و الأخيرة

رئيس مجلس الإدارة
أحمد عصام فهمي
رئيس التحرير
محمود الضبع

في ظل محاولات الدولة لإرساء النزاهة

طارق فتحي سرور يحلل كيفية فرض الضوابط القانونية على انفلات الإنفاق الانتخابي

موقع الصفحة الأولى

مع سريان انتخابات مجلس النواب وتصاعد ظاهرة الإنفاق الانتخابي، قدم الدكتور طارق فتحي سرور رئيس قسم القانون الجنائي بكلية الحقوق جامعة القاهرة، تحليلا عن ظاهرة الإنفاق الانتخابي غير المشروع ومخاطرها على الديمقراطية، في ظل ما تشهد العملية الانتخابية في مصر صراعا مستمرا ومحوريا بين طموح الدولة في إرساء دعائم النزاهة وضرورة تطبيق القانون، وبين الانفلات الواقعي الذي تفرضه سطوة المال السياسي وتأثيره المباشر على خيارات الناخبين. 
وبين الدكتور طارق فتحي سرور أن هذه المعضلة تأتي في وقت شدد فيه الرئيس عبد الفتاح السيسي، مؤخرا على أهمية ضمان نزاهة الانتخابات، معتبرا إياها "انتقاء يقوم به الشعب لمن يمثله"، ومحذرا بشدة من مغبة بيع الأصوات أو الحصول على أموال أو سلع مقابل التصويت، واصفًا ذلك بـ"التفريط في مصلحة الدولة" بدلًا من كونه "مكسبًا". 
وأوضح سرور أن هذه التحذيرات الرئاسية تضع الأضواء مجددا على التشريعات التي تهدف إلى تقييد الإنفاق الانتخابي، مشيرا إلى أن التشريعات المصرية تناولت بتفصيل ضوابط الإنفاق الانتخابي، محددةً الأطر التي تضمن مشروعية مصادر المال وأوجه إنفاقه، ومعاقبة المخالفين بصرامة، ويستند هذا الضبط القانوني بشكل أساسي إلى قانون تنظيم مباشرة الحقوق السياسية (رقم 45 لسنة 2014) وقانون الهيئة الوطنية للانتخابات (رقم 198 لسنة 2017).

وأكد أن نص القانون على عقوبات مشددة لمخالفة ضوابط الإنفاق الانتخابي، تبدأ من السجن (من 3 إلى 15 سنة) أو الحبس لمدد متفاوتة، والغرامات المالية، وصولاً إلى مصادرة الأموال والمنافع المتحصّلة من الجريمة، وعلى الصعيد الانتخابي، فتشمل العقوبات:
- إلغاء نتائج الانتخاب.
- شطب اسم المرشح من القوائم قبل إعلان النتائج.
- فقدان المقعد البرلماني بعد الفوز.
- الحرمان من الترشح لدورات انتخابية لاحقة.


وأوضح أن القانون يعطي الحق لرئيس الهيئة الوطنية للانتخابات في التقدم بطلب إلى المحكمة الإدارية العليا لشطب اسم المترشح من القائمة النهائية للترشح، إذا ثبت ارتكابه مخالفة للضوابط الدستورية أو القانونية أو القرارات الصادرة عن الهيئة.

جرائم الانفاق الغير مشروع


وخلال تحليله استطاع "سرور" ايجاز أهم الجرائم المرتبطة بالانفاق الغير مشروع فيما يأتي:
-   تجاوز سقف الإنفاق الانتخابي:-حدد القانون سقف انفاق المترشح بمبلغ 500  ألف جنيه، 200 ألف جنيه في مرحلة الإعادة. بينما يكون الحد الأقصى لما ينفقه المترشحون (مجتمعبن) على القائمة المخصص لها (15) مقعداً مليونين وخمسمائة ألف جنيه، ويكون الحد الأقصى للإنفاق في مرحلة الإعادة مليون جنيه، ويزاد الحدان المشار إليهما إلى ثلاثة أمثال للقائمة المخصص لها (45) مقعداً، وفي ذلك حددت قرار الهيئة الوطنية للانتخابات بقرارها رقم 53 لسنة 2025،  سقف الانفاق الذي ينفقه كل المترشحين (مجتمعين) على القائمة المخصص لها (102) مقعد، مبلغ سبعة عشر مليون جنيه، ويكون الحد الأقصى في مرحلة الإعادة مبلغ ستة ملايين وثمانمائة ألف جنيه.
- تجاوز الحد الأقصى للتبرعات المسموح بها من أي شخص طبيعي مصرى، أو من الأحزاب المصرية: يجب ألا تجاوز (5%) من الحد الأقصي المصرح به للإنفاق على الدعاية الانتخابية (المنوه عنه في البند ١). ويلتزم المترشح بإخطار الهيئة الوطنية للانتخابات.
- الانفاق على الحملة الانتخابية من خارج الحساب البنكي المخصص للانفاق عليها.، يشترط لقبول أوراق الترشح أن يقوم المترشح بفتح حساب بالعملة المحلية في أحد البنوك التي تحددها الهيئة الوطنية أو بأحد مكاتب البريد.... ولا يجوز الإنفاق على الحملة الانتخابية من خارج هذا الحساب. ويلتزم المترشح بإخطار الهيئة الوطنية بأوجه إنفاقه من هذا الحساب.
- تلقي أموال من من أي شخص اعتباري مصري أو أجنبي (...) للإنفاق على الدعاية الانتخابية لمترشح أو للتأثير في اتجاهات الرأي العام:-  يعاقب بالسجن (3 إلى 15 سنة) وبغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تزيد على مليون جنيه، من تلقي أية مساهمات أو دعم نقدي أو عيني للإنفاق على الدعاية الانتخابية لمترشح أو للتأثير في اتجاهات الرأي العام لتوجيهه لإبداء الرأي على نحو معين في موضوع مطروح للاستفتاء، وذلك من أي شخص اعتباري مصري أو أجنبي أو  دولة أو جهة أجنبية أو منظمة دولية أو كيان يساهم في رأسماله شخص مصري أو أجنبي طبيعي أو اعتباري أو أية جهة أجنبية أيا كان شكلها القانوني. وتحكم المحكمة بمصادرة الأموال محل الجريمة (المادتان 35 و69).


- شراء الأصوات (الرشاوي الانتخابية) بتقديم أو عرض أو اعطاء عطايا أو الالتزام بها.
- عدم قيام المترشح بامساك السجلات المالية أو إخفاء البيانات: يلتزم كل مترشح بإمساك سجل منتظم وفقاً لمعايير المحاسبة المصرية يدون به مصادر التمويل ومصاريف دعايته الانتخابية.
وأكد الدكتور طارق فتحي سرور، أن المنظومة التشريعية المصرية وضعت إطارا صارما لضبط المال في الانتخابات، يغطي سقف الإنفاق، ومصادر التمويل، وشفافية المصروفات، ووضع عقوبات رادعة قد تصل إلى السجن وإسقاط العضوية.
وأشار إلى أن الواقع العملي يشير إلى استمرار ظاهرة "الانفلات الواقعي"، خصوصًا في جرائم مثل شراء الأصوات (الرشوة الانتخابية) والإنفاق الخفي، ما يتطلب تفعيل آليات الرقابة والمحاسبة بشكل أكثر قوة وفعالية من قبل الهيئة الوطنية للانتخابات والقضاء المختص، ترجمةً للتحذيرات الرئاسية ودعمًا لشرعية التمثيل النيابي.

تم نسخ الرابط