جلسة واحدة للإجراءات وإنحل
قصة أقصر برلمان في التاريخ.. استمر 8 ساعات برئاسة سعد زغلول

شهد التاريخ البرلماني لمصر، أقصر برلمان عمرا فى تاريخ العالم، وهو البرلمان الذى انعقد لمدة 8 ساعات فقط في 23 مارس 1925، برئاسة سعد باشا زغلول، قبل أن يصدر الملك فؤاد قرارا بحله.
وبحسب المصادر التاريخية، لم ينجح أي من برلمانات مصر العشرة التي انتخبت بعد دستور 1923 وحتى ثورة يوليو 1952، في إكمال مدته القانونية، إلا أن البرلمان الثاني هو الأكثر غرابة، حيث أجريت الانتخابات وتم إعلان النتيجة ودعوة المجلس للانعقاد، وانعقد البرلمان بالفعل لمدة 8 ساعات و50 دقيقة فقط، حيث قام الملك فؤاد بحل البرلمان بعد جلسة الإجراءات الأولى التى تم خلالها انتخاب سعد زغلول رئيسا للبرلمان.
بدأت قصة أقصر برلمان في التاريخ في ظل دستور 1923، حيث جاء البرلمان الأول بسعد زغلول رئيسا للوزارة كأول رئيس مجلس وزراء مصري يستند إلى أغلبية برلمانية، ولم يلبث أن استقال احتجاجا على الإنذار البريطاني له عقب مقتل السير «لي ستاك» السردار الإنجليزي بالسودان، وإصدار المندوب السامي البريطاني وقتها تعليمات لجنوده باحتلال جمارك الإسكندرية.
وفي 22 ديسمبر رفع أحمد زيور باشا رئيس الوزراء مذكرة للملك فؤاد بطلب بحل البرلمان، ودعوة المندوبين الناخبين لإجراء انتخابات جديدة للنواب في 24 فبراير 1925، ودعوة المجلس الجديد للانعقاد في 6 مارس، وهو ما وافق الملك.
واتخذت الحكومة كافة التدابير للحيلولة دون عودة الوفد إلى السلطة، وألغى الملك قانون الانتخاب على درجة واحدة الذي أقره برلمان 1924، وفي 12 مارس 1925 أجريت الانتخابات في ظل توقعات بخسارة حزب الوفد برئاسة سعد زغلول، وانعقد المجلس الجديد صباح 23 مارس في الساعة الحادية عشرة وخمس دقائق، وبعد مداولات تقرر فتح باب الترشح لمنصب رئاسة المجلس، وتقدم سعد زغلول في مواجهة عبدالخالق ثروت.
الاقتراع السرى
وتم إجراء الاقتراع السري على رئاسة المجلس، وكانت المفاجأة عندما فاز سعد زغلول بـ123 صوتا هي أغلبية أعضاء المجلس المكون من 214 عضواً، في حين حاز عبد الخالق ثروت مرشح القصر على 85 صوتاً، كما فاز كل مرشحو «الوفد» بانتخابات أعضاء هيئة مكتب المجلس.
وأمام هذه النتيجة، رفعت وزارة زيور باشا استقالتها إلى الملك بصيغة تحريضية، جاء نصها: «بمجرد انعقاد المجلس الجديد، وقبل بحث برنامج الوزارة الذي تضمنه خطاب العرش، ظهرت في المجلس روح عدائية تدل على الإصرار على تلك السياسة، التي كانت سببا لتلك النكبات التي لم تنته البلاد من معالجتها، وقد بدت تلك الروح جلية في أن المجلس اختار لرئاسته زعيم تلك السياسة والمسؤول الأول عنها».
رفض الملك فؤاد استقالة الحكومة، وعلى خلاف الدستور الذي يمنع حل المجلس مرتين لنفس السبب، قرر الملك حل المجلس ودعوة المندوبين لإجراء انتخابات جديدة لأعضاء مجلس النواب فى 23 مايو، وعلى اجتماع المجلس الجديد أول يونيو 1925.
ولم تكتف الحكومة بذلك بل أصدرت في 26 مارس 1925 مرسوماً بوقف عملية الانتخاب لأجل غير مسمى إلى حين إعداد قانون جديد للانتخاب، وهو ما واجهه حزب الوفد بالتظاهر للتنديد بالقرار المعارض لإرادة الأمة التي انتخبت أعضاء البرلمان.