و الأخيرة

رئيس مجلس الإدارة
أحمد عصام فهمي
رئيس التحرير
محمود الضبع

بعد دراسة لمدة عامين على 700 مريض

اختبار تنفس يُحدث ثورة للكشف المبكر عن سرطان البنكرياس بعد 50 عامًا

موقع الصفحة الأولى

في خطوة مهمة نحو الكشف المبكر عن سرطان البنكرياس، أطلقت المملكة المتحدة تجربة اختبار تنفّسي جديد قادر على اكتشاف المرض في مراحله المبكرة. وأشاد خبراء جمعية سرطان البنكرياس البريطانية بالاختبار، واصفين إياه بأنه الخطوة الأكثر أهمية نحو تحقيق اختراق منقذ للحياة منذ 50 عامًا.

ويكتسب هذا الإنجاز أهمية كبيرة، نظرًا لكون سرطان البنكرياس، الذي أودى بحياة شخصيات شهيرة مثل ستيف جوبز، آلان ريكمان، وأريثا فرانكلين، غالبًا ما يُكتشف في مراحل متأخرة جدًا، حيث لا تتجاوز نسبة المصابين الذين يبقون على قيد الحياة لمدة خمس سنوات أو أكثر سوى 7%، لكن الخبراء يؤكدون أن هذا الاختبار الرخيص والبسيط يمكنه إنقاذ آلاف الأرواح سنويًا.

الاختبار الجديد، الذي طوّرته فرق بحثية بريطانية، يُجرى باستخدام جهاز يشبه جهاز قياس نسبة الكحول في الدم ويُعرف بـ«كاشف التنفس». يعتمد على تحليل المركبات العضوية المتطايرة الموجودة في النفس، وهي جزيئات تنتجها الأورام. تظهر هذه المركبات حتى عندما يكون سرطان البنكرياس في مراحله الأولى، إذ تنتقل عبر مجرى الدم وتُصفى في الرئتين لتخرج مع التنفس.

يهدف الاختبار إلى عزل مجموعات فريدة من هذه المركبات لتحديد ما إذا كان الشخص مصابًا بالمرض أم لا، مع إمكانية حصول الأطباء على النتائج خلال ثلاثة أيام فقط، مقارنة بالإجراءات الحالية التي تتطلب إحالات طويلة للفحوصات أو المستشفيات.

تأتي هذه التجربة الكبيرة بعد دراسة أصغر استمرت لمدة عامين وشملت 700 مريض، وأظهرت نتائج واعدة. الاختبار سيخضع الآن لتجربة موسعة على 6000 مريض في 40 موقعًا في إنجلترا وويلز واسكتلندا. وإذا أثبتت التجربة فعاليته، فمن المتوقع أن يُطرح الاختبار في جميع عيادات الأطباء العامين خلال خمس سنوات، ما يمكّن من تشخيص المرضى في وقت أبكر بكثير، عندما يكون العلاج أكثر نجاحًا وفعالية.

اختبارات الدم

وفي الوقت الحالي، تُعد اختبارات الدم المتاحة في هيئة الخدمات الصحية الوطنية، مثل اختبار علامة الورم CA 19-9، نادرًا ما تكون دقيقة بما يكفي لاكتشاف المرض في مراحله المبكرة.

علّقت ديانا جوب، الرئيسة التنفيذية لمؤسسة سرطان البنكرياس في المملكة المتحدة، التي قدمت تمويلاً للدراسة بقيمة 1.1 مليون جنيه إسترليني، قائلة إن اختبار التنفس لديه القدرة على إحداث ثورة في الكشف المبكر عن سرطان البنكرياس، وهذا الاختبار هو بلا شك الخطوة الأكثر أهمية نحو تحقيق تقدم كبير في إنقاذ حياة البشر منذ 50 عامًا. وصول هذا الاختبار إلى تجربة سريرية وطنية بهذا الحجم هو لحظة أمل حقيقية وملموسة.

وقال البروفيسور جورج هانا، رئيس قسم الجراحة والسرطان في إمبريال كوليدج لندن، الذي يقود المشروع إن التمويل الجديد يعني أننا نستطيع الآن الانتقال بسرعة إلى مرحلة دراسة التحقق من صحة المريض، وهي خطوة مثيرة للغاية. التحقق من صحة النتائج الأولية لدى هذه المجموعة من المرضى المشتبه بإصابتهم بالسرطان سيكون له إمكانات هائلة للتأثير على الممارسة السريرية ومسارات إحالة سرطان البنكرياس.

يُعرف سرطان البنكرياس بالقاتل الصامت بسبب أعراضه الخفية التي غالبًا ما يتم الخلط بينها وبين أمراض شائعة مثل متلازمة القولون العصبي. وتشمل الأعراض الشائعة: آلام البطن والظهر، فقدان الوزن غير المبرر، عسر الهضم، فقدان الشهية، تغيرات في عادات الأمعاء، واليرقان.

ويقتل هذا المرض حوالي 100 ألف شخص سنويًا في المملكة المتحدة، ويموت أكثر من نصف المصابين خلال ثلاثة أشهر من التشخيص. وتشير دراسة حديثة إلى أن غالبية المرضى في إنجلترا وويلز، حوالي 62% و65% على التوالي، يتم تشخيصهم في المرحلة الرابعة، مع بقاء ما يزيد قليلاً عن خُمس هؤلاء المرضى على قيد الحياة لمدة 30 يومًا فقط بعد التشخيص.

يمثل اختبار التنفس الجديد أملًا حقيقيًا في تغيير مستقبل تشخيص سرطان البنكرياس، إذ يمكن الكشف عن المرض في مراحله المبكرة بطريقة غير جراحية وسريعة، وهو ما قد يزيد فرص العلاج الناجح ويحمي آلاف الأرواح سنويًا. ومع نجاح التجارب السريرية الموسعة، قد يصبح الاختبار جزءًا من الممارسة الروتينية في عيادات الأطباء خلال السنوات القادمة، ليكون أداة قوية ضد أحد أخطر السرطانات القاتلة.

تم نسخ الرابط