هل المبادرات وحدها تكفى ؟
صدمة إجتماعية.. 25 % نسبة زواج القاصرات تحت 15 سنة والفيوم الأولى

أكدت الدراسات والاستطلاعات الحديثة أن نسبة زواج القاصرات في مصر عام 2024 وصلت إلى 25%، مشيرة إلى أن أبرز أسباب تزويج القاصرات في مصر تتعلق بالحماية الاجتماعية والاقتصادية، الصعوبات المالية للأسر، العادات والتقاليد.
وأوضحت الدراسات الاجتماعية أن 30% من المصريين يرون أن "حماية البنت" من المشاكل الأسرية أو الاجتماعية هي السبب الرئيسي للزواج المبكر، بينما جاءت الحاجة المالية في المرتبة الثانية بنسبة 27%، ما يعكس الضغوط الاقتصادية التي تواجه الأسر.
من جانبها كشفت الدكتورة عبلة الألفى، أن نسبة زواج القاصرات في مصر لعام 2024 وصلت إلى 25%، وهو رقم أعلى من النسبة المعلنة من جهاز إحصاء الأسرة والتي تبلغ 15%. وأضافت أن حالات زواج القاصرات تحت سن 15 عامًا سجلت أعلى نسب، محذرة من التداعيات الخطيرة لهذه الظاهرة، حيث تتحمل الفتيات مسؤولية الزوج والطفل بينما زميلاتها ما زلن في المدرسة، كما تحرم العديد منهن من حقوقهن عقب الطلاق ويواجهن مشاكل متعلقة بغياب الأوراق الثبوتية التي تمنع الحصول على الخدمات الصحية الأساسية.
وأظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء تراجع نسبة زواج الفتيات في الفئة العمرية 15-17 سنة إلى 2.1% عام 2021 مقارنة بعام 2014 الذي سجلت فيه النسبة 6.3%. ويبلغ إجمالي الفتيات في الفئة العمرية 6-17 سنة حوالي 13 مليون نسمة، بنسبة 12.5% من إجمالي السكان في يوليو 2023. وتأتي محافظة الفيوم ضمن أعلى خمس محافظات في مصر من حيث انتشار زواج القاصرات، تليها البحيرة والدقهلية والجيزة والشرقية.
ينص القانون المصري على أن الحد الأدنى للزواج هو 18 عامًا، وفقًا لقرار وزير العدل رقم 6927 لسنة 2008، مع عقوبات صارمة على المخالفين لضمان حماية الفتيات. وتنص المادة 227 من قانون العقوبات على معاقبة أي شخص يقدم معلومات زائفة حول بلوغ أحد الزوجين السن القانونية بالحبس حتى سنتين أو بغرامة تصل إلى 300 جنيه. ويُعاقب المأذون الذي يبرم عقد زواج لقاصر بالحبس أو بغرامة تصل إلى 500 جنيه، بينما يُعاقب كل من زوج أو تزوج طفلًا لم يبلغ 18 عامًا بالحبس لمدة 6 أشهر وغرامة تتراوح بين 50 و200 ألف جنيه، مع عزل المأذون الذي يشارك في تزويج القاصرات وغرامة إضافية تتراوح بين 20 و50 جنيه.
مواجهة زواج القاصرات
في إطار جهود الدولة لمواجهة ظاهرة زواج القاصرات، كثّفت وزارة التضامن الاجتماعي حملاتها التوعوية ضمن برنامج "وعي للتنمية والحياة الكريمة"، من خلال مبادرة "جوازها قبل 18 يضيع حقوقها"، التي تهدف إلى تغيير المفاهيم المجتمعية الخاطئة حول تزويج الفتيات في سن الطفولة. وأكدت وزيرة التضامن الاجتماعي أن زواج الأطفال جريمة مكتملة الأركان لما يسببه من آثار نفسية وجسدية خطيرة، مشيرة إلى أن الوزارة أدرجت شرط عدم تزويج الفتيات دون سن 18 ضمن معايير استمرار الاستفادة من برنامج "تكافل وكرامة"، إلى جانب الالتزام بالتعليم والرعاية الصحية. كما تعمل الوزارة بالتعاون مع وزارة العدل على إعداد قانون يجرم تزويج القاصرات ويعاقب المتورطين من أولياء الأمور والمأذونين والوسطاء.
وقد أسفرت الحملة عن وصول رسائلها إلى نحو 20 مليون شخص من خلال القوافل الميدانية ووسائل الإعلام، بمشاركة واسعة من الاتحاد الأوروبي، وسفارة المملكة المتحدة، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ومنظمات المجتمع المدني، وذلك في إطار دعم رؤية مصر 2030 وأهداف التنمية المستدامة الهادفة إلى حماية الفتيات وتمكينهن من التعليم والحياة الكريمة.
ومن بين الجهود الأخرى التي تبذلها الدولة للحد من ظاهرة زواج القاصرات، تفعيل الاستراتيجية القومية لمناهضة الزواج المبكر (2015–2020) التي أطلقها المجلس القومي للسكان بالتعاون مع وزارة الصحة والسكان، بهدف خفض معدلات الزواج المبكر ورفع متوسط سن الزواج. كما أطلقت الدولة مبادرة "بداية" لتحسين الخصائص السكانية في بعض المحافظات، مستهدفة الحد من الزواج المبكر وتوفير الدعم للأسر في مجالات التعليم والصحة، خصوصًا في المناطق الريفية.
وتعزز الدولة جهودها القانونية من خلال تطوير التشريعات لمكافحة الزواج المبكر، بما في ذلك إصدار فتاوى رسمية من دار الإفتاء المصرية تُحرّم الزواج المبكر، وتفعيل نصوص قانونية رادعة للأهالي والمشاركين في هذه الجريمة. كما تتعاون المؤسسات الدينية مثل الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف في حملات التوعية لتوضيح المخاطر الصحية والاجتماعية للزواج المبكر وتحفيز المجتمع على حماية حقوق الفتيات.
كما تعمل الدولة على توفير الدعم الاجتماعي للأسر التي تلتزم بعدم تزويج بناتها قبل سن 18، من خلال برامج مثل "تكافل وكرامة"، بهدف تحسين الظروف المعيشية للأسر وتقليل الضغوط الاقتصادية التي قد تدفع نحو تزويج الفتيات في سن مبكرة.
مبادرات تمكين الفتيات
وفي إطار دعم الفتاة المصرية، أطلقت الحكومة مبادرات بالتعاون مع الأمم المتحدة في مصر، والتي تهدف إلى تمكين الفتيات أقل من 18 سنة وبناء مهاراتهن التعليمية والاجتماعية والاقتصادية، ومن أبرزها مبادرتي "دوّي" و"نوره".
وتعمل مبادرة "دوّي" على إشراك الناشئة من الفتيات والأولاد في الأنشطة التي تساعدهم على تحقيق كامل إمكاناتهم، مع تعزيز مشاركة أسرهم ومجتمعاتهم، ومن ثم تغيير الطريقة التي ينظر بها المجتمع للفتيات، ويقود هذه المبادرة المجلس القومي للطفولة والأمومة بالشراكة مع المجلس القومي للمرأة، وبدعم فني من اليونيسف وبالتعاون مع العديد من الشركاء.
أما مبادرة "نوره" فقد أطلقتها وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية بالتعاون مع المجلس القومي للمرأة والمجلس القومي للطفولة والأمومة وصندوق الأمم المتحدة للسكان في أكتوبر 2021، وتهدف إلى تمكين الفتيات المراهقات وإحداث تحول اجتماعي في مصر، وتُعد رمزًا لجميع الفتيات المراهقات في البلاد، مع السعي لأن تصبح نموذجًا للاستثمار في الفتيات من خلال شركاء المبادرة وصانعي الأفلام والداعمين.