العودة للتراث الشعبي القديم
اسرار اختيار "جُحا" أيقونة الفكاهه كتميمة لبطولة كأس العرب 2025 بقطر
أعلنت اللجنة المنظمة لبطولة كأس العرب 2025 في قطر، عن التميمة التي تحمل اسم جحا بالتعاون مع الفيفا، يوم الأحد 23 نوفمبر 2025، وقد جرى تقديمها كرمز يجمع بين التقاليد والتراث والفكاهة، قبل انطلاق البطولة في الفترة من 1 إلى 18 ديسمبر 2025 في دولة قطر.
التميمة استُخدمت في كل المواد البصرية والترويجية للبطولة، موجهة جمهور العرب نحو رمزية ثقافية موحدة، ولكن في ظل غياب المعلومة عن الأجيال الحديثة لابد وان نعرف من هو جُحا في التراث والفلسفة، حيث يُعد جُحا شخصيةً شعبية عربية معروفة بحكاياته الطريفة والحكم الظريفة التي تختبئ خلفها دلالات اجتماعية وفلسفية.
تنتهي بعض المصادر إلى أن اسم جحا الحقيقي هو أبو الغصن دجين بن ثابت، وهو شخصية خيالية من التراث الشعبي العربي في كثير من الثقافات القديمة، ونسبت إلى شخصيات عديدة عاشت في عصور ومجتمعات مختلفة، وفي الأدب العربي، نسب جحا إلى أبو الغصن دُجين الفزاري الذي عاصر الدولة الأموية، وهو أقدم شخصيات جحا وإليه تنسب النكات العربية، أما في الأدب التركي، نسبت قصص جحا من إسطنبول إلى الشيخ نصر الدين خوجة الرومي الذي عاش في قونية معاصرا الحكم المغولي لبلاد الأناضول ومعظم القصص المعروفة في الأدب العالمي تنسب له.
جحا باختصار يعبر عن شخصية رجل فقير كان يعيش أحداث عصره بطريقة مختلفة ويتماشى مع تلك الأحداث شبه الحقيقية؛ فكان يتصرف بذكاء كوميدي ساخر فانتشرت قصصه ومواقفه التي كان يتعامل معها في حياته اليومية، وانتقلت قصصه من شخص إلى آخر مما نتج عنه تأليف الكثير من الأحداث الخيالية حوله.
واختيار جُحا كتميمة للبطولة لم يكن مصادفة، بل جاء لعدة أسباب منها الانتشار الشعبي الواسع لأن جُحا شخصية محبوبة من الأجيال المختلفة، وتُعد لغة مشتركة بين الشعوب العربية، والتوافق مع هوية البطولة التي تجمع العرب، والتراث الشعبي يجمعهم أيضًا، فكان جحا خيارًا مناسبًا لرمز يعكس هذا الجمع.
الرسالة الرمزية
جحا بذكائه وروحه الظريفة يُشير إلى فكرة أن الرياضة والتنافس ليسا فقط عن الفوز، بل عن المرح والاندماج الثقافي، ما يلائم أجواء بطولة عربية دولية، ورسالة البطولة من خلال التميمة تُرَسَّخ عدة رسائل أهمها التقارب الثقافي والعروبي لأن البطولة تعد منصة تجمع العرب، وجحا رمز تراث مشترك، و تحفيز التفاعل الجماهيري لأن شخصية فكاهية تُسهّل التواصل مع الجماهير، خاصة الشباب ممن لا يعرفون عنه الكثير سوى الكوميديا والسخرية من المواقف الحياتية، وأيضا الهوية الأصيلة لأن الرياضة ليست منفصلة عن الثقافة؛ ما يجمع بين الكرة والتراث والقيم.
من المرجح أن تستعمل اللجنة المنظمة جُحا في أنشطة تفاعلية داخل الملاعب وخارجها، لجذب الجمهور وإحياء الفلكلور بالنهج الرياضي، والتحدي هنا عن تحقيق التميمة توازنًا بين المرح والجدّ، بين الترفيه والرسالة، في سياق بطولة تحمل طموحات كبيرة، هناك فرص أن يتم توظيف جُحا عبر المنصات الرقمية، ومنتجات تسويقية، لجعل البطولة أكثر مشاركة وتفاعلية.
وفي النهاية اختيار جحا كتميمة لـ كأس العرب 2025 يمثل دمجًا ذكيًا بين الرياضة والتراث، بين التنافس والهوية الثقافية شخصية نشأت في الأدب الشعبي وأصبحت اليوم تحمل شعارات البطولة وحدة العرب، التراث، المرح في أبهى تجلّياتها.
ومع افتتاح البطولة قريبًا، من المؤكد أن تعويذة جحا ستكون واحدة من أبرز الرموز التي ستُعيد إلى الرياضة العربية بعدًا ثقافيًا وإنسانيًا يُشد انتباه الجماهير ويعزّز روح الانتماء.
