و الأخيرة

رئيس مجلس الإدارة
أحمد عصام فهمي
رئيس التحرير
محمود الضبع
موقع الصفحة الأولى

المكون الفكرى لهرتزل مؤسس دولة بنى صهيون على الورق، هو إزالة الدولة التى خصصوا احتلالها والقضاء عليها.. ولم تكن فكرة تيودور هرتزل هى المشاركة فى المكان، وإنما السيطرة الكاملة، ولقد عثروا على فقرة سجلها فى مدوناته قال فيها:" إننا ننوى ترحيل الشعب العربى البائس عبر الحدود، ودون لفت نظر، وذلك عن طريق خلق فرص عمل فى الدول المحيطة، مع الحيلولة دون إتاحة تقديم العمل فى بلادنا".

  جملة جريئة سعى هرتزل بكل ما ملك من جهد وفكر إلى تطبيقها، وهرتزل كما هو معروف يهودى نمساوى، وكونه يدعو اليهود فى النمسا وألمانيا وكل بلاد الدنيا إلى تكوين دولة يهودية، فإنه لم ير للوطنية معنى، والوطن بالنسبة له هو جمع اليهود فى مكان واحد .. ولأنه كان واثقا من تأسيس هذه الدولة فقد أعلنها فى بازل بسويسرا سنة 1897م. 

وهيزتزل جمع كل أفكاره وأهداف دولته فى كتيب صغير أسماه الدولة، وضمن فيه الوثيقة اليهودية، والبرنامج الصهيونى.

 والتقى هرتزل بالسلطان العثمانى عبد الحميد الثانى، وعرض عليه بأن يتعطف ويمنح اليهود المأزومين من جميع أنحاء أوربا جزءا من دولته العريضة وهذا الجزء البسيط سيكون فى فلسطين . وعرض عليه مبالغ مالية يسد بها ديون الدولة العثمانية جمعاء، وكتب ذلك فى كتيبه وسرده على الجميع.

 

 ولجأ هرتزل لكتابة أمور يبدى فيها فكرته ويدعم أوربا ضد الشرق الإسلامى الأسيوى فقال:" سوف نكون لأوربا حاجزا فى مواجهة أسيا، أى بفلسطين، وسوف نقوم بمهمة نقاط المراقبة للحضارة فى مواجهة الهمجية"!!. 

 إنه بذلك يكسب تعاطف الغرب الأوربى لإقامة الدولة اليهودية فى فلسطين وهو بذلك قد خدم أوربا بأنه خلصهم من اليهود الذين وقعوا فى أجندة الكراهية الأوربية، الأمر الأخر منع عنهم الاحتكاك بالشرق ومن ثم القضاء عليه وإحكام السيطرة على فلسطين . 

واختار هيرتزل للدولة اليهودية المزمع تكوينها" الصهيونية" كمصطلح يحمل فكرة القومية لليهود، وذلك نسبة لجبل صهيون فى القدس، كى تدرك الأجيال المتعاقبة أن اليهود ينتمون قوميا لمنطقة جبل صهيون، وكانت الفكرة قد وجدت ترحيبا من بعض التوجهات الأوربية، حيث وجدوها فرصة للتخلص من قرف اليهود فى بلادهم الأوربية . 

 ولا يمكن فصل المقدمات التى قام بها اليهود وهم أقلية فى بلدان أوربا ، عن النهايات التى رسمها هرتزل، فاليهود بسبب سفالة أخلاقهم، وأطماعهم وتوالى مؤامراتهم فى الدول التى يعشون فيها، باتخاذهم وسائل خفية لنشر الجرائم المالية، وعملهم فى سوق المال والقروض والربا التى أغرقوا فيها الدول التى عاشوا فيها، وحين اتخذت أوربا الشرقية خاصة ضد اليهود جملة من العقوبات داروا يصرخون ويصيحون بدعوى الاضطهاد لهم، ومثال ذلك ما حدث من روسيا القيصرية التى فرضت على اليهود قيودا تمنعهم من الحركة المالية فى البلاد، الأمر الذى ترتب عليه انتشار الفقر فى الأحياء التى يسكنونها، وتم إجلاء ما يقرب من خمسة ملايين من غرب روسيا بأمر قيصرى من كاترينا الكبري . 

 ولو أننى أشك فى هذا العدد، وأظنه أقل من ذلك حيث دأب اليهود بكذبهم المبالغة فى أعدادهم، وذلك مثلما بالغوا فى ضحاياهم على يد هتلر . 

 ومن جهة أخرى كان الروس قد منعوا اليهود من امتلاك الأراضى بوجه عام فى روسيا . وإمعانا فى ادعاء المظلومية والاضطهاد هاجر عدد كبير من اليهود إلى الولايات المتحدة الأمريكية . 

وشكلت أمريكا لجنة تقصى حقائق وزارت معسكرات اللاجئين اليهود الفارين من غرب روسيا، وبحثت كذلك أسباب هجرة حوالى (2) مليون يهودى .. وانتهت اللجنة إلى إعلان أحقية اليهود فى الهجرة إلى فلسطين والوقوف بجانبهم . 

وفى مطلع بدايات الحرب العالمية الأولى 1914م لاقت فكرة قيام دولة اليهودى صدى كبيرا، وظهرت فى سبيل ذلك أقلام كثيرة نادت بأحقية اليهود فى تأسيس وطن لهم فى فلسطين .. والحق يقال أن الأتراك قد فجروا هجوماً على هذه الفكرة ووصفوها بالمؤامرة الكبرى، وأعلنت الدولة العثمانية عدم موافقتها عن هذا الادعاء الأمريكى، المؤيد من الدول الأوربية ، فقد اعتبرتها الدولة العثمانية نوعا من العدوان على الخلافة باعتبار فلسطين إحدى الولايات التابعة لها، ومن جهة أخرى هى صورة خبيثة من صور العدوان على الإسلام وإحياء للإمبريالية فى المنطقة العربية . 

تم نسخ الرابط