الاستثمار في المحتوى الأصيل والمفيد
"الأزمة الاقتصادية للصحافة" رسالة دكتوراه بجامعة سوهاج تقدم روشته علاج صاحبة الجلالة
إدارة المؤسسات الصحفية و الإعلامية لأزماتها الاقتصادية: دراسة للقائم بالاتصال والنخبة والقيادات الإعلامية هو موضوع الدكتوارة الذي نوقش بقسم الإعلام بكلية الآداب جامعة سوهاج أعد الدراسة الباحث علاء محمد السيد، وأشرف عليها الدكتور صابر حارص أستاذ الإعلام بجامعة سوهاج مع الدكتور حسن علي عميد كلية الإعلام جامعة المدينة، وناقشها كل من الدكتور جمال النجار أستاذ الصحافة بجامعة الأزهر، والدكتورة فاطمة الزهراء صالح أستاذ الإذاعة والتلفزيون بجامعة سوهاج
وحازت الرسالة مرتبة الشرف الأولى، ورأت لجنة المناقشة أن ترسل نسخا منها للهيئة الوطنية للصحافة والهيئة الوطنية للإعلام وأوضح الدكتور صابر حارص المشرف على الرسالة أن الدراسة رصدت أنواع وأبعاد ومظاهر الأزمات الاقتصادية التي تعاني منها المؤسسات الصحفية والإعلامية وأسباب هذه الأزمات سواء من داخل المؤسسات أو من خارجها؛ فبرزت العوامل السياسية وتداعياتها منذ أحداث 2011، وما تركته هذه الأحداث من تحولات في حرية الصحافة وصلت إلى حد الفوضى خلال عامي 2011، و 2012 ثم عودة إلى ظروف أصعب مما كانت عليه قبل 2011 بحكم تعاقب أحداث 2013 وما تلتها من أحداث عنف وأزمات اقتصادية عامة انعكست على الصحافة والإعلام شأنها شأن أي مؤسسة في المجتمع
وأضاف حارص أن المؤسسات الصحفية والإعلامية كانت أول المؤسسات التي استجابت لتداعيات الأزمة الاقتصادية العامة، فخفضت أجور الصحفيين والإعلاميين، وقللت نفقات الإنتاج، وتراجعت موارد الإعلانات، وتخبطت أساليب الإدارة، وتخلفت نظم ونماذج التمويل خاصة بعد أن عصفت بها ظاهرة السوشيال ميديا والمنصات الرقمية التي تحولت من مجرد وسائل تواصل اجتماعي الى وسائل إعلام ومعلومات وأخبار ومعرفة وتعلم وترفيه، فتحول الجمهور إليها، وغيرت من عادات استهلاكه الأمر الذي دعا وسائل الإعلام والصحافة إلى الاندماج والتكامل مع هذه المنصات الرقمية والاجتماعية
ولفت حارص إلى أن تأخر وتباطؤ المؤسسات الصحفية والإعلامية في التحول الى ظاهرة الصحافة الرقمية والتكامل معها كان عاملا مهما من أسباب الأزمة الاقتصادية التي يعيشها الإعلام والصحافة الآن، وتابع حارص أن هذا التباطؤ قابله تباطؤ آخر من القيادات الإعلامية ومؤسسات الدولة في دراسة الأزمة وسرعة علاجها.
علاج أبعاد الأزمة
وقال حارص أن الدراسة طرحت رؤية علمية لعلاج أبعاد الأزمة بمقابلات متعمقة مع القيادات الإعلامية والنخب الصحفية والإعلامية، كما استطلعت أراء 400 مبحوثا من مختلف المؤسسات الصحفية والإعلامية، وانتهت إلى تعقيد الأزمة بشكل كبير، نظرا لتداخلها مع مستوى جودة المحتوى، والظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها الصحفيون والاعلاميون على مدار 15عاما؛ فقد تراجع الأداء المهني، وقلت القصص الجذابة والمحتوى الهادف وهموم الناس وقضايا التنمية الحقيقية والالتزام بالدقة والمصداقية، كما تراجعت ثقة الجمهور، بل وأصبحت هناك اتجاهات سلبية وعدائية نحو بعض الإعلاميين.
وتابع حارص أن أزمة المحتوى بهذا الشكل لا يمكن علاجها بصحفيين واعلاميين يعانون شغف الحياة ومصاريف أبنائهم يوما بعد يوم، مما خلق ظواهر جديدة كالعمالة المؤقتة والاعتماد عليها والتربح من ورائها، وغياب روح الانتماء للمؤسسة وعدم استقرار الصحفي وتعدد الولاءات لمصادر رزقة الصحفي التي تعددت رغما عن ولخص حارص أهم ما توصلت إليه الدراسة من مقترحات عاجلة للتخفيف من حدة الأزمة الاقتصادية التي تعيشها المؤسسات الصحفية والإعلامية بسرعة تطوير المواقع والتطبيقات الإخبارية على الموبايل، والتوسع في الاعتماد على تطبيقات الموبايل في إنتاج كافة أشكال المحتوى الرقمي، وكذلك التوسع في معدلات التفاعل مع الجمهور، والاستثمار في المحتوى المرئي والمسموع مثل الفيديو بأشكاله وأنواعه المختلفة وخاصة مقاطع الفيديو القصيرة والبودكاست
ولفت حارص الى أهمية الاستثمار في المحتوى الأصيل والمفيد الذي يلامس احتياجات الناس النفسية والمادية، وتوظيف الصحافة الاستقصائية وصحافة البيانات في المحتوى الجذاب، والتواجد الفعال على السوشيال ميديا خاصة الفسيبوك وتويتر، وتبني استراتيجية التمويل عبر المحتوى المدفوع والاشتراكات الرقمية، وخلق جماهير جديدة لديها الاستعداد لشراء محتوى حصري
وكذلك استراتيجية التسويق بالمحتوى عبر تقديم خدمات تسويقية في شكل محتوى إعلامي للشركات والمؤسسات دون الإخلال بالمصداقية، وعقد شراكات استراتيجية مع مؤسسات ومنظمات غير ربحية بهدف الحصول على دعم مالي لتمويل مشاريع معينة، والتعاون مع شركات التكنولوجيا لتقديم محتوى حصري على منصاتها، وتطويير أنظمة ونماذج التمويل وقياداتها الإدارية والمالية حتى تواكب الكفاءات العالمية في الإستثمار الرقمي، وإعادة هيكلة الكوادر البشرية ليتماشى مع التطور المدمج الجديد، وإعادة استثمار الأصول غير المستغلة، وتحويل أجزاء من المؤسسات إلى شركات مساهمة في البورصة لجذب استثمارات جديدة وتوفير سيولة مالية، وإسناد مهام الإدارة المالية لكفاءات متطورة في الرقمنة ونظم التمويل الرقمي، وإعادة بناء المصداقية واسترداد ثقة الجمهور، وتعاون الدولة عبر مصادرها الرسمية في سرعة إتاحة المعلومات وخاصة في الأحداث والقرارات المهمة حتى لا ينصرف الجمهور عن متابعة إعلامنا الوطني وأكد حارص في ختام تصريحه أن كل هذه المقترحات والحلول لا يمكن تنفيذها دون تعزيز حرية الصحافة والإعلام، وتحسين الأوضاع المالية للصحفيين والإعلاميين.
|















