و الأخيرة

رئيس مجلس الإدارة
أحمد عصام فهمي
رئيس التحرير
محمود الضبع

شهر الملكية من تسجيل العقارات لـ تعقيد تعدد الجهات

موقع الصفحة الأولى

شرعت وزارة العدل  في إجراء إصلاحات رئيسية للقوانين المنظمة والسياسات العامة  ، وتمكنت  من سن تشريعات ،وصياغة قوانين التسجيل الشخصي والعيني ، و المجتمعات العمرانية  لتأمين حقوق الملكية. 
تعد هذه التشريعات في  مقدمة القوانين التي تمس مصالح الجماهير فهو ينظم شأنا هاماً من شئونهم حينما ينزلون على حكمه بوجوب شهرأو تسجيل ملكياتهم , ولأنه كانت الغاية من هذا القانون أو التعديلات التي تمت هي تحقيق مصلحة عامة تتمثل في تهيئة سبيل العلم للكافة بما وقع من تصرفات على الأعيان التي يتعاملون فيها ووضوح الرؤية دون ريب ، فإن السبيل إلى تحقيق تلك الغاية، كان لزاماً أن يكون ميسرا بعيداً عن التعقيد و لا يحمِّل ذوي الشأن مالا يطيقون. 
ومن ثم وبعد مرور أعواماً كثيرة على قوانين  تنظيم الشهر العقاري، الذي شهد تعديلات  تشريعية من   الأنظمة المختلفة ، فقد جرت مراجعة أحكامه على ضوء ما كشف عنه التطبيق لتعديل ما تدعو الحاجة إلى تعديله من هذه الأحكام أو تدارك أوجه النقص فيها ، من خلال محاولات وزارة العدل الدائمة لعلاج أزمة التسجيل العقاري والتي  تمتد  تاريخياً الى العام 1902 ، وهي أول محاولة تشريعية لحل الأزمة ،  التي  انتهت بالفشل وتكررت عام 1920 وانتهت بسن تشريعين لأول مرة بعد ثلاث سنوات من العمل به  ، ثم أخرجت  القانون رقم 18 والقانون رقم 19 لسنة 1923 فيما يعرف ( بالتسجيل المزدوج) ، و فشلا أيضاً في علاج الأزمة بسبب إزدواجية التسجيل العقاري بين المحاكم المختلطة والمحاكم الوطنية ، وفي عام 1946 أثار وزير العدل الدكتور محمد كامل مرسي باشا ضرورة توحيد جهات التسجيل العقاري المزدوجة في جهة واحدة مستقلة ، وعلى الرغم مما واجهه  من صعوبات واعتراضات من بعض الجهات إلا أنه نجح في النهاية وأقتنع ملك مصر برؤيته التشريعية الجديدة ذات الجذور الفرنسية ، لعلاج الأزمة ، ووافق على إنشاء مصلحة الشهر العقاري والتوثيق بموجب القانون رقم 114 لسنة 1946  ، كمصلحة قائمة بذاتها تتبع وزير العدل وفقا لنص المادة الأولى من قانون إنشاء الشهر العقاري رقم 114 لسنة 1946 ، وتضمنت المذكرة الإيضاحية، إن الهدف التشريعي من القانون الجديد هو توحيد وتنظيم جهات و عمليات التسجيل العقاري في جهة واحدة مستقلة، وفقاً لأحكام قانونية محددة وتنظيم هيكلي معين ، للقضاء على معوقات  التسجيل العقاري وقتها ، وان كانت الأزمة  ليست بالوضع الذي آلت إليه الآن ، إلا أن العلاج كان دائماً وحصرياً هو علاج تشريعي "شامل"  ، وتضمنت  المذكرة الإيضاحية بأن المصلحة المستحدثة تعتبر نواة لإنشاء هيئة قانونية مستقلة مستقبلاً  تختص حصرياً دون غيرها بمسئولية نقل وحماية الملكيات العقارية كتطور تشريعي ومنطقي لعلاج أزمة انهيار منظومة التسجيل  وضعف استقرار الملكية العقارية في مصر ، لذلك وجه الزعيم جمال عبد الناصر في آواخر الستينيات  بالعمل على استقلال الشهر العقاري والتوثيق  كهيئة  مستقلة وحالت وفاته خروج تشريع باعتبار الشهر العقارى والتوثيق هيئة قضائية مستقلة كما أكدت المحاكم والقرارات الوزارية بأن عمل الشهر العقارى والتوثيق يناظر عمل هيئات قضائية  .

 تطويره وتحديثه

و ناقشت جميع المجالس النيابية المتناوبة عبر أربعين عاماً  استقلال الشهر العقاري وإعادة  هيكلته فنياً وإداريا ،و تطويره وتحديثه وفقاً لضوابط نص المادة ١٩٩ من دستور مصر والتي نصت  على أن " الأعضاء الفنيون بالشهر العقاري مستقلون في أداء عملهم ، ويتمتعون بالضمانات والحماية اللازمة لتأدية أعمالهم ، على النحو الذى ينظمه القانون" ،وانتفض مجلس النواب  عام ٢٠١٩  بسبب أزمات ومشاكل الشهر العقاري والتوثيق المتجددة آنذاك  ، واتجه وقتها  إلى استقلال الشهر العقاري والتوثيق ، وقدمت   العديد من مشاريع القوانين لتحويل القطاع الي هيئة مستقلة أسوة بجميع دول العالم لمعالجة الأزمات المتراكمة والتي انتهت الي ادخال تعديلات  على أحكام القانون  ١١٦ لسنة ١٩٤٦والتي  حظر  فيها المشرع شهر الملكية العقارية، إذا خالف المواطن ما جاء بها ومنها وظهر هذا التعارض والتناقض فى القانون  رقم ١٨٦ لسنة ٢٠٢١  والذي آثار جدلا واسعا آنذاك ، فلم يلبي طموحات المجتمع  ، ولم يعالج ما كشف عنه تطبيق التشريع ، مما أدى إلى إجراء تعديلات أخرى بعد توجيه من الرئيس عبدالفتاح السيسي ، وانتجت في النهاية القانون رقم ٩ لسنة ٢٠٢٢،الذي دخل حيز التنفيذ في السابع من مايو من عام ٢٠٢٢، ودشن وزير العدل السابق المستشار عمر مروان اول طلب له في مكتب الشهر العقارى ببنها في السابع من مايو 2022، وبعد عام من تطبيق القانون أظهرت احصائيات الطلبات المقدمة ، والمشهره منها والمرفوض  في عام  2023 ، عن مواضع الخلل في التطبيق العملي له، علي الرغم  من التسهيلات  المقدمة آنذاك من الشهر العقارى لتجاوز العقبات، والتي وصلت إلي حد الإستغناء عن "أساس  الحيازة" ليقابله تصعيد و تعقيد في صفحة بيانات العقار، وحيث أن الخطأ في إدخال بيانات عقار لا يمكن تداركه إلا من خلال الموافقة على التصحيح من قبل لجنة مركزية بالمصلحة آنذاك ، بالإضافة إلى اشتراط البرنامج لأرقام تنظيم العقارات وهو غير متاح في العديد من المحافظات ، الأمر الذي يؤدي إلى لجوء المواطنين بإدراج أرقام عشوائية بالرفع المساحي وتكون النتيجة رفض الطلبات، بالإضافة إلي تضارب البيانات بين المساحة المدنية والعسكرية وتأخر الرفع المساحي الذي استمر حتي الآن، بعد مرور  ثلاثة أعوام من تطبيق القانون، ومازالت ٩٥٪ من الممتلكات العقارية غير مسجلة، في وقت تتجه الدولة المصرية  لتصدير العقار وتنفيذ  قانون الرقم القومي للعقارات، لتحفيز الاستثمار دون النظر بعين الاعتبار موقف الملكية العقارية في مصر ومقارنتها بالدول التي نجحت ناجحاً كبير وتخطت نسبة العقارات المسجلة 70 - 90٪ من ممتلكاتها واصبحت الثروة العقارية قاطرة للاقتصاد القومي في هذه البلدان ورفع تصنيفها الاستثماري العالمي وقفزت قفزة كبيرة في الحصول على جزء كبير من حصيلة التصدير العقاري. 
بات من الضروري  لمواكبة الجمهورية الجديدة، وتشجيع الإستثمار وزيادة الحصيلة الدولارية ، أن يسعي  القائمين على وزارة العدل  العمل علي إصلاح نظام ملكية الأراضي، وتحديث نظام إدارتها، وتحسين تقديم الخدمة، وعلاج المشاكل الفنية في السيستم، وتوحيد المساحة المدنية والعسكرية ، والعمل علي حل أزمة الرفع المساحي وتعطله لشهور، وكذلك إيجاد حل لتعارض  البيانات ،ووجود ممثل من الجهتين ، وتعديل برنامج الشهر وإتاحة الطلبات الموضوعية مثل خط التنظيم حسب كل محافظة علي حدة ، وكذلك عمل تسوية للعقارات ، وتدريب المساحين، وإدارة هذا الملف والجهات المتداخلة جميعها تحت إشراف وقرارات ملزمة من الشهر العقارى والتوثيق فلا يستقيم ابدا ولا يوجد في العالم أن الشهر العقارى والتوثيق مرهون برأي جهات أو قرارات مؤسسات وشركات خاصة حتي تستطيع الإدارة اتخاذ الرأي في مصالح المواطنين والمستثمرين.. 
واخيرا وليس آخرا  الحكم على نجاح اى عمل تشريعى يقوم على ما يحققه من فائدة حقيقية للشعب ، وما يدفعه من ضرر وما يرسيه من أساس للمستقبل ، في تحقيق المعايير الحاكمة للتشريع بأن يكون ترتيب شئون المجتمع على نحو يتسم بالجدية والرشد والعقلانية ، ويعبر عن المصالح الإجتماعية الراجحة في المجتمع ، ومن ثم فإن جوهر التشريع الرشيد يقوم علي الموازنة بين المصالح بما يحقق التوفيق بينها إلي أقصى حد مستطاع ، ويحقق المستهدف ، ألا وهو خير المجموع  ، تحقيقاً لإستمراريته ونزوعا به إلى العدل المطلق قدر الإمكان لتنظيم العلاقات الإجتماعية وتتحقق العمومية والتجريد من الناحية العملية.

تم نسخ الرابط