و الأخيرة

رئيس مجلس الإدارة
أحمد عصام فهمي
رئيس التحرير
محمود الضبع

تأثيرات فزيائية بالغة الخطورة..

"متاحف للايجار".. انتقادات واسعة لإقامة الحفلات في المناطق الأثرية وسفح الهرم

موقع الصفحة الأولى

حالة من الغضب تنتشر بين العديد من خبراء السياحة والآثار بسبب إتاحة عدد من المناطق الأثرية لإقامة حفلات خاصة واخرى عامة، واباحة تلك الساحات لكل من له القدرة على الدفع واقامة الحفلات، معتبرين أن المناطق الأثرية تحولت إلى ساحة للايجار . 

ومن الأمثلة المتعددة لانتهاك المناطق الأثرية بالحفلات، كان أحدثها حفل زفاف ابنة الفنان أحمد زاهر، الفنانة الشابة ليلى أحمد زاهر، على المنتج والفنان هشام جمال، في منطقة هرم سقارة، الأسبوع الماضي، وكان العروسان قد عقدا قرانهما قبلها بأيام في مسجد محمد علي، الذي يقع داخل «متحف قصر المنيل».

كما تم اقامة حفلة ضخمة صاخبة للفنان عمرو دياب بمنطقة الأهرمات، في أبريل من العام الماضي،  وأثار حفل الذي أحيته فرقة "Keinemusik" الألمانية، بمحيط أهرامات الجيزة، موجة من الغضب والجدل على مواقع التواصل الاجتماعي.

وشهد الحفل الذي شارك فيه الفنان عمرو دياب بالغناء، تصرفات من بعض الحاضرين خرجت عن نطاق اللياقة والأخلاق مثل الملابس التي وصفها البعض بـ"العارية" والخادشة للحياء، وأن سلوكيات بعض الحاضرين في الحفل وُصِفت بأنها تمثل خروجًا عن العادات والتقاليد المصرية الأصيلة، ما أثار استياء كثيرين واعتبروا ذلك انتهاكًا لحرمة المكان التاريخي. 

ومن الوقائع الهامة ما حدث في حفل تامر حسني بقصر البارون مؤخرا، والتي شهدت سقوط حامل إضاءة على الجمهور بساحة قصر البارون الأثري، وهي ما أثارت جدلاً وانتقادات واسعة في الأوساط الأثرية والسياحية بمصر.

وأسفرت الحادثة عن إصابة 10 أشخاص، مما دعا الجهة المنظمة للحفل إلى إلغائه قبل أن تتولى الجهات المعنية التحقيق.

ونفى الفنان تامر حسني أن يكون هو صاحب الحفل، وكتب عبر حسابه بمواقع التواصل الاجتماعي: «بالنسبة للمؤتمر الطبي الدولي، أنا كنت مدعو للغناء ضمن إحدى فقرات المؤتمر، وهذا يعني أن الحفل لا يرتبط باسمي كما تردد».

كما نشر مؤخرا فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي بتجهيزات تتم لإحدى الحفلات في ساحة المتحف المصري في ميدان التحرير بجوار التحف الأثرية التي يحويها المتحف . 

وجددت تلك الوقائع الانتقادات والجدل عبر منصات التواصل الاجتماعي حول السماح بإقامة مراسم الزفاف والحفلات الفنية في المتاحف والمناطق الأثرية المصرية.

ومن أشهر حفلات التي أُقيمت في مناطق أثرية بمصر خلال الفترة الماضية، حفل زفاف الملياردير الهندي أنكور جاين وزوجته إريكا هاموند، الذي أُقيم في منطقة الأهرامات بالجيزة، وفي أكتوبر الماضي، و شهدت منطقة الأهرامات حفل زفاف ابنة رجل الأعمال السوري باسل ساقية، صاحب إحدى شركات الملابس الشهيرة بمصر، وفي يونيو الماضي، كما  أثار عقد قران ابنة الإعلامية المصرية مفيدة شيحة، داخل مسجد محمد علي بقلعة صلاح الدين الأيوبي انتقادات واسعة.

وتجددت انتقادات إقامة حفلات الزفاف بالمناطق الأثرية عقب نشر متحف قصر المنيل عبر صفحته بموقع «فيس بوك» في سبتمبر الماضي، إعلاناً يدعو فيه الراغبين في توثيق حفلات عقد قرانهم إلى الذهاب إلى المتحف.

سلوكيات تضر بسمعة مصر

ومن جانبه استنكر الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، إقامة الحفلات بجوار منطقة الأهرامات، مؤكدًا أن هذه الممارسات تخلف وراءها قمامة وسلوكيات لا تليق، وتمثل اعتداءً على قدسية المواقع الأثرية.

وقال عبد المقصود، في تصريحات تلفزيونية، إن امتناع المسؤولين عن الرد على الاتصالات الهاتفية بخصوص هذه القضية يعكس وجود خلل في التعامل مع ملف الآثار.

وأضاف: "أشعر بالحزن على بلدي حين أشاهد فيديوهات تلك الحفلات التي تسيء لصورة السياحة بدلًا من دعمها، حيث يظهر السائحون في مشاهد وسط الأسلاك والمخلفات التي تخلفها هذه الفعاليات".

وأشار عبد المقصود إلى ضرورة حماية سمعة مصر بوضع ضوابط صارمة كما كان الحال في عهد الوزير الأسبق فاروق حسني، لضمان التعامل اللائق مع المواقع الأثرية والسياحية عند إقامة الحفلات أو الفعاليات بها.

وتابع قائلًا: "مش كل واحد معاه فلوس وبيجوز بنته يروح يعمل الفرح عند الهرم"، مشددًا على أن مثل هذه الحفلات لا تُعد ترويجًا للسياحة أو للمنشآت الأثرية بأي شكل.

وأكد أن الترويج السياحي الحقيقي يعتمد على خطط مدروسة وآليات محددة، وليس عبر حفلات تقام في قلب المناطق الأثرية، لافتًا إلى أن المشكلة الأساسية هي في إقامة الفعاليات قرب حضن الأهرامات وأبو الهول.

وأوضح الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، أن الذبذبات الناتجة عن مكبرات الصوت والألعاب النارية المستخدمة في هذه الحفلات تضر بالأثر من الناحية الفنية.

واختتم عبد المقصود تصريحاته بالتأكيد على أن مشاهد الأفراح والقمامة بجوار الهرم تتعارض مع الترويج السياحي وتضر بصورة مصر عالميًا.

التأثير الفزيائي على الأثار 

وفي سياق أخر، أعلنت "حملة الدفاع عن الحضارة المصرية" رفضها إقامة هذه الاحتفالات، وقال مؤسس الحملة الخبير الأثري عضو لجنة التاريخ والآثار بالمجلس الأعلى للثقافة الدكتور عبد الرحيم ريحان، إن هذه الحفلات وما يصاحبها من الضوضاء والأضواء ضارة بالأثر، فقد أثبتت الدراسات الفيزيائية الحديثة أن الأصوات التي تتجاوز 85 ديسيبل تُحدث اهتزازات دقيقة تؤثر على تركيب الأحجار، مما يؤدي إلى تآكل غير مرئي قد يتفاقم مع الزمن، وأن بعض المعدات الصوتية تُنتج ذبذبات بترددات منخفضة يمكنها أن تُحدث خلخلة في البناء الحجري القديم. 

وطالب ريحان بـإعادة النظر في مفهوم توظيف المواقع الأثرية بوصفها سلعة ثقافية وليست سياحية، وبالتالي فإن إعادة توظيفها يجب أن يكون في إطار الأنشطة الثقافية والمعارض الفنية ومسارح لعرض الفنون التراثية والشعبية وكل منتج ثقافي.

جدير بالذكر أنه في مايو 2016، حدد المجلس الأعلى للآثار عددا من الضوابط لإقامة الاحتفالات والأنشطة بالمتاحف والمواقع الأثرية، منها: "ألا يترتب على هذه الأنشطة أي تعديلات أو إضافات على المبنى الأثري، وألا تكون التجهيزات الخاصة بالنشاط مشوِّهة للمبنى الأثري وعناصره الفنية، ولا يترتب على إدخالها أي أخطار محتملة، وأخذ جميع التعهدات اللازمة من مقيمي الأنشطة والفعاليات للحفاظ على المبنى أو الموقع الأثري".

تم نسخ الرابط