و الأخيرة

رئيس مجلس الإدارة
أحمد عصام فهمي
رئيس التحرير
محمود الضبع

العقوبات الأمريكية طالته لتهريبه الكبتاجون

أسرار سقوط "إمبراطور المخدرات" بلبنان نوح زعيتر بعد 3 سنوات من التخفي

موقع الصفحة الأولى

بعد 3 سنوات من التخفي يسقط إمبراطور المخدرات في لبنان نوح زعيتر، الذي يعد أبرز المطلوبين للدولة اللبنانية في جرائم الاتجار بالمخدرات وإطلاق النار، وهروبه المستمر على الحدود السورية اللبنانية.  

نوح زعيتر المطلوب الذي عرفه البقاع بوصفه «الإمبراطور»، عاش خلال هذه السنوات أطول مراحل التخفي، متنقلا بين الحدود، قبل أن يفقد تدريجيا امتداداته السورية وشبكته الداخلية، وصولا إلى اللحظة التي انهارت فيها كل خطوط الحماية دفعة واحدة.

وتشير وسائل الاعلام اللبنانية أن مرحلة التضييق الأمني على نوح زعيتر كانت منذ عام 2022 إذ أسفرت عملية أمنية نفذها الجيش اللبناني في بعلبك، شرق لبنان، عن واقع جديد؛ إذ خسر المطلوبون من مروجي المخدرات والمدانين بإطلاق النار واستهداف الجيش اللبناني، الغطاء الأهلي والعشائري، وقام الجيش بجرف أوكار يتم تقديم المخدرات فيها، ومن بينها وكر لزعيتر نفسه.

كما نفذ الجيش مداهمات واسعة في حي الشراونة في بعلبك، وجرود الكنيسة، مسقط رأسه، في شرق لبنان، بعد تزايد عمليات إطلاق النار وتنامي نفوذ الشبكات المسلحة. أدت تلك العمليات إلى سقوط قتلى وجرحى في صفوف العسكريين، واتُّهم مقربون من زعيتر بالمواجهة المسلحة.

وفي تلك الفترة، تم توقيف مهدي ابن نوح زعيتر في كمين محكم قرب بعلبك بعد مراقبة دقيقة، في إشارة إلى أن القبضة الأمنية بدأت تُحكم على الدائرة الأقرب إليه، وجاء توقيف مهدي، بعد عملية أخرى في جونيه، أسفرت عن توقيف نجله الآخر علي، بتهمة تعاطي المخدرات.

بداية السقوط 

في تلك اللحظات، عرف نوح زعيتر أن الغطاء الأمني الذي يحميه، فقده، فقرر التواري واللجوء إلى سوريا، حيث ظهر في عدة مقاطع فيديو في عدة مدن في سوريا بينها حماة واللاذقية،  حسبما بينت مصادر في الأمن اللبناني في البقاع، مشيرة إلى أن تراكم الملفات القضائية أفقده الغطاء، في إشارة إلى حكم غيابي بـ«المؤبد» عام 2021، ثم حكم بالإعدام الغيابي عام 2024، على خلفية مقتل عسكري في مداهمات 2022.

وفي عام 2023 طالت العقوبات الأمريكية نوح زعيتر حيث وضعت اسمه في إطار دولي مرتبط بإنتاج وتهريب الكبتاجون، وهذا التحول حمل رسائل ثقيلة للمحيطين به، أي اقتراب من الشبكة صار مكلفاً داخلياً وخارجياً. كثيرون ابتعدوا، وشركاء بارزون له فروا إلى سوريا، فيما آخرون فضلوا الانسحاب الكامل، وفي الوقت نفسه، ازداد الخناق على حلقته الضيقة.

وأكدت مصادر أمنية لبنانية في بعلبك أن تعقب نوح زعيتر في الحدود مع سوريا واعتماده عليها لحركة رجاله وعمليات التهريب، موضحاة أن خلال سنوات الحرب السورية، شيد منزلا في إحدى بلدات ريف القصير، وبنى شبكة علاقات وثيقة مع ضباط من الفرقة الرابعة، ما منحَه غطاء سمح له بالتحرك بحرية ومراكمة النفوذ.

لكن تبدل السلطة هناك أطاح بكل ذلك، حسما أفادت المصادر، ومع دخول مجموعات جديدة إلى القرى الحدودية، صودرت ممتلكات ومقرات، وسدت المسالك التي كانت تشكل الشريان الرئيسي لأنشطته منذ تلك اللحظة، بدأت النهاية الفعلية، نصف قوة زعيتر سقطت يوم فقد امتداده السوري.

الحلقة الأخيرة

وفي 6 أغسطس 2025، كانت الضربة القاسمة لـ نوح زعيتر يومها نفذ الجيش اللبناني عملية واسعة في حي الشراونة أسفرت عن مقتل علي منذر زعيتر، المعروف بـ"أبو سلة".

أعاد مقتل "أبو سلة" رسم خريطة القوى داخل البقاع، وأسقط آخر شبكة حماية بقيت قائمة حول "الإمبراطور"وبعد تلك العملية، صار توقيف نوح مسألة وقت. فقد رجاله وممرّاته، ولم يعد يملك سوى التخفي. 

وعندما أطبق جنود الجيش اللبناني على زعيتر، لم تحصل مواجهة، ولم يتسنّ له الوقت لإطلاق النار، والطريقة التي أوقف بها، من دون مقاومة، جعلت الناس يتساءلون إن كان الرجل قد وجد نفسه في طريق مسدود تماما، حيث كانت كل خطوط الهرب مقطوعة، وكل الامتدادات منهارة، ولم يعد أمامه سوى الاستسلام أو السقوط.

توقيف نوح زعيتر لم يكن مفاجئ، بل جاء بعد تضييق الخناق الأمني في الداخل، والعقوبات الدولية، وسقوط الامتداد السوري، والتضييق على تجار المخدرات، كل ذلك جعل تخفيه مجرد إرجاء للحظة الحتمية.

وأكدت المصادر الأمنية اللبنانية أن ما حدث مع نوح زعيتر ليست قصة توقيف شخص واحد، بل نهاية مرحلة كاملة من اقتصاد التهريب في البقاع، وما حدث لم يكن ليقع لولا أن الحماية السياسية والأمنية انهارت معا.

تم نسخ الرابط