و الأخيرة

رئيس مجلس الإدارة
أحمد عصام فهمي
رئيس التحرير
محمود الضبع

خلال كلمته الافتتاحية اليوم

أبو الغيط يؤكد أهمية التعاون القضائي العربي لمواجهة التطرف والإرهاب والتحديات العابرة للحدود

موقع الصفحة الأولى

قال الوزير أحمد أبوالغيط الامين العام لجامعة الدول العربية خلال كلمته اليوم بالجلسة الافتتاحية "  يُسعدني بدايةً أن أرحب بأصحاب المعالي والسعادة وزراء العدل بـ الدول العربية ورؤساء الوفود في بيت العرب، بمقر الجامعة العربية، في افتتاح أعمال الدورة (41) لمجلس وزراء العدل العرب... كما يسرني أن أتقدم بالشكر والتقدير إلى معالي وزير العدل بالمملكة العربية السعودية على رئاسته للدورة الأربعين لمجلس وزراء العدل العرب وعلى كلّ الجهود القيمة التي بذلها طيلة فترة رئاسته للمجلس... كما أتقدم بأحر التهاني إلى معالي الوزير الدكتور عبد الله محمد درف وزير العدل بجمهورية السودان على توليه رئاسة الدورة (41) لمجلسكم الموقر، راجياً له التوفيق والسداد.
ولا يفوتني أن أتوجه بخالص الشكر إلى أعضاء المكتب التنفيذي الموقرين على الجهود المتميزة التي يبذلونها في سبيل التحضير لأعمال هذه الدورة ومتابعة تنفيذ قرارات وأنشطة المجلس.
تُعقد هذه الدورة في توقيت دقيق من تاريخ منطقتنا، وسط كل التطورات والتجاذبات الدولية... لا تزال تُعاني المنطقة العربية من صراعات ونزاعات خطيرة تُمزق الدول، مع كل ما ينطوي على ذلك من آثار وتداعيات عابرة للحدود... من معاناة الشعب الفلسطيني الذي تعرض لأبشع الجرائم والأفعال المنافية للإنسانية والأخلاق من محتلّ غاشم لا يحترم القانون الدولي، ولا يبدي أي نية حقيقية لتحقيق السلام... إلى المعاناة المؤسفة التي يعاني منها المدنيون والأبرياء في السودان والتي لا بد أن تتوقف فوراً للحفاظ على أرواح الشعب وعلى سيادة ووحدة أراضي جمهورية السودان... فضلاً عن قضايا ملحّة أخرى، كانتشار الجماعات الإرهابية وتجارة المخدرات والمنظمات الإجرامية، إلى تدفقات اللاجئين والأزمات البيئية والصحية وغيرها.
ولا شك أن استمرار هذه النزاعات والمشاكل تُمثل بيئة مثالية للانفلات الأمني وانتشار النشاط الإجرامي وغير المشروع داخل الدول، وعبر الحدود.. وأقول دوماً إن الحلول الأمنية – على أهميتها البالغة وضرورتها المؤكدة – لا تكفي وحدها لمعالجة هذه المشكلات... وإنما يتعين العمل على اعتماد نهج متماسك وشامل للتعاون القضائي يوازن بين الضرورات الأمنية والمبادئ القانونية والالتزامات الإنسانية.. وذلك بهدف التوصل لحلول جذرية وناجعة للمُشكلات التي تُفرز هذه الظواهر الخطيرة إن الكثير من القضايا الأمنية المرتبطة بالنزاعات لها أبعاد سياسية واضحة، ولا يمكن معالجتها من دون معالجة هذه الأبعاد... كما أن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية تظل مؤثرات مهمة للحالة الأمنية بشكل عام.

اضطراب وتوتر وتسارع

ولا يخفى على حضراتكم ما تشهده الأوضاع العالمية في هذه المرحلة من اضطراب وتوتر وتسارع لوتيرة التغيير... هناك – عالمياً – صعودٌ ملحوظ للتيارات المتطرفة... سواء في أقصى اليمين، أو في أقصى اليسار... وتساعد تكنولوجيا التواصل الاجتماعي على إذكاء حالات التطرف... ذلك أنها – كما نعلم – مصممةٌ لإبراز الآراء الصادمة، والأكثر تشدداً، إننا نعيش زمناً يتراجع فيه الاعتدال والوسطية السياسية مفسحين المجال للتطرف والغلو في كل الاتجاهات... وهي ظاهرة عالمية لاشك أن تبعاتها ستطول كافة المجتمعات، بما فيها مجتمعاتنا العربية.
إن مناخ التطرف هو المولد الأكبر لظواهر العنف... وهو الحاضنة التي ينمو فيها الإرهاب... فالتطرف – في واقع الأمر – هو نوع من العنف الفكري الذي يبحث عن تجسيد عملي له... وتقتضي مواجهة العنف إدراك حالة التطرف والغلو الفكري التي يمر بها العالم بأسره في هذه المرحلة... كما تقتضي المواجهة تعزيز ثقافة مغايرة... وعدم الاستسلام للحالة المتطرفة التي تصنعها بعض وسائط التواصل الاجتماعي، خاصة بين الشباب من الجيل الأحدث... والذي يستقي ثقافته وأفكاره وتوجهاته من هذه الوسائط بشكل شبه حصري.
أما فيما يتعلق بالإرهاب... خاصة ذلك الذي يتخفى وراء الشعارات الدينية... فإن آفته لازالت كامنة في التربة العربية... وبرغم نجاحات واضحة في دحره في أكثر من مكان... إلا أن المعركة لازالت مستمرة، والخطر يظل محدقاً... ولا مجال للتعاون أو الركون لما تحقق من نجاحات.. فالفكر التكفيري لازال قادراً على بث سمومه... وتقتضي المواجهة نفساً طويلاً.. وعملاً متضافراً بين جميع المؤسسات داخل الدولة الواحدة... وكذلك بين المؤسسات الأمنية والقضائية في جميع الدول العربية ويظل العمل العربي المشترك في المجالين العدلي والقضائي ضرورة لا غِنى عنها لحشد مواجهة جماعية متضافرة لهذه المشاكل، خاصة تلك العابرة للحدود.. وأيضاً لتبادل الرأي والتقدير بخصوص التطورات الناشئة والمستجدة في المجتمعات العربية، التي يجمعها الكثير من القواسم المشتركة، خاصة من النواحي الاجتماعية والثقافية.

إن جدول أعمال مجلسكم الموقر يتضمن موضوعات أخرى في غاية الأهمية مثل الاتفاقية العربية لمكافحة جرائم تقنية المعلومات والاتفاقية العربية لمكافحة غسل الأموال... ووصولاً إلى تناول التشريعات العربية من خلال القوانين العربية الاسترشادية التي يعدها المجلس... وهو موضوع على درجة عالية من الأهمية... وأود في هذا المقام أن أتوجه بالشكر والتقدير للسادة الخبراء على كل جهودهم المقدرة في إعداد مشاريع القوانين، آملاً أن يستمر هذا المجلس في دعم ومساندة الدول الأعضاء في إعداد هذه القوانين وإذ أتمنى لأعمال مجلسكم كل التوفيق، لا يسعني إلا أن أعبر عن التقدير والشكر للمجلس على ما يبذله من جهد وعطاء في الاضطلاع بمهامه وبرامجه وأنشطته بهدف دفع العمل العربي المشترك... من أجل مواجهة التحديات والمسؤوليات الجسيمة التي تواجه الدول العربية، ومن أجل الارتقاء بنظمها القانونية وتشريعاتها إلى الآفاق التي تتطلع إليها الشعوب.


 

تم نسخ الرابط