و الأخيرة

رئيس مجلس الإدارة
أحمد عصام فهمي
رئيس التحرير
محمود الضبع

تساؤلات حول غياب الأمن السيبراني

انتفاضة غضب في البرلمان بسبب حريق سنترال رمسيس ومطالبات بإستقالة الحكومة

موقع الصفحة الأولى

موجة غضب عصفت بمجلس النواب اليوم بسبب أحداث حريق سنترال رمسيس، جلال الجلسة العامة للبرلمان، حيث بدأت بانتقادات لاذعة وجهه الدكتور حنفي جبالي رئيس المجلس، بسبب غياب وزير الاتصالات عن مناقشة تداعيات حريق سنترال رمسيس، مؤكداً أن حضوره كان أمراً "يتعين عليه الحضور، هذه أدنى درجات المسؤولية".

وتساءل جبالي: "هل سيقف النواب عاجزين أو ساكتين؟" مشيراً إلى أنه كان من المفهوم أن يناقش المجلس هذا الموضوع الهام بحضور الوزير المعني.

 من جانبه، علّق المستشار محمود فوزي، وزير الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، مبرراً غياب وزير الاتصالات بقوله: "الحكومة ملتزمة تماماً بالحضور في كل وقت أمام مجلس النواب".

 وأوضح فوزي أن طبيعة البيان العاجل، كونه غير مدرج مسبقاً على جدول الأعمال، جعلت من "المهم حضور الوزير في موقع الحدث، وفي موقع المسؤولية لمتابعة انتظام الأعمال"، مؤكداً أن "الحكومة تتكامل مع بعضها".

خلال الجلسة العامة لمجلس النواب المعقودة اليوم الثلاثاء، وبعد رد وزير الشئون النيابية والقانونية على البيانات العاجلة المقدمة بشأن حادث سنترال رمسيس، عقَّب المستشار الدكتور حنفي جبالي رئيس المجلس، متوجها بخالص التعازى والمواساة لعائلات الشهداء الأربعة، متمنياً للمصابين الشفاء العاجل، مشيراً ان ما أوضحه وزير الشئون النيابية ينم عن ضرر جسيم يقع خلفه مباشرة خطأ جسيم. قائلا: (يعني هناك أخطاء جسيمة يا وزير وحضرتك اعترفت بهذا، أى خطأ جسيم نتج عنه وفيات ينم عن أخطاء جسيمة للوزارة، هذا خطأ جسيم لا يمر مرور الكرام).

وأشار إلى انه بعد ان أوضح وزير الشئون النيابية، عن وجود وزير الاتصالات بالبلاد، يقرر المجلس احالة جميع هذه البيانات العاجلة إلى لجنة الاتصالات، وعلى اللجنة عقد اجتماع عاجل اليوم، بحضور السيد وزير الاتصالات.

 وتابع رئيس مجلس النواب: سأقوم بنفسى بمتابعة مناقشات اللجنة فى هذا الشأن، ونقل الحقائق كاملة للرأى العام دون زيادة أو نقصان، وما يترتب على ذلك من آثار.

انتقادات حادة للحكومة 

وتصاعدت حدة الانتقادات في مجلس النواب اليوم الثلاثاء، بعد أن ناقش المجلس في بداية جلسته العامة بيانا عاجلا حول حريق سنترال رمسيس الذي تسبب في تعطل واسع النطاق للعديد من الخدمات في مصر.

حيث طالب العديد من النواب بفتح تحقيق عاجل حول حادث حريق سنترال رمسيس وإعلان نتائجه بكامل الشفافية، بينما طالب نواب أخرون الحكومة بتقديم استقالتها بعد وقوفها عاجزة أمام حالة شلل قطاعات الحياة في العصامة خلال 24 ساعة. 

من جانبه، وصف النائب عمرو درويش حريق سنترال رمسيس بأنه "يتجاوز الأزمة ويقترب من الكارثة"، مؤكدًا أن "مصر تعطلت عشان سنترال رمسيس حصل فيه حريق"، مستنكرا حديث الحكومة المتكرر عن "التحول الرقمي والرقمنة" في ظل هذا التعطل، مطالبًا بضرورة حضور وزير الاتصالات إلى المجلس.

وأوضح درويش ، أن تداعيات الحريق شملت تعطيل كافة القطاعات، قائلاً: "البلد عطلت كلها لا مستشفيات ولا بنوك ولا جوابات العلاج على نفقة الدولة الناس مش عارفة تعملها". كما تساءل عن سبب غياب وزير الاتصالات الذي وصف الحريق بـ"المحدود" في حين كانت هناك "وفيات وأكثر من 300 واحد في المستشفى"، مطالبًا بتشكيل "لجنة تقصي حقائق حقيقية".

بدوره، شن النائب ضياء الدين داود هجومًا حادًا على الحكومة واصفًا إياها بـ"حكومة إضرام النيران"، مطالبا بعدم رفع أو فض دور الانعقاد الحالي "إلى أن نعلن نتائج التحقيق في فشل الحكومة"، متهمًا إياها بأنها "اعتادت الكذب وإيهام المصريين بالقدرة على السيطرة".

وتساءل داود عن مصير "مصر التي صرفنا عليها التريليونات" بعدما تعطلت بهذا الشكل، مطالبًا الحكومة بتقديم "كشف حساب عاجل". 

كما أشار إلى مخاطر هذا الوضع في حال وقوع حرب، وتساءل عن الخطط البديلة والأمن السيبراني. واختتم داود بيانه بالقول: "دول اللي هيحلوا مشكلة الإيجار القديم؟.. يا ريت حد يعلن مسؤوليته ويستقيل، محدش بيستقيل من البلد دي بسبب أزمة"، مشددًا على أن "عملنا ممتد لحد 12 يناير 2026 والحكومة دي لازم تتحاسب".

خلل في بنية الاتصالات 

من جانبه قالت النائبة مها عبد الناصر في تصريح لـ "الصفحة الأولى": "لا بد ان نوضح ان ما حدث في سنترال رمسيس لا يمكن اختزاله في حريق عرضي أو ماس كهربائي بسيط، ما حدث هو انكشاف كامل لخلل تصميمي خطير في بنية الاتصالات. سنترال رمسيس ليس مجرد نقطة شبكية، بل هو قلب الشبكة، سواء للاتصالات الأرضية أو المحمولة أو حتى لجزء كبير من بوابات الإنترنت الدولي وخدمات الدفع الإلكتروني. هذه النقطة كانت تدير وتحكم كمية هائلة من الترافيك، تمر من خلالها مكالمات يومية، بيانات البنوك، إشارات الطوارئ، وأوامر المعاملات عبر الإنترنت، ما يجعلها شريانًا حيويًا للبنية الرقمية في الدولة".

وأشارت النائبة إلى أن اعتماد هذا الحجم من الخدمات على موقع واحد فقط يمثل خطرًا وجوديًا، ويكشف أن التصميم الشبكي العام قائم على فلسفة "نقطة فشل واحدة 

Single Point of Failure، وهي فلسفة قديمة وخطيرة لا تتماشى مع متطلبات الأمن القومي الرقمي الحديث. ما حدث يجب أن يكون لحظة فاصلة تدفعنا إلى التحول الجذري نحو شبكات موزعة جغرافيًا ومرنة هندسيًا".

وأضافت عبد الناصر : "من الناحية الفنية، لا يجوز الاعتماد على نقطة مركزية واحدة لتحمل كل هذا الكم من الخدمات. كان يجب من البداية وجود نقاط احتياطية كاملة (Disaster Recovery Centers) في مواقع جغرافية مختلفة. لا يكفي وجود مركز بديل واحد، بل ينبغي وجود مركزين على الأقل لكل خدمة مصنفة كحرجة مثل بوابات الإنترنت، البنية البنكية، وأنظمة الطوارئ. هذه المراكز يجب أن تكون في حالة تشغيل متزامن فعلي و ليس مجرد نسخ احتياطية خاملة يتم اللجوء إليها عند الكوارث ، و يجب ان يكون تشغيلها تلقائيًا بالكامل عند وقوع أي خلل، دون انتظار تدخل بشري" .

وتسائلت عبد الناصر: لماذا لم يتم تفريغ سنترال رمسيس من بعض المهام والخدمات الحساسة تدريجيًا، ونقلها إلى مواقع أكثر حداثة واستعدادًا مثل العاصمة الإدارية الجديدة و التي تتمتع بمزايا كبيرة من حيث البنية التحتية، سواء من حيث الطاقة، أو الكابلات الحديثة، أو المساحات المناسبة لإنشاء مراكز بيانات محمية، أو حتى أنظمة إطفاء حديثة و معتمدة عالميًا.

وأضافت : هذه الحادثة يجب أن لا تُنسى، بل تكون نقطة تحوّل حقيقية نحو إعادة هيكلة شبكة الاتصالات الوطنية بالكامل، بطريقة قائمة على التوزيع الجغرافي، وتكافؤ سعة البدائل، ووجود خطط تشغيل تلقائية حقيقية. تأمين البنية الرقمية في بلد بحجم مصر لم يعد أمرًا تقنيًا فقط، بل هو مسؤولية وطنية وأمن قومي في المقام الأول.

وشددت أن ما حدث يستدعي إطلاق خطة وطنية عاجلة لتحديث وتأمين بنية الاتصالات الحرجة، بمشاركة وزارات الاتصالات والدفاع والمالية، وربطها باستراتيجية التحول الرقمي للدولة وأمنها السيبراني.

واستنكر فريدي البياضي، عضو مجلس النواب عن الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، حالة بشأن الشلل الواسع الذي أصاب خدمات الاتصالات والإنترنت والخدمات المصرفية والرقمية، وتأثر حركة الطيران المدني، نتيجة الحريق الذي اندلع مساء أمس في مبنى سنترال رمسيس بوسط القاهرة.

وأوضح البياضي في طلبه أن المواطنين في عدد كبير من المحافظات فوجئوا، في حوالي الساعة السادسة من مساء أمس، بانقطاع مفاجئ في خدمات الإنترنت والهاتف الأرضي والمحمول، وتوقف في الخدمات البنكية، وتعطل أنظمة المستشفيات وخطوط الطوارئ، بل وامتد التأثير إلى المطارات حيث تأخرت بعض الرحلات نتيجة تعطل أنظمة الاتصال.

وأضاف أن الإعلان المتأخر من الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات بأن السبب يعود لحريق في سنترال رمسيس، يفضح هشاشة خطيرة في البنية التحتية الرقمية للدولة، ويكشف عن غياب خطط الطوارئ، وضعف أنظمة الوقاية، واعتماد مفرط على نقطة مركزية واحدة لتشغيل شبكات الاتصالات على مستوى الجمهورية.

تم نسخ الرابط