كانوا أنبياء ومؤمنون
الأوقاف توضح ديانة المصريين القدماء: الفراعنة أول الموحدين وليسوا عبدة أوثان
ردا على الجدل المثار حول ديانة المصريين القدماء، نشرت وزارة الأوقاف، توضيحا حول الهوية الدينية المصرية فيما قبل التاريخ، مؤكدة أن المصريين القدماء لم يكونوا وثنيين وإنما موحدين لله، ومنهم أنبياء ومؤمنين، وأن صفهم جميعًا بالشرك تعميم غير دقيق.
وقالت وزارة الأوقاف على موقعها الرسمي: ابتداءً فكرة كفر المصريين القدماء بإطلاق من الواضح أنها فكرة عدائية للحضارة المصرية القديمة عن قصد من البعض الذين يحملون توجها عدائيًّا لما هو مصري الهوية، وخاصة إن كان هذا الشيء فيه تمجيد وإجلال لهذا الوطن والشعب العريق؛ حيث زعم البعض من هؤلاء الذين لا خلاق لهم- زورًا وبهتانًا- أنَّ أهل مصر كانوا وثنيين، ولم يعرفوا التوحيد إلا بعد رسالة سيدنا موسى عليه السلام، ولا خلاف بين العلماء أن المصريين القدماء كانوا كبقية شعوب الدنيا منهم المؤمن ومنهم غير المؤمن، ووصْفُ المصريين القدماء بأنهم كانوا وثنيين أو مشركين أو كانوا يَعبُدون من دون الله تعالى بإطلاق وتعميم، ونحو ذلك جهالة عظيمة؛ بل عَرَفَتْ مصر التوحيد الخالص لله الواحد القهار منذ العصر الحجري الذي يبدأ من 6000 سنة إلى 5000 سنة قبل الميلاد.
وقدمت وزارة الأوقاف عددا من الأدلة قائلة: إليك بعض الأدلة على ذلك باختصار شديد: أولًا: ثبت بالأدلة القاطعة نزول جملة عظيمة من الأنبياء إلى مصر المباركة، وأنهم دعوا أهلها إلى التوحيد، ومن هؤلاء سيدنا شيث بن سيدنا آدم، ثم إدريس وإبراهيم ويوسف ثم أبيه وإخوته الأسباط الاثنا عشر، وأيوب وذو القرنين، والخضر ولقمان، عليهم جميعًا سلام الله.
وقد أقيمت حضارات في زمانهم ودعوتهم إلى التوحيد قائمة، ووجود الأنبياء في مصر دليل على وجود التوحيد في كل فترة من الزمان، وجَحْدُ ذلك جَحْدٌ لنصوص قاطعة تخبرنا: {وَإِن مِّنۡ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٞ} [فاطر: ٢٤] وقال تعالى: {وَلِكُلِّ أُمَّةٖ رَّسُولٞۖ} [يونس: ٤٧] فكيف يزعمون أن حضارة ضربت في أعماق التاريخ لآلاف السنين أنهم كانوا على الشرك والكفر دون بشير ونذير لآلاف السنين.
وأضافت وزارة الأوقاف: ثانيًا: عدد الأنبياء عليهم السلام وحظ أرض الكنانة مصر من هذا النور، يقول الله تعالى: {وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا رُسُلٗا مِّن قَبۡلِكَ مِنۡهُم مَّن قَصَصۡنَا عَلَيۡكَ وَمِنۡهُم مَّن لَّمۡ نَقۡصُصۡ عَلَيۡكَۗ } [غافر: ٧٨]، فقد ورد ذكر ثمانية عشر نبيًا ورسولا في موضع واحد من القرآن في سورة الأنعام، في قوله تعالى: {وَتِلۡكَ حُجَّتُنَآ ءَاتَيۡنَٰهَآ إِبۡرَٰهِيمَ عَلَىٰ قَوۡمِهِۦۚ نَرۡفَعُ دَرَجَٰتٖ مَّن نَّشَآءُۗ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٞ * وَوَهَبۡنَا لَهُۥٓ إِسۡحَٰقَ وَيَعۡقُوبَۚ كُلًّا هَدَيۡنَاۚ وَنُوحًا هَدَيۡنَا مِن قَبۡلُۖ وَمِن ذُرِّيَّتِهِۦ دَاوُۥدَ وَسُلَيۡمَٰنَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَىٰ وَهَٰرُونَۚ وَكَذَٰلِكَ نَجۡزِي ٱلۡمُحۡسِنِينَ * وَزَكَرِيَّا وَيَحۡيَىٰ وَعِيسَىٰ وَإِلۡيَاسَۖ كُلّٞ مِّنَ ٱلصَّٰلِحِينَ * وَإِسۡمَٰعِيلَ وَٱلۡيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطٗاۚ وَكُلّٗا فَضَّلۡنَا عَلَى ٱلۡعَٰلَمِينَ}. [الأنعام: ٨٣-٨٦]".
النصوص الدينية
وأكدت وزارة الأوقاف أنه يتبيّن من دراسة النصوص الدينية والتاريخية أن وصف المصريين القدماء جميعًا بالشرك تعميم غير دقيق، فقد وُجد في مصر القديمة دعاة إلى التوحيد ومؤمنون بالله، وشهدت بعض عصورها نزعات توحيدية واضحة كعصر إخناتون؛ وعليه فمصر لم تكن دار وثنية مطلقة، بل عرفت دعوات إلى عبادة الإله الواحد منذ أقدم العصور.
جاء تضيح وزارة الأوقاف بعد جدل متجدد حول الحضارة المصرية القديمة وهجوم شرس من بعض التيارات التي تصف التاريخ المصري القديم بـ «الوثني»، ووصلت إلى حد تحريم زيارة الآثار الفرعونية .
بينما يري قطاع واسع من المصريين والعالم أن الحضارة الفرعونية إرث حضاري عظيم، يمثل أوج الإبداع البشري في الفنون، والهندسة، والعلوم.
على الجانب الآخر، تتبنى بعض الأصوات، التي تنتمي في الغالب لتيارات دينية متطرفة، رؤية مختلفة، وتعتبر هذه الرؤية أن الديانة المصرية القديمة كانت شكلاً من أشكال الشرك الصريح، وأن التمجيد المعاصر للآثار والرموز الفرعونية قد يصل إلى حد «التمجيد للوثنية» المخالف للتوحيد.
تظهر هذه الآراء بشكل متكرر عبر منصات التواصل الاجتماعي، مطالبةً بتقليل التركيز على التاريخ الفرعوني في المناهج التعليمية أو حتى التوقف عن الاحتفاء بالمناسبات ذات الطابع الفرعوني، وهي الدعوة التى ازدهرت فى ظل الاحتفال التاريخي بافتتاح المتحف المصري الكبير والإقبال غير المسبوق على زيارة المتحف .







