الأولى و الأخيرة

وثائق بريطانية سرية

مبارك كان قلقان من دور «سوزان» ورفض لقاء ملكة بريطانيا بسبب «الهانم»

موقع الصفحة الأولى

برغم سقوط نظام الرئيس السابق حسني مبارك منذ أكثر من أثني عشر عاما، إلا أن دور زوجته سوزان مبارك في الدولة المصرية وأروقة الحكم يظل مثار تساؤلات كبيرة، خاصة وأن "الهانم" كما كانت تلقب من الدوائر المقربة من نظام مبارك، كانت تتدخل في كل صغيرة وكبيرة في مؤسسات الدولة، ووصلت تدخلاتها إلى محاولة فرض نظام حكم معين، من خلال "التوريث".

ويبدو أن طموح "الهانم" كان مبكرا، من وقت تولي مبارك السلطة، وربما عندما كان نائبا للرئيس الراحل أنور السادات، وهو ما فرض على مبارك "نمطا معينا" في حركته ومقابلاته، خاصة في فترات رئاسته الأولى، الأمر الذي دعاه إلى رفض مقابلة العائلة المالكة البريطانية، بسبب وجود "سوزان" معه، وهو ما كشفته وثائق بريطانية سرية، تعرض "الصفحة الأولى" ملخصها في السطور التالية..  

الوثائق السرية البريطانية، قالت إن الرئيس السابق حسني مبارك، أصر على رفض مقابلة أي من أفراد العائلة الملكية البريطانية أثناء سنوات رئاسته الأولى، نتيجة موقفه من الطريقة التي تعامل بها سابقه الرئيس أنور السادات مع العائلة المالكة، وبسبب خوفه من تنامي دور قرينته سوزان مبارك.

 

قلق مبارك من دور سوزان

كما كشفت الوثائق البريطانية، عن أن مبارك تعمد إعطاء صورة لنظام حكمه الجديد، تكون مختلفة عن النظام السابق، إضافة إلى قلقه من دور زوجته سوزان مبارك في العمل العام.

وأثناء الترتيب لزيارة مبارك الثانية إلى العاصمة البريطانية لندن في شهر فبراير 1983، رفض الرئيس السابق دعوة بريطانية للقاء ولي العهد البريطاني وقتها، الأمير تشارلز، وزوجته ديانا، أميرة ويلز.

ولفتت الوثائق، إلى أن رفض مبارك أزعج الحكومة البريطانية، حيث كانت تتمنى أن ينتج عن ذلك اللقاء، تدعيم العلاقة بين أسرة مبارك والعائلة الملكية.

 

تصرفات مبارك أثارت قلق الخارجية البريطانية  

وكشفت برقية صنفت بالسرية والعاجلة، أرسلت إلى وزارة الخارجية البريطانية في 27 يناير 1983، عن أن السير مايكل وير، السفير البريطاني في القاهرة، تلقى معلومات شكلت مفاجأة مذهلة له وللخارجية البريطانية، حول تصرفات الرئيس مبارك.

ولخصت البرقية محادثة مزعجة، حسب وصف السفير، مع الدكتور إبراهيم شكري، زعيم حزب العمل المعارض وقتها، نوقش من خلالها اللقاء المقترح بين مبارك وتشارلز وديانا.

وحسب الوثائق، فإن أسامة الباز، مستشار الرئيس مبارك قال للسفير البريطاني إن الرئيس كان يفضل أن تكون قرينته سوزان بعيدا عن الأضواء في بدايات حكمه.

كما نقل السفير البريطاني عن "شكري" قوله إن الرئيس مبارك لم تعجبه الطريقة التي تعامل بها الرئيس السادات مع زيارة أمير وأميرة ويلز لمصر في نهاية جولة شهر العسل بعد زواجهما

وقضى الأمير تشارلز وزوجته الأميرة ديانا، جزء من شهر العسل على متن اليخت الملكي "بريتانيا" أمام سواحل مصر، في الفترة من 12 إلى 15 أغسطس 1981، ثم ذهبا إلى مدينة الغردقة، والتي طارا منها إلى لندن، بعدما وجه لهما مبارك الدعوة بصفته نائب الرئيس السادات وقتها.

ولكن الرواية التي نقلها السفير البريطاني عن "شكري"، تكشف عن أن مبارك كان يرى أنه نظرا لأن تشارلز وديانا مرا بمصر، فسيكون من الطبيعي أن يوجه لهما الرئيس السادات تحية في بورسعيد، وقت مرور اليخت عبر قناة السويس، لكنه يرى أيضا أنه لم يكن من المناسب يجب أن يطير السادات مع عائلته كلها لوداعهما

وكان السفير البريطاني، قد تنبأ، وفقا للوثائق البريطانية، بأن مبارك توقع ترتيب لقاء له مع ملكة بريطانيا شخصيا، وليس ولي العهد وزوجته، أثناء زيارته إلى لندن.

 

تفسير موقف مبارك

ووقتها حاول السفير البريطاني، في برقيته، تفسير موقف مبارك، وقال في برقيته: "من الواضح أنه شعر بأن السادات قد بالغ في الاهتمام بالزوجين الملكيين"، حيث حلل السير مايكل هدف مبارك من رفض لقاء تشارلز وديانا، وقال إنه يسعى لإبعاد نفسه عن أسلوب وطريقة السادات.

ويقول السفير البريطاني وهو يشرح فكرته: "ربما شعر مبارك بأنه لو أن اتصاله الوحيد مع الأسرة الملكية خلال زيارته هو عشاء خاص مع أمير وأميرة ويلز، فإن هذا سوف يثير انطباعا بأنه يشارك السادات في تطلعه إلى المجتمع الراقي، ويهز صورة رجل الدولة الجاد التي يسعى لخلقها عن نفسه".

وجاء رد الخارجية البريطانية في اليوم التالي للبرقية، أي في يوم 28 يناير 1983، من خلال برقية عاجلة، أكدت فيها حرصها على ترتيب لقاء بين مبارك والعائلة الملكية، وقالت البرقية عن رفض مبارك ترتيب مثل ذلك اللقاء بـ "المشكلة الملكية الصعبة".

كما كشفت الوثائق عن تقرير، حذف مصدره لأسباب أمنية، جاء فيه أن مبارك لا يشعر بالارتياح تجاه العائلة الملكية البريطانية.

وبعدها، لم تتوقف المساعي البريطانية الساعية لمعرفة سبب موقف مبارك من العائلة الملكية، وفي النهاية حصلت على ما تريد، كما يقول السفير البريطاني، عبر الدكتور أسامة الباز، مستشار مبارك للشؤون السياسية.

وكشفت برقية مؤرخة في 8 فبراير، أي بعد خمسة أيام من انتهاء زيارة الرئيس السابق مبارك للندن، قال السفير البريطاني إن "الباز"، المستشار السياسي لمبارك، أطلعه على سببين لموقف مبارك، الأول يتعلق بصاحب الدعوة، والثاني خاص بمبارك شخصيا.

وقال "الباز" إن مبارك رأى في دعوته من جانب ولي العهد الأمير تشارلز، وليس ترتيب اجتماع مع الملكة شخصيا، إهانة، وفي تلك المرحلة لا يريد مبارك أن ينظر إليه على أنه مختلط بشكل ودي مع العائلة الملكية، خاصة وأن زوجته "سوزان" كانت معه في تلك الزيارة.

 

سوزان مبارك والمقارنة مع أسرة السادات

وأكد مستشار الرئيس أن ذلك الاختلاط مع العائلة المالكة في وجود زوجة الرئيس سوزان مبارك، سيفرض مقارنة محرجة مع أفراد أسرة سابقه الرئيس السادات ونمط حياتهم، حسب قالت البرقية، والتي لفتت إلى أن مبارك يحاول بناء صورة عن نفسه بأنه رجل دولة جاد، إضافة إلى تفضيله بقاء "سوزان" بعيدة عن الأضواء.

وألمح الباز، كما توحي برقية السفير، إلى أنه بسبب دور سوزان، ربما أحس مبارك بالارتياح بسبب عدم تلبية دعوة ولي العهد الأمير تشارلز، وأيضا عدم تلقيه دعوة من الملكة، لأنه في حالة دعوة مبارك للقاء مع الملكة، سيكون حرجه أكبر، لأنه لم يكن من الممكن بروتوكوليا أن يقابل مبارك ملكة بريطانيا دون زوجته.

 

 

تم نسخ الرابط