و الأخيرة

رئيس مجلس الإدارة
أحمد عصام فهمي
رئيس التحرير
محمود الضبع

ضحايا "العنب المر" في كفر السنابسة

الحكايات المبكيات.. رسالة إحدى الضحايا للمصريين ومن لبسن الكفن بدلاً من فستان الزفاف

موقع الصفحة الأولى

في زاوية من قرية كفرالسنابسة، حيث يمتزج صمت الجدران الطينية بأنين القلوب، تقف الأم صباح دلاش جبريل، امرأة تحمل في عينيها بحرًا من الدموع وحكاية فقدان لا تُروى إلا بصوت مكسور، جنى وشيماء، ابنتاها، كانتا نجمتين في سماء حياتها، الأولى حافظة للقرآن وصاحبة أحلام وطنية، والثانية عروس تستعد لفرح لم يكتمل.

 في لحظة قاسية، خطف الموت الفتاتين، جنى وشيماء يحي فوزي جنى 15 سنة، وشيماء 19"، تاركًا صباح تصارع ألمًا يعجز اللسان عن وصفه، وهي تهمس: "قلبي نار قايدة فيه، يارب صبرني". هذه ليست قصة صباح وحدها، بل صرخة أم تمثل أمهات القرية، يتشبثن بالإيمان وسط الفقر والخسارة، يطالبن بحياة كريمة لأبنائهن الباقين، وعدالة لأرواح فتياتهن الراحلات.
تحكي "الست صباح" لـ الصفحة الأولى" قمت من النوم لقيت جنى بتصحي شيماء وبتقولها إتأخرنا، شيماء مكانتش عاوزة تصحى، قالت لها مش قادرة مش هروح، كان جاي لشيماء عريس في اليوم ده، قالت لها هقعد أروق البيت، ياريتها مكانتش راحت، عروسة يارب، يارب أنا صابرة، يارب عارفة إن الابتلاء ده حب، بس قلبي واجعني أوي يارب، اتنين يارب، يارب صبرني، ادعولي، قلبي نار قايدة فيه"
انهيار الأم يحكي حالة حقيقية من الحزن تجتاح قلبها وقلوب كل أمهات كفر السنابسة، من فقدت ابنتها ومن لم تفقد، فالقرية كلها تتشح بالسواد، والبيوت كلها مفتوحة على مصراعيها للمعزين، تحكي خالة جنى وشيماء" جنى كانت طالبة نجيبة إلى جانب أنها حافظة للقرآن كانت في تالتة إعدادي جايبة مجموع 260 من 280" أعطتنا الأم خطاب كتبته جنى "لمصر" تبث فيه الأمل للمصريين، وتؤكد فيه حسب عمرها كلمات كلها حماس وأمال لها ولأبناء مصر جميعا وكما قالت في خطابها" مهما كانت قوة العدو العددية، ومهما تعددت اسلحتهم النووية، لن تسقط جمهورية مصر العربية، اللي عنده قوة غير عادية، أولها الإيمان برب البشرية، وثانيها الفداء والتضحية" وغيرها كلمات كثيرة يحتويها خطاب جنى الذي بثته لمصر قبل وفاتها.
جنى كتبت خطابا آخر وأرسلته لصديقتها، لأنها كانت زعلانة منها وقالت لها أنا بحبك، صديقتها منى حكت لنا هذا الكلام وعيونها تذرف الدمع.
صباح والدة جنى وشيماء قالت" أتمنى إن الدولة تبص لنا شوية، انا عندي ولدين تاني عمرو وعبده، اعملولهم حاجة، احنا معندناش مية، البلد مش داخلها مية ولا صرف"
القرية تعاني من عدم وصول المياه إليها فكما قالت إحداهن "احنا دلوقتي عاوزين نصلي الضهر نعمل اه، نستنى الولا اللي بيبيع المية على الحمارة، ناخد منه جركن أو اتنين، علشان نعرف لمؤاخذة ندخل الحمام ونصلي، وهكذا بنشرب، احنا كنا بنملى من الحنفية العمومية في أول البلد ولكن لأن جميع الستات هنا بقه عندهم الغضروف من شيل المية، بقينا بنشتريها.

شاهدة على الحادث


تقول حبيبة الجيوشى إحدى الناجيات من حادث الطريق الإقليمى بمحافظة المنوفية، إننا كنا فى طريقنا للعمل بمحطة تصدير عنب وفجأة اصطدمت السيارة بنا ولم أرى وقتها سوى جثث صحباتي على الأسفلت، ثم بعدها دخلت فى حاله غيبوبة كاملة، وتم نقلى إلى مستشفى أشمون العام وخرجت أمس لكنى اليوم أشعر بتعب شديد للغاية.

أما أسماء 19 سنة مخطوبة وكانت تقوم بتجهيز نفسها للزواج، تقول الأم "استيقظت على أسماء وهي بتصلي، قلت لها أعمل لك حاجة تاكليها، قالت لا هجيب قرص من المخبز، وياريتني كنت خدتها في حضني ونمت مكانتش راحت".
وتؤكد الأم أن ابنتها كانت تعمل بسبب الظروف الصعبة تؤكد"علينا 90 الف ديون من جوازة أختها الكبيرة، هنعمل اه كانت بتساعد معانا وبتساعد نفسها، كانت احيانا بتغيب يوم من المدرسة علشان تروح تشتغل وتسد الجمعية، هي دي حياتنا، وهي دي عيشتنا".
أثناء الحديث مع الأهالي هبت نسائم بادرة وانخفضت درجة الحرارة دون الثلاثين بعد أن وصلت إلى 42 وظلت الرياح الباردة لمدة طويلة هنا قال الأهالي أنهم اعتادوا خلال الأيام الماضية هبوب مثل هذه الرياح، مؤكدين أن بناتهم شهداء في الجنة وأن إتيانهم لزيارتهم هو الذي يجلب هذه الرياح الباردة، وبالفعل بعدها أمطرت الدنيا .
مروة وتقى وجنى وهدير وشيماء بنات خال وعمة تم دفنهم جميعا في مقبرة واحدة وودعهم أهلهم في مكان واحدة، وأكفانهم كانت من توب واحد كما حكت لنا الجدة" أم هاشم السيد"، قائلة" إبني قطع من توب واحد 5 أكفان لبناته وبنت أخته وبنت أخوه وجارتهم، وربنا يصبرنا مالناش فيه حاجة".

تم نسخ الرابط