تحرك ضد «سلخانات» علاج الإدمان
تشميع مصحة المريوطية وملاحقة أصحابها بعد فضيحة الهروب الكبير
شهدت منطقة المريوطية بمحافظة الجيزة، واقعة درامية هزت الرأي العام، بعدما نجح عشرات النزلاء في تنفيذ هروب جماعي من إحدى مصحات الصحة النفسية وعلاج الإدمان.
المشهد الذي وثقته كاميرات المراقبة وهواتف المارة، بدا وكأنه لقطة من فيلم سينمائي، حيث ظهر عشرات الشباب وهم يهرولون في شوارع المنطقة بعد تحطيم البوابة الخارجية للمصحة وهو ما أصاب أهالي منطقة المريوطية بحالة من الصدمة والذعر.
بدأت الأحداث في ساعات النهار الأولى، حينما تعالت أصوات الصراخ والارتطام من داخل فيلا تستخدم كمركز لعلاج الإدمان، وبحسب شهود عيان، قام النزلاء بالتكتل ومهاجمة أفراد الأمن المكلفين بالحراسة، وتمكنوا من خلع الباب الحديدي، لينطلقوا في شوارع المريوطية وسط ذهول المارة وسائقي السيارات.
وكشفت التحريات الأولية وشهادات بعض الفارين أن السبب وراء هذا الهروب ليس الرغبة في العودة للتعاطي، بل الظروف غير الآدمية داخل المصحة، مشيرين إلى تعرضهم للضرب المبرح والإهانة، والحبس الانفرادي، وسوء التغذية، فضلاً عن تكدس الأعداد في غرف ضيقة لا تصلح للسكن الآدمي، مما حول المصحة النفسية من مكان للاستشفاء إلى «سلخانة» - على حد وصفهم.
تجار الألام
وفور انتشار مقاطع الفيديو الخاصة بعملية الهروب، انتقلت الأجهزة الأمنية بمديرية أمن الجيزة إلى موقع الحادث والمنطقة المحيطة، وبالتنسيق مع وزارة الصحة والسكان، تبين أن المصحة غير مرخصة وتعمل بعيداً عن الرقابة الطبية الرسمية.
وتم إغلاق المصحة بالشمع الأحمر وإخلائها من المتبقين، فيما صدرت أوامر بضبط وإحضار صاحب المصحة والمديرين المسؤولين عنها بتهمة إدارة منشأة طبية بدون ترخيص واحتجاز مواطنين بدون وجه حق.
وبدأت الأجهزة الأمنية الاستماع لأقوال شهود العيان وفحص سجلات النزلاء للتوصل إلى هوياتهم وإعادتهم لذويهم أو لمراكز طبية معتمدة.
من جانبها، جددت وزارة الصحة تحذيراتها للمواطنين من التعامل مع المصحات غير المرخصة التي تعلن عن نفسها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مؤكدة أن الخط الساخن لعلاج الإدمان (16023) هو الطريق الآمن والمجاني لتلقي العلاج تحت إشراف الدولة.
وأكدت أن المتابعة التي أجرتها لجان التفتيش التابعة للإدارة المركزية للمنشآت الطبية غير الحكومية بالتنسيق مع الجهات الأمنية، كشفت عن أن مصحة المريوطية غير مرخصة، وتمارس نشاطًا غير قانوني يُعد انتحالًا لصفة منشأة طبية، مخالفًا لأحكام قانون المنشآت الطبية غير الحكومية رقم 51 لسنة 1981 المعدل، وقانون الصحة النفسية رقم 71 لسنة 2009.
وتظل واقعة المريوطية جرس إنذار جديد يطالب بتكثيف الحملات الأمنية والرقابية لتطهير المجتمع من مراكز "بير السلم" التي تتاجر بآلام المرضى وأحلام أسرهم في التعافي.
