و الأخيرة

رئيس مجلس الإدارة
أحمد عصام فهمي
رئيس التحرير
محمود الضبع
موقع الصفحة الأولى

في لحظةٍ حرجةٍ من تاريخ الوطن، وبين قرارٍ خطيرٍ اتّخذته حكومة نواف سلام بشأن سحب سلاح المقاومة، وبين غضبٍ شعبيٍّ بدأ يلوح في الأفق… يبرز سؤالٌ مصيريٌّ، ماذا لو نزل الشّعب إلى الشّارع وفرض على رئيس الحكومة الاستقالة؟
هل ستتراجع الحكومة عن قرارها؟
هل يسقط نواف سلام من على منبر الحكم أمام هدير النّاس؟
ألشّارع يمكن أن يُسقط أيّ حكومةٍ إذا فقدت الثّقة الشّعبيّة، خاصّةً في ظلّ غياب الإنجازات مع استمرار الانهيار الاقتصادي، وضياع أموال النّاس.
هل نحن أمام بداية تصحيحٍ لمسارٍ خاطئ، أم بدايةٍ لانهيارٍ أكبر؟
ماذا لو استقال نوّاف سلام؟
استقالة رئيس الحكومة تحت ضغطٍ شعبيٍّ هائل ليست مجرد حدثٍ سياسيٍّ، بل زلزال وطنيّ بكلّ ما تحمله الكلمة من معنى، حينها تتحوّل الحكومة إلى تصريف أعمالٍ عاجزةٍ عن تنفيذ أيّ قرارٍ سياديّ.
ندخل في فراغٍ حكوميٍّ دستوريٍّ، تتعطّل فيه الاستشارات و تتأخّر وسط انقساماتٍ نيابيةٍ عميقةٍ.
قرار نزع سلاح المقاومة يُعلّق تلقائياً، ما يُعتبر انتصاراً لخطّ الدّفاع الوطنيّ وصدّاً لمحاولة انتزاع آخر أوراق القوّة من يد لبنان في وجه العدوان.
لكن في المقابل، ثمن هذا الانتصار قد يكون باهظاً، فوضى سياسيّة، انهيارٌ اقتصاديٌّ متسارعٌ، وربما خطر الانزلاق إلى الشّارع المضادّ، حيث تبدأ معركة “الشّارع بالشّارع”، كما هدّد نواف سلام نفسه بها.
فمن يقف وراءه؟ ومن سيدفع ثمن الدّم إذا انكسر التّوازن؟
وفي خضمّ هذه التّوتّرات، يتزايد الخوف من اغتيال شخصيةٍ وازنةٍ قد تُشعل نار الفتنة في البلاد، تماماً كما حدث في محطّاتٍ مفصليةٍ سابقة.
وقد يكون هذا للأسف هو المطلوب فعلاً، تفجيرٌ داخليٌّ يُعيد خلط الأوراق، ويوجّه الأنظار بعيداً عن القرار الأخطر، أي سحب سلاح المقاومة.


ماذا لو لم يستقل؟


إذا تمسّك نواف سلام بالحكم متجاهلاً أصوات اللّبنانيين، فنحن أمام خيارٍ أخطر وهو انقسامٌ داخليٌّ بين مؤيّدين ورافضين، واصطفافاتٌ طائفيّةٌ وسياسيّةٌ خطيرةٌ، وتوسّع رقعة الاحتجاجات لتتحوّل إلى عصيانٍ مدنيٍّ وطنيّ، قد يُطيح بكامل الطّبقة السّياسيّة.
إحراجٌ كبيرٌ لمؤسّسات الدّولة، وعلى رأسها الجيش، في كيفية التّعامل مع شارعٍ ينفجر في وجه قرارٍ يراه استسلاماً، لا إصلاحاً.
هل تتراجع الحكومة عن قرارها؟
ألواقع أنّ حكومة نواف سلام ليست مطلقة الصّلاحية، فهي محكومة بموازين قوى دقيقة، إن نزل الشّعب موحّداً، شامخاً، في مشهدٍ يتجاوز الأحزاب والطّوائف، لن تصمد الحكومة أمامه.
إن انقسم الشّارع، أو وُجّهت الاحتجاجات سياسياً أو مذهبياً، فقد يتمّ تحوير النّقاش، ويُستبدل القرار بسياسات الأمر الواقع، أمّا إن وقف الجيش إلى جانب النّاس، أو التزم الحياد الإيجابيّ، فقد يكون ذلك الفيصل الّذي يُرغم الحكومة على التّراجع أو الرّحيل.
لبنان اليوم أمام لحظةٍ مفصليّةٍ...
هذه ليست أزمة حكومة، بل أزمة هويّة وطن.
لبنان اليوم يقف أمام مفترقٍ تاريخيٍّ، هل ننزع سلاح من واجه إسرائيل يوماً ، بينما المحتل لا يزال في أرضنا؟
هل نترك المقاومة وحدها في الميدان، بينما العدو يغتال ويقصف ويهدّد كلّ يوم؟ لو الشّعب قرّر أن ينزل إلى الشّارع، فليس فقط ليُسقط حكومة، بل ليحفظ ما تبقّى من كرامة الوطن.
ولأنّ التّاريخ لا يرحم، فإنّ السّاكت اليوم، سيكون غداً شريكاً في الخطيئة.
هل الشّارع جاهزٌ فعلاً للمواجهة المنظّمة؟  
‎أم أنّ الغضب سيبقى مجرّد تنفيسٍ دون تغييرٍ فعليّ؟

تم نسخ الرابط