و الأخيرة

رئيس مجلس الإدارة
أحمد عصام فهمي
رئيس التحرير
محمود الضبع
موقع الصفحة الأولى

في زمن تتعاظم فيه التحديات الإقتصادية وتتشابك فيه المصالح، يظل المال العام هو العمود الفقري للدولة والركيزة الأساسية لاستقرارها ونموها، وحمايته مسؤولية وطنية كبرى تتجاوز حدود القانون لتصبح واجبًا أخلاقيًا ومجتمعيًا، ومن هنا يبرز الدور المحوري للنيابة العامة  التي لا تقتصر مهمتها على ملاحقة المجرمين والمتجاوزين، بل تمتد لتكون دعامةً أساسية في الإقتصاد الوطني وحصنًا للعدالة ودرعًا واقيًا لمقدرات الشعب، فالنيابة العامة هي الجهة المختصة بفتح التحقيقات في جرائم الفساد والإختلاس والرشوة وغسيل الأموال، وهي التي تلاحق المتهمين أمام القضاء وتعمل على إسترداد الأموال المنهوبة داخليًا وخارجيًا بالتعاون مع الأجهزة الرقابية والجهات الدولية، كما أنها ترسّخ ثقافة الردع عبر الأحكام القضائية الصارمة التي تمنع تكرار الجرائم المالية وتؤكد أن المال العام خط أحمر لا يجوز المساس به.  
ولا يقف دور النيابة العامة عند حدود مكافحة الجرائم، بل يتجاوز ذلك ليصبح عنصرًا فاعلًا في دعم الإقتصاد الوطني، فهي تساهم في تعزيز الإيرادات من خلال التصرف القانوني في المضبوطات والأموال المجمدة، وتعمل على حماية الإستثمارات عبر توفير بيئة آمنة وشفافة تجذب المستثمرين المحليين والأجانب، كما تعزز الثقة بين المواطن والدولة من خلال الشفافية في التحقيقات والملاحقات القضائية، وتواكب الظروف الإقتصادية العالمية بما فيها الأزمات المالية، لتعمل على حماية الإقتصاد الوطني من آثارها وتخفيف تداعياتها.

  
إن النيابة العامة بهذا الدور المزدوج تجمع بين العدالة الجنائية والبعد الاقتصادي، فهي تحقق في الجرائم المالية وتلاحق المتهمين أمام القضاء، وتدعم الاحتياطي النقدي للدولة عبر استرداد الأموال وزيادة الإيرادات، وتوفر بيئة آمنة للاستثمار، وتعزز الثقة في مؤسسات الدولة وترسخ قيم النزاهة والشفافية. ومع ذلك، فإن التحديات المستقبلية تظل قائمة، أبرزها تعقيد الجرائم الاقتصادية التي تحتاج إلى خبرات متخصصة في التحقيق المالي والتقني، ووجود الفساد الإداري الذي قد يعرقل سرعة الإجراءات القضائية، فضلًا عن ضرورة تعزيز التعاون الدولي لاسترداد الأموال المهربة عبر الحدود.  

الحارس الامين


إن النيابة العامة ليست مجرد مؤسسة قضائية، بل هي حارس أمين للمال العام وداعم رئيسي للاقتصاد الوطني وركيزة للعدالة الاجتماعية، ودورها في مكافحة الجرائم الاقتصادية يعكس التزام الدولة بحماية مقدراتها ويؤكد أن العدالة ليست شعارًا بل ممارسة يومية تحفظ للوطن قوته وللمواطن كرامته، وتجعل من حماية المال العام واجبًا مقدسًا لا يقبل التهاون أو التفريط.

تم نسخ الرابط