كل مكان – ولاسيما في غزة التي أصبحت رمزًا داميًا للصمت العالمي – فإن السماء لا تبقى صامتة ، يرون في استمرار المجازر وفي تشريع الشذوذ وتسويقه كحرية شخصية وفي قلب الموازين الأخلاقية رأسًا على عقب علامات تشبه تمامًا ما حدث مع عاد وفرعون وقوم لوط وسدوم وعمورة. تمردٌ جماعي، واستكبارٌ على الحق، وانحرافٌ مستدرج يُغلف بالحضارة والتقدم، حتى يظن الناس أنهم على صواب.
لهذا يتكرر في رؤاهم أن الفترة القادمة – خاصة ما بين 2026 و2030 – ستشهد اهتزازات ليست سياسية فقط بل كونية وروحية ، يتحدث بعضهم عن كوارث طبيعية غير مسبوقة كأنها “عقوبات إلهية” ترد التوازن ، وآخرون عن انهيارات اقتصادية تُسقط عروش المتكبرين، وثالثون عن ظهور شخصيات أو أحداث تكشف الوجوه الحقيقية للأمم والحكومات.
ويجمع أغلبهم على أن غزة تحديدًا ليست مجرد أرض محتلة بل أصبحت مرآة تعكس ضمير العالم كلما طال الصمت عليها أو تبرير القتل فيها اقتربت ساعة الحساب الكبرى – ليس حسابًا سياسيًا فحسب بل حسابًا يشمل السماء والأرض معًا.
يقول أحدهم بعبارة تتردد كثيرًا في المنتديات الروحانية: “ما ظلم قومٌ أنفسهم كما ظلمنا اليوم فإذا انقلب الحق باطلاً والمعروف منكرًا فانتظروا ساعة لا ينفع فيها ندم ولا اعتذار”.
ربما لهذا السبب يصفون السنوات القادمة بأنها “زمن التمحيص”، زمن ينكشف فيه الزيف، وتسقط الأقنعة، ويعود الحق إلى نصابه – لكن بثمن باهظ إذا لم نستدرك قبل فوات الأوان ، إن كثيرًا من المفكرين يرونها ليست مجرد تغييرات، بل تصحيحًا إلهيًا لمسار انحرف به الإنسان قرونًا طويلة.
في أعماق الرؤى التي يشاركها العرافون والمنجمون يتردد صدى نصوص مقدسة تربط بين انحراف الأمم الأخلاقي والسياسي وبين تدخل السماء لإعادة التوازن. إن ما نشهده اليوم – من ظلم يُلبس ثوب العدل ودماء أبرياء تُراق في غزة وغيرها دون حساب ، وتشريع للشذوذ وترويج له كحق مشروع – يُذكّر كثيرين بما حذرت منه الكتب السماوية الثلاثة: التوراة والإنجيل والقرآن، أن الأمم إذا تمادت في الطغيان والفساد، فإن ساعة التصحيح تأتي لا محالة.
ولنتدبر سويا نصوص الكتب السماوية الثلاث ، ففي التوراة تتحدث سفر التكوين عن قوم لوط في سدوم وعمورة، حيث انحرفوا انحرافاً أخلاقياً شديداً فأصبح الفاحشة (الشذوذ) علانية بينهم. قال الرب:
«صَرْخَةُ سَدُومَ وَعَمُورَةَ قَدْ كَثُرَتْ، وَخَطِيَّتُهُمْ قَدْ عَظُمَتْ جِدًّا» (تكوين 18: 20).
ثم أمطر عليهم كبريتاً وناراً من السماء، فأهلك المدينتين تماماً ، وفي سفر التثنية يحذر موسى بني إسرائيل:
«إِنْ سَمِعْتَ فِي إِحْدَى مُدُنِكَ… أَنَّ أُنَاسًا أَبْنَاءَ لَئِيمِينَ قَدْ خَرَجُوا… وَقَالُوا: لِنَذْهَبْ وَنَعْبُدْ آلِهَةً أُخْرَى… فَتَضْرِبُ سُكَّانَ تِلْكَ الْمَدِينَةِ بِحَدِّ السَّيْفِ وَتُحَرِّمُهَا وَكُلَّ مَا فِيهَا» (تثنية 13).
كما يتكرر في الأنبياء أن الله يستخدم الأمم والكوارث لمعاقبة شعبه حين ينحرف: «لأَنَّهُ هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: مِنْ أَجْلِ أَنَّكُمْ قَدْ أَكْثَرْتُمْ مِنَ الآثَامِ أَكْثَرَ مِنَ الأُمَمِ الَّذِينَ حَوْلَكُمْ… فَإِنِّي أَنَا أَعْمَلُ فِيكُمْ كَمَا عَمِلْتُمْ» (حزقيال 5).
وفي الانجيل العهد الجديد فإن المسيح يحذر في إنجيل متى من أيام تشبه أيام نوح ولوط:
«وَكَمَا كَانَ فِي أَيَّامِ نُوحٍ كَذلِكَ يَكُونُ أَيْضًا مَجِيءُ ابْنِ الإِنْسَانِ… كَذلِكَ يَكُونُ فِي أَيَّامِ لُوطٍ: كَانُوا يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ وَيَشْتَرُونَ وَيَبِيعُونَ وَيَغْرِسُونَ وَيَبْنُونَ، وَلكِنْ فِي الْيَوْمِ الَّذِي خَرَجَ فِيهِ لُوطٌ مِنْ سَدُومَ أَمْطَرَ نَارًا وَكِبْرِيتًا مِنَ السَّمَاءِ فَأَهْلَكَ الْجَمِيعَ. كَذلِكَ يَكُونُ فِي الْيَوْمِ الَّذِي فِيهِ يَظْهَرُ ابْنُ الإِنْسَانِ» (متى 24: 37-39، لوقا 17: 28-30).
وفي رسالة رومية يصف بولس حالة الأمم حين تترك الفطرة السليمة:
«لِذلِكَ أَسْلَمَهُمُ اللهُ… إِلَى هَوَى نَجِسٍ… نِسَاؤُهُمُ اسْتَبْدَلْنَ الاسْتِعْمَالَ الطَّبِيعِيَّ بِالَّذِي ضِدَّ الطَّبِيعَةِ، وَكَذلِكَ الذُّكُورُ أَيْضًا تَارِكِينَ اسْتِعْمَالَ الأُنْثَى الطَّبِيعِيَّ اشْتَعَلُوا بِشَهْوَتِهِمْ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ… فَاسْتَحَقُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ جَزَاءَ ضَلاَلِهِمِ الْمُوَافِقَ» (رومية 1: 24-27).
ومن القرآن الكريم:
يصف الله مصير الأمم السابقة التي تجاوزت الحدود:
﴿وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا﴾ (مريم: 98).
وعن قوم لوط تحديداً:
﴿وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ * إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ﴾ ثم ﴿فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ﴾ (الأعراف: 80-84).
وعن فرعون ومن معه:
﴿فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى﴾ (النازعات: 25).
ويحذر القرآن الأمم الحاضرة:
﴿أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ * وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ﴾ (يس: 31-32).
وأبلغ تعبير عن الظلم الذي يستفز السماء:
﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا﴾ (البقرة: 114)، و﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ﴾ (الشعراء: 227).
هذه النصوص الثلاثة – رغم اختلاف سياقاتها التاريخية – تتفق على مبدأ واحد: حين يعم الفساد الأخلاقي والظلم السياسي ويُقلب الحق باطلاً والمعروف منكراً، فإن الله لا يترك الأرض بلا حساب. والكثير من الرؤى والتوقعات التي نسمعها اليوم من العرافين والمنجمين مهما كانت طريقتهم تستمد قوتها من هذا الإحساس العميق بأن التاريخ المقدس يعيد نفسه ، ان غزة وما يحدث فيها اليوم ليست مجرد أزمة سياسية بل اختبار أخلاقي للبشرية كلها، وإن طال الصمت فإن السماء لن تصمت إلى الأبد.
وبعد ان نتدبر كل هذا نتيقن انها ليست خرافات منجمين ولا اتباع عرافين ولكنها نبوءات اخبر بها الأنبياء والمرسلين فلا يمكن ان يستمر الظلم والفجور والفاحشة دون عقاب جماعي الاهي واخيرا اختم بقوله سبحانه وتعالى "ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (41) سورة الروم

تم نسخ الرابط