ضحايا "العنب المر" في كفر السنابسة
قصص "الغُلب"على لسان الامهات الثكلى.. البنات بتشتغل عشان تكمل دراستها بس "ماتوا"

لدى كل منا قصة ليرويها، ولكن حين تكتسي هذه القصة بلون الدم ، وإحساس الحزن والالم فستصبح مهمة، ومن داخل قرية كفر السنابسة ذهباً بحثاً عن قصة شيماء وآية كانتا تعملان باليومية مقابل ب130 جنيه في اليوم، لمساعدة الاسرة أردن تغيير مصائرهن، كانتا يجمعان المال في فترة أجازة الصيف لأجل حلم الجامعة، وإستكمال مصروفاتها إحداهن كان حلمها الهندسة، وبعد أن تحصلت على الحلم ضاع كل شيء.
في كفر السنابسة، كانت ضحكات الفتيات وهمهماتهن يملأ الشوارع كل صباح، أصبحت الآن هناك لغة جديدة هي لغة الدموع، والوجوه التى ترتسم عليها ملامح الحسرة و الالم هناك أصوات أمل خافتة، أم تزرع شجرة باسم ابنتها، أب يحلم بمدرسة ثانوي تحمل اسم "شهيدات لقمة العيش"، وأطفال يروون قصص أخواتهم بفخر، مع الحزن هناك مساحة جديدة للصمود الإنساني.
يرجع اسم "السنابسة" إلى "سنبس"، أحد بطون قبيلة طيء العربية القحطانية اليمنية، مما يشير إلى جذورا ضاربة في التاريخ لقرية "السنابسة التابعة لمركز منوف بمحافظة المنوفية، برز إسم القرية بعد الحادث المأساوي الأخيرعلى الطريق الإقليمي ووفاة 19 بنت من فتيات القرية.
شميت دم بنتي
"على فكرة أنا رحت عند الحادثة، قبل حتى ما اروح المستشفى" هكذا بدأت "الست هدى" والدة شيماء طالبة الهندسة كلامها مع الصفحة الأولى “قلت لهم وقفوا العربية هنا، قلبي حس بحاجة، وقفولي العربية لقيت التريلا مقلوبة وعليها دم من تحت، حطيت إيدي ومسحت الدم، قلت لهم ده دم شيماء، بنتي راحت كدة، بنتي قالت لي حرام عليكي يا "أمايا"، ان شاء الله نروح المستشفى نلاقيها كويسة، قلت لها أنا شميت فيه ريحة أختك"وتكمل والدة شيماء رمضان عبد الحميد طالبة السنة النهائية بكلية الهندسة ماحدث لإبنتها، "بنتي كانت بتحلم تشتغل مهندسة في "بشاي للصلب" التي يعمل أبوها فيه "عامل" بس ملحقتش، مكانتش عاوزة تموت، كانت نفسها تبقى مهندسة كبيرة".
يبلغ عدد سكان كفر السنابسة والعزبة 11,852 نسمة، منهم 6197 رجل و5655 إمرأة، حسب إحصاء الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء لعام 2006.
ونعى الدكتور طارق المحمدي نائب رئيس مجلس أمناء جامعة السلام ببالغ الحزن والأسى شهداء حادث الطريق الإقليمي، مؤكدا أن الضحايا رحلن وكنّ يحملن على أكتافهن أحلامًا وآمالًا عظيمة، أكبر من أعمارهن.
واضاف المحمدي في بيان له عبر صفحته الشخصية الفيس بوك قائلا: أتذكر اليوم حلمي، وأنا ابن هذه الأرض الطيبة، نشأتي كشاب كان يحمل حلمًا مشابهًا، ويكافح ليتعلم، ويشق طريقه، حتى تخرجت من كلية الهندسة بجامعة المنوفية، واليوم وبعد أن أصبحت أستاذًا جامعيًا ومهندسًا وصاحب مسؤولية مجتمعية، لا أجد ما هو أصدق من الوقوف إلى جوار أهل هذه القرية الطيبة.
ومن هذا المنطلق، أتقدم برحلة عمرة للأم الفاضلة والدة الطالبة شيماء وبمنحة دراسية شاملة في جامعة السلام أو التكفل بجميع المصاريف الدراسية لأحد أشقاء الفقيدة عليها رحمة الله،التي كانت تعمل وتدرس الهندسة في آنٍ واحد
أن شيماء كانت تعمل في مزارع العنب خلال الإجازة لتساعد في مصاريف دراستها، وقالت لهم قبل يومين إنها ستذهب للعمل لأنها ستمتحن مواد في الصيف، ولا تريد أن تُثقل على والدها، وكانت تحلم بأن تكون مهندسة وترفع رأس أسرتها، لكنها رحلت قبل أن يتحقق الحلم.
وتكمل والدة شيماء "ياريتني ما صحيتك يا بنتي، ياريتك ماروحتي، كنت حبستك في البيت ومخرجتيش"، مؤكدة أن شيماء كانت تذهب معها أختها هدى للعمل، لكن في اليوم الأخير قالت لها إنهم لا يحتاجونها، فجلست في المنزل ونجت من الحادث..
تروي لنا "الست" هالة الجيوشي 42 سنة أم لإثنتين من البنات آية 21 عاما، في كلية الآداب قسم علوم، توفت في الحادث وآيات 14 سنة في الصف الثالث الإعدادي، مازالت في المستشفى في العناية المركزة وحالتها حرجة.
تقول " أنا سمعت إن المواقع كاتبة وبتقول هما ليه بيخرجوا بناتهم يشتغلوا، علشان محتاجين ال130 جنيه، أيوة محتاجين طبعا، آية بقالها 6 سنين بتشتغل في "محطة السعد" ولو مكانتش بتشتغل مكانتش عرفت تدفع فلوس الثانوية العامة، ولا عرفت تدخل الجامعة، أنا برجو من ربنا آيات تقوم بالسلامة ومخسرهمش الاتنين، يارب أنت العالم يارب، كتير عليا اتنين من ولادي"
تضيف الأم" أنا كمان بخرج اشتغل في المحطة، اللي مش لاقي ياكل يعمل أه، لازم يشتغل، ويارتني كنت معاهم كنا متنا كلنا مع بعض"
الشركة التي "تستأجر" البنات للعمل اسمها"محطة السعد" ولكن يبدو أنها شركة ليس لها من أسمها نصيب، فقد رفض صاحب الشركة التعامل معنا وقال ليس لنا علاقة بالموضوع، ميخصناش.
بلغ عدد سكان كفر السنابسة وعزبته 11,852 نسمة، منهم 6197 رجل و5655 إمرأة، حسب الإحصاء الرسمي لـ الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء لعام 2006.
وهي قرية ريفية تقليدية تتميز بطابعها الزراعي وارتباط سكانها بالعمل اليومي في الزراعة أو الصناعات القريبة مثل مصانع مدينة السادات، اشتهرت القرية مؤخرًا بسبب الحادث المأساوي الذي وقع في يونيو 2025 على الطريق الإقليمي، والذي أودى بحياة 19 شخصًا من أبنائها.
تتميز القرية بطابعها الريفي التقليدي، مع شارع رئيسي ضيق وشوارع جانبية ترابية، وتعلو أصوات قراءة القرآن في أرجائها، خاصة بعد الحادث المأساوي.


