و الأخيرة

رئيس مجلس الإدارة
أحمد عصام فهمي
رئيس التحرير
محمود الضبع

قصة قرية مهجورة

الجن يطرد سكان قرية «أم الحويطات» بالبحر الأحمر والحكومة تحولها لمزار سياحي

موقع الصفحة الأولى

لم يكن لأحد أن يسمع عن أم الحويطات المجهولة والمهجورة، وكانت ستظل مجرد ذكرى في قلوب أهلها فقط، لولا أنها تحولت إلى مزار سياحي قبل بضع سنوات وأصبحت تجذب رحلات السفاري ومحبي سياحة المغامرات.

أم الحويطات مخلدة في روايات أهلها عنها بحكايات غريبة وغيبية قد لا يصدقها الكثيرون، ولكنهم يرجعون أن السبب في تركهم للقرية كان بسبب أفعال الجن الغريبة معهم، وليس بسبب إغلاق مصنع الفوسفات، وأن القصص المتداولة عن الأصوات المخيفة والظلال التي لا يمكن تفسيرها، أو الحديث عن خطوات تتردد بالغرف الفارغة أو سماع صوت الأذان يزيد من الإقبال على رحلات السفاري التي تقوم بها شركات السياحة إلى هذه القرية بعد أن أعلنتها الحكومة كمزار سياحي.

أم الحويطات الواقعة جنوب غرب مدينة سفاجا، كانت مركزاً رئيسياً لصناعة الفوسفات في مصر، حيث ازدهرت حياتها حول شركات التعدين التي وفرت فرص العمل وساهمت في دعم الاقتصاد المحلي، المنازل التي شُيدت لتحتضن العاملين وأسرهم، والمباني الإدارية من مدارس ومسرح ووحدة صحية ومركز شباب التي كانت تعج بالحركة والنشاط، أصبحت اليوم أطلالاً تروي قصص الماضي.
في السنوات الأخيرة، بدأت رحلات السفاري تستغل الغموض المحيط بالقرية لتقديم تجربة مميزة للسياح. الزوار يتجولون بين أطلال المباني القديمة ومناجم الفوسفات، مستكشفين تاريخ القرية وحياة سكانها السابقين. وبعض الشركات تقدم برامج سياحية تشمل زيارات إلى المنطقة مصحوبة بقصص عن ماضي القرية، ما أضفى عليها بعداً سياحياً جديداً.

اكتشاف الفوسفات


أثناء الاحتلال البريطاني لمصر، وتحديدا عام 1902 بدأت أعمال بحث مكثفة بالقرب من سفاجا، بهدف العثور على المواد الخام، وتمكن الجيولوجيون الأجانب بقيادة المهندس "آندي" من تحديد نسبة ضخمة من الفوسفات، وهو معدن مهم لصناعة الأسمدة.
وأدرك "آندي" الإمكانات الاقتصادية للمنطقة، خاصة مع قربها من البحر، وعهدت إليه القوات البريطانية مهمة تأسيس أهم قرية تعدينية في مصر، وتم إنشاء خط سكة حديد يربط بين "أم الحويطات" وميناء سفاجا لنقل المواد الخام ثم شحنها إلى إنجلترا.

وجلب هذا المهندس الكثير من العمال من مناطق متفرقة في مصر للعمل بالمناجم، حتى عاش بالقرية في أوج ازدهارها حوالي 16 ألف شخص، وهيأ لهم حياة متكاملة تضمن استمرار استخراج المعدن، بداية من نقل مياه الشرب وتوزيع حصص تموينية تكفي احتياجاتهم الشهرية من الدقيق والبقوليات والزيت واللحوم وغيرها من المواد الغذائية والكيروسين "الجاز" لإنارة اللمبات ليلا، وحتى إنشاء المدارس لتعليم أبناء القرية ومستشفى صغير لعلاجهم، وكذلك بناء المساجد للصلاة.

وبعد 23 في يوليو/تموز 1952 وانتهاء الاحتلال البريطاني، أصبحت "أم الحويطات" تحت القيادة المصرية ويتولى مسؤولية التنفيذ شركة فوسفات سفاجا، واستمر العمل بالمناجم إلى أن أُغلقت الشركة وتم إيقاف العمل بها في تسعينيات القرن العشرين، الأمر الذي لم يترك لسكان القرية خيارا سوى البحث عن سبل العيش في أماكن أخرى أو العودة لمسقط رأسهم، وبعضهم حصل على وحدات سكنية في "أم الحويطات" الجديدة مكافأة لعملهم في المناجم سنوات طويلة.

تم نسخ الرابط