هل تنجح الثورة السورية ؟.. تابعت مثل الكثيرين حديث ابومحمد الجولاني (احمد الشرع) الي ال CNN ، واستمعت اليه يتكلم عن مستقبل سوريا بوجود مجلس شورى يضم كل الطوائف والفئات، وهو الذي سيقرر شكل الحكم ونوع القانون وستكون سوريا دولة مؤسسات ، وعن التخوف من الشكل الإسلامي للحكم اظهر تفهمه ان بعض التطبيقات لم تكن على المستوى ، وطالب بالأنتظار لان القرار سيكون لمجلس شورى منتخب لا يستبعد اي طائفة ، كان حديثه هادئاً جدا ولم يتشنج او ينتشي بانتصاره السريع حتى بدأ اقل تفائلاً من غيره ممن يكرهون النظام العلوي في سوريا وطالب بالتمهل وعدم الاستعجال حتى نرى ما يمكن تحقيقه على الارض ، كان حديثاً هادئاً متوازناً زكياً مر الناحية السياسية والاجتماعية ورسائل التطمين للداخل السوري بجميع فسيفسائه الدينية والعرقية كانت واضحة ، ورسالة تطمين الأنظمة العربية إقليمياً أيضاً كانت واضحة ورسالة تطمين العالم اجمع كانت على نفس المستوى .
الإرهاب والصورة النمطية
وهنا تذكرت ان الولايات المتحدة صنفته ارهابيا هو والهيئة التي يديرها (هيئة تحرير الشام) ، فسألت نفسي وما هو تعريف الارهاب والارهابي؟ طبقا لمواثيق الامم المتحدة والأعراف الدولية ، وطبعاً على قدر سهولة السؤال كانت الاجابة ، الارهاب هو ترويع الآمنين المدنيين بشكل خاص وقتل الرجال واعتقالهم تحت تهديد السلاح وسبي النساء واغتصابهن وتسخير الأطفال وتعريضهم للخطر ، وتبادر للذهن الصورة النمطية للارهابي كما صوره الإعلام طوال عقود طويلة هو ذلك الملتحي ذو الجلباب والجاكت والعمامة ويحمل في يديه مدفع رشاش ، والذي يريد فرض شكل معين من الحياة اليومية تعتمد على المظهر دون الجوهر ويحرم على الناس حياتهم فلا يحلق الرجال ذقونهم ولا تكشف النساء شعورهن والتلفاز حرام والسينما حرام والاختلاط حرام وكل حياتنا حرام في حرام ، ولا يتخذ النقاش سبيلا لتوضيح فكرته فالمسدس اسبق عنده من اللسان ، ولا يحترم قانون ولا مؤسسة واصبح رعبنا نحن المسلمين من هذا النموذج وهذه الصورة النمطية اكثر بكثير من زعر الغرب الذي أصابته بعض العمليات الارهابية .
الإرهاب والتغيير السياسي
ولكن شاهدت إنسان مثقف هادئ الطباع حريص في كلامه يؤكد على احترام المؤسسات والأقليات والديمقراطية التي ستأتي بمجلس شورى يختار نظام الحكم ويضع القانون الذي سيلتزم به الجميع ويحمي الجميع ، وعلى الارض تابعت القرى والمدن التي دخلها هو وفصيله يستقبلونهم بالتهليل والتكبير ، وقد فتح المعتقلات وأخرج منها المظلومين والمقهورين الذين تعذبوا تحت وطأة نظام الأسد والذي يصدق فيه وفي نظامه وصف الارهاب فهو الذي فتح المعتقلات لمعارضيه وهو الذي قتل الرجال واغتصب النساء ويتم الأطفال ولم يفتئ ليل نهار يرمي شعبه بالبراميل المتفجرة واستعان بالمليشيات الاجنبية ضد شعبه الأعزل بعدما افقر الشعب وقلب طوائفه ضد بعضها البعض (هذا هو الارهاب بعينه) .
وهنا سألت نفسي هل تنجح الثورة السورية في تقديم نموذج ديمقراطي للحكم يقنعنا نحن اولا ثم الغرب بانه لا خوف منه وان هذا النموذج لم يأتِ لمعادة الحضارة والتنمية ومظاهر تقدم البشرية من تعليم وفن وحياة عصرية ، ولكنه جاء يجمع بين كل هذه المظاهر وعدالة الإسلام السمحة في التعامل مع المخالف قبل المؤيد ، وان يقول بصوته ومظهره ان الدين لله والوطن للجميع ، اتمنى ذلك ولكن لا نفرط في التفائل فدعونا ننتظر لنرى ما سيحدث.
الدكتور عادل المسلماني عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والإحصاء والتشريع