14راكب وبتشيل 20
فوضى الميكروباص.. حمولات زائدة وسرعة جنونية ورفع للأجرة ونهايات مأساوية على الطرق

لا صوت يعلو فوق صوت حوادث الميكروباص المتكررة التي تشهدها الشوارع والطرق المصرية، الداخلية أو بين المحافظات، والتي كان آخرها حادثتين مفجعتين شهدهما الطريق الإقليمي، الأولى راح ضحيتها 18 فتاة في عمر الزهور بالإضافة إلى السائق، وإصابة 3 آخرين، بعدما فوجئوا بسيارة نقل سريع تقفز عليهم من الاتجاه المعاكس لتدهس السيارة بمن فيها، والثانية قتل فيها 10 أشخاص وأصيب 11 آخرين بعد تصادم سيارتين ميكروباص.
وكشفت تلك الحوادث عن فوضى الميكروباص على الطريق الإقليمي وعلى الطرق بين المحافظات، والتي لا يلتزم فيها السائقون بأي ضوابط او قوانين، وصلت إلى درجة أن السائق في حادث الطريق الإقليمي الأول، كان يمشي بحمولة 21 راكبة، بينما الحد الأقصى 14 فقط، وفي الحادث الثاني نجده أجبر الركاب على الجلوس 4 على كرسي، ما يعني حمولة زائدة وخطورة داهمة على الركاب.
ومع غياب الرقابة، وعدم تفعيل مواد قانون المرور، نجد عدد كبير من سائقي الميكروباصات يتعاطون المخدرات، والتي تتسبب في اندفاعهم في القيادة بسرعة عالية ورعونة شديدة، ومع الحمولة الزائدة، يتضاعف عدد ضحايا كل حادث، ويأتي ذلك مع سلبية الركاب الصامتين عن حقوقهم، والذين يجبروا في الكثير من الأحيان على تحمل الحمولة الزائدة، لأنهم لا يجدوا سيارات كافية، فيضطروا إلى الرضوخ لجشع السائقين وبلطجية المواقف.
ويطالب خبراء المرور بعدم السماح بقيادة الميكروباصات إلا لحاملي رخصة من الدرجة الأولى، مع إجراء تحاليل المخدرات المفاجئة على كل من يقود سيارة على الطريق، سواء نقل أو ميكروباص أو أوتوبيس أو حتى ملاكي، وتشديد عقوبات المخالفات وخاصة تجاوز السرعة والحمولة الزائدة لتصل على إلغاء الرخصة نهائيا في حالة التكرار، أما في حالة القيادة بدون رخصة، أو ثبوت تعاطي المخدرات، فتكون العقوبة الحبس وجوبيا وليس الغرامة.
وطالب خبراء المرور أيضا بضرورة وقف سير وقف جميع الميكروباصات والسيارات المتهالكة وإلغاء تراخيصها، لما تسببه من خطورة كبيرة على الركاب والسائقين، مع ضرورة التأهيل النفسي الكامل لجميع السائقين لتعديل سلوكياتهم المتهورة التي تتسبب في الحوادث المروعة، ومراقبتهم وتقييمهم باستمرار.
فوضى الميكروباصات
وامتدت فوضى الميكروباصات إلى الساقين من المتعلمين وحملة المؤهلات العليا أيضا، والذين أصيبوا بعدوى الاستهتار واضطراب السلوك، والذين يتسبب بعضهم في حالة من الرعب في الشارع وعلى الطرق، غير عابئين بأرواح الركاب أو السائقين الآخرين أو المشاة.
وقال اللواء أحمد هشام، الخبير المروري، إن ارتفاع معدلات الحوادث على الطرق المصرية سببه خلل في أحد أضلاع منظومة المرور، بداية من السائق قائد المركبة، أو السيارة نفسها، أو المشاة، أو شبكة الطرق بما عليها من علامات.
ولفت الخبير المروري إلى أن الدولة حاولت علاج ضلع البنية التحتية المتمثل في الطرق، فأنشأت 7300 كيلومتر من الطرق الجديدة وطوّرت ورفعت كفاءة 6000 كيلومتر أخرى، مع بناء 1300 كوبري ونفق، ولكن، ورغم تلك الانشاءات والمجهودات، تظل الثقافة المرورية عند السائقين، وخاصة سائقي النقل الثقيل والمقطورات والميكروباصات، هي العامل الحاسم في سلامة الطرق وعدم وقوع الحوادث.
وحذر "هشام" من الكثير من أصحاب الشاحنات وسائقي النقل الثقيل تعودوا على زيادة عدد الرحلات اليومية لتحقيق مكاسب مالية أكبر، ولكن ذلك يأتي على حساب الصيانة الدورية وضوابط السلامة، فنجد الإطارات الملساء والمتهالكة والحمولات الزائدة تتسبب في المزيد من الحوادث، وكان آخرها حادث الطريق الإقليمي في المنوفية الذي تسبب في مصرع 18 فتاة وسائق الميكروباص، ثم حادث الميكروباص على نفس الطريق الذي ارتفعت حصيلته إلى 10 وفيات و11 إصابة.
وطالب الخبير المروري، بتخصيص حارة خرسانية مستقلة لسيارات النقل الثقيل على الطرق السريعة، وتفعيل الموازين الثابتة والمتحركة لضبط الحمولات ومنع الزائدة منها، إضافة إلى ضرورة زيادة الأكمنة المرورية المزودة بمندوبين من وزارة الصحة للكشف على السائقين وضبط متعاطي المواد المخدرة أو المسكرة.
وأكد "هشام" أن منع الحوادث يتطلب التزام السائقين، والصيانة الدورية للسيارات والرقابة الصارمة، سواء على حمولات الركاب بالميكروباصات أو حمولات النقل الثقيل، إضافة إلى استمرار الاستثمار في رفع جودة الطرق.