أول الغيث طائرة
أهداف ترامب من زيارة الخليج.. استثمارات ترليونية وصفقات سياسية في المنطقة

استقبل الأمير محمد بن سلمان ولي عهد السعودية، الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، "استقبال الفاتحين" خلال أول زيارة له إلى المملكة العربية السعودية بعد ولايته الجديدة، وتباهت الإدارة الأمريكية بجولة ترامب الخليجية، حين قال الناطق باسم الخارجية الأمريكية "الجولة تُظهر الأهمية التي توليها الولايات المتحدة لدول الخليج العربية.
وصباح اليوم الثلاثاء، انطلق في الرياض منتدى الاستثمار السعودي الأمريكي بحضور وزراء سعوديين ورجال أعمال بارزين من البلدين. ومن المقرر أنّ ينضم إليهم ترامب في وقت لاحق من اليوم.
وخلال الأيام التي سبقت الرحلة الخليجية، لعب البيت الأبيض دورا محوريا في التوصل إلى وقف لإطلاق النار بين الهند وباكستان، والإفراج عن رهينة إسرائيلي-أمريكي في غزة عيدان ألكسندر، وعقد جولة أخرى من المحادثات النووية مع إيران.
جاءت هذه المبادرات الدبلوماسية بعد إعلان مفاجئ من ترامب الأسبوع الماضي بموافقته على هدنة مع المتمردين الحوثيين في اليمن، بعد نحو شهرين من استهدافهم بغارات جوية شبه يومية.
أطماع اسثمارية
وتأتي زيارة ترامب للخليج بأطماع استثمارية ضخمة، وبدأ الرحلة بإثارة جدل واسع النطاق على منصات التواصل الاجتماعي، بعد تقارير صحفية أفادت بأن واشنطن تعتزم إطلاق اسم "الخليج العربي" أو "خليج العرب" على المسطح المائي الذي تعتبره إيران "الخليج الفارسي" منذ قرون.
ونقلت وكالة "أسوشيتد برس" عن مسؤولين أمريكيين، تحدثا بشرط عدم الكشف عن هويتهما، قولهما إن ترامب سيعلن عن التغيير أثناء جولته الخليجية.
لكن هذا الإعلان ليس هو الوحيد الذي تسبب في حالة جدل؛ إذ أثار عرض قطر إهداء طائرة لوزارة الدفاع الأمريكية انتقادات من جانب كثير من رواد التواصل الاجتماعي، اتسمت معظمها بطابع السخرية.
وكانت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولاين ليفيت، قد ذكرت أن الإدارة الأمريكية ستتصرف وفقًا للقانون بشأن العرض القطري، مشيرة إلى أنها لا تشعر بالقلق تجاه ما قد تطلبه الدوحة في المقابل.

ومن جهته، برر الرئيس الأمريكي عزمه قبول طائرة كهدية من العائلة المالكة القطرية بأن شركة بوينغ تأخرت في تسليم طائرة الرئاسة الجديدة مما يجعل هذا القرار عمليا.
وأضاف ترامب أن الولايات المتحدة حافظت على سلامة قطر ودول الخليج الأخرى، وأنه لا ينوي استخدام الطائرة لأسباب شخصية بعد انتهاء ولايته، بحسب ما نقلت رويترز مساء الاثنين.
ويقول خبراء إن مباحثات ترامب مع المسؤولين السعوديين، وعلى رأسهم ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ستركز بشكل كبير على الشراكة الاقتصادية وقضايا إقليمية أخرى، لكن اللافت هو التركيز أيضًا على قضايا تتعلق بالتسليح والتعاون في مجال الذكاء الاصطناعي.
هدف ترامب المعلن هو الحصول على استثمارات سعودية في الشركات الأمريكية بقيمة تريليون دولار، بعدما عبر ولي العهد عن رغبة المملكة في توسيع استثماراتها وعلاقاتها التجارية مع الولايات المتحدة في السنوات الأربع المقبلة بمبلغ 600 مليار دولار.
الرياض تطمح أن تحقق لها واشنطن أربعة أمور وهي: إنجاز تكامل اقتصادي في مجالات الثورة الصناعية الرابعة والذكاء الاصطناعي، وشراكة في تطوير الطاقة النووية السلمية، وشراكة أمنية وعسكرية غير مسبوقة
ستعيد تسليط الضوء الدولي على ملفات استراتيجية، وتحريك النقاش حول قضايا الأمن والاستقرار، فضلًا عن تعزيز فرص الحوار السياسي والاقتصادي مع الأطراف الفاعلة في الإقليم".
وقبيل الزيارة، اتخذت واشنطن عددا من الإجراءات الإيجابية تجاه الرياض؛ إذ إن الاتفاق على وقف القصف الأمريكي ضد الحوثيين في اليمن يتماشى مع وقف إطلاق نار مماثل أبرمته السعودية قبل أعوام، فضلا عن فصل واشنطن محادثات التعاون النووي المدني عن مسألة التطبيع، حسبما ذكرت وكالة رويترز.
ونقلت رويترز عن دبلوماسيين قولهما إن ترامب امتنع مؤخرا عن الحديث عن خطة "ريفييرا غزة"، التي أثارت غضب العالم العربي باقتراحه تهجير جميع سكان غزة وسيطرة الولايات المتحدة على القطاع الساحلي.

وتناولت كبرى الصحف العالمية هذه الزيارة بتحليلات مُتعمقة، كشفت أبعادًا مختلفة للجولة الرئاسية، بين من يراها سعيًا لصفقات اقتصادية ضخمة، وآخرين يعتبرونها محاولة لإعادة رسم خارطة التحالفات في المنطقة، وثالث يرى فيها تحولًا في العلاقات الأمريكية-الإسرائيلية التي طالما تغنى بها ترامب.
تهميش إسرائيل
أبرزت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية تجاهل ترامب لإسرائيل في جولته الشرق أوسطية، إذ أشارت إلى أن هذا التجاهل يأتي بعد سلسلة من القرارات الأمريكية التي إما همشت أو فاجأت الإسرائيليين؛ مما يثير تساؤلات في تل أبيب حول مدى التنسيق بين الحليفين التقليديين.
واستعرضت الصحيفة الأمريكية، عددًا من الشواهد التي تشير بشكل جليّ إلى الخلافات الأمريكية الإسرائيلية، أبرزها أن صفقة إطلاق سراح المحتجز الأمريكي الإسرائيلي عيدان ألكسندر من غزة، بعد أكثر من 18 شهرًا من الاحتجاز، جاءت نتيجة مفاوضات مباشرة بين واشنطن وحركة حماس دون إشراك إسرائيل.
وقدمت مجلة "فورين أفيرز" تحليلًا عميقًا لأهداف زيارة ترامب، متسائلة عمّا إذا كان يسعى لعقد صفقات واستثمارات في الولايات المتحدة، أم إثراء نفسه من خلال استثمارات خليجية في عقارات ترامب وصناديق الاستثمار والعملات المشفرة، أم أن لديه طموحات أكبر.
ورجحت المجلة أن يدور الشق السياسي للزيارة حول إيران بشكل أساسي، مشيرة إلى المفاوضات التي تجريها إدارته بشأن البرنامج النووي الإيراني.
ولفتت إلى أنه بسبب الطبيعة المتقلبة لإدارة ترامب والخلافات الداخلية بين مستشاريه الرئيسيين، فإن زيارته يمكن أن تمهد الطريق للحرب مع إيران بقدر ما يمكن أن تمهد لتوقيع اتفاق نووي معها.
ولم تغفل المجلة تغير موقف دول الخليج تجاه إيران منذ زيارة ترامب الأولى عام 2017، حيث كانت السعودية والإمارات متحمستين آنذاك للتخلي عن دبلوماسية عهد أوباما وتبني نهج أكثر مواجهة مع طهران.