و الأخيرة

رئيس مجلس الإدارة
أحمد عصام فهمي
رئيس التحرير
محمود الضبع

من ملف السيرة أطول من العمر

من 15 قرش إلى 32 مليار.. رحلة رؤوف غبور الأسطورية فى عالم الصناعة والسمعة النظيفة

موقع الصفحة الأولى

 في عالم الأعمال، قلة هم من يتركون بصمة، وبعد رحيلهم تبقى سيرتهم حية، رؤوف غبور، رجل الأعمال المصري الملقب بـ"إمبراطور السيارات"، يُعد مثالًا بارزًا لمن رحلوا وبقي إرثهم يروي قصص النجاح، الصمود، والتحدي. توفي غبور في 9 نوفمبر 2022 بعد صراع مع سرطان البنكرياس، لكنه ترك وراءه إمبراطورية اقتصادية وإرثًا إنسانيًا لا يزال يلهم الأجيال. في هذا التقرير، نستعرض حياة رؤوف غبور، إنجازاته، وكيف استمر تأثيره بعد رحيله.من هو رؤوف غبور؟رؤوف كمال حنا غبور (1953-2022) هو رجل أعمال مصري من أصول شامية، ولد في القاهرة وتخرج من كلية الطب بجامعة عين شمس عام 1976. لكنه اختار أن يترك الطب ويتجه إلى عالم التجارة، حيث أسس مجموعة شركات "جي بي أوتو" عام 1985، التي أصبحت واحدة من أكبر الشركات في صناعة وتوزيع السيارات في مصر والشرق الأوسط. بدأ غبور مشواره التجاري في سن السابعة ببيع البسبوسة لزملائه في المدرسة مقابل 15 قرشًا، ليصل لاحقًا إلى ثروة شخصية تقدر بحوالي 30 مليون جنيه، واستثمارات لشركاته تصل إلى 30 مليار جنيه.

 من البسبوسة إلى إمبراطورية السيارات 

في كتابه "مذكرات رؤوف غبور: خبرات ووصايا" (2022)، سرد غبور قصته التي بدأت في طفولته، استلف 15 قرشًا من خادمة في منزلهم لبيع الحلوى في المدرسة، مما يعكس روح المبادرة التي رافقته طوال حياته.تأسيس جي بي أوتو: أسس غبور شركته عام 1985، لتصبح الوكيل الحصري لعلامات تجارية عالمية مثل هيونداي، مازدا، شيري، وشانجان. تحت قيادته، أصبحت "جي بي أوتو" رائدة في سوق السيارات المصري، محققة أرباحًا بلغت 1.09 مليار جنيه في النصف الأول من 2022.التوسع الصناعي: لم يكتفِ غبور بتجارة السيارات، بل دخل مجال التصنيع بإنشاء مصانع لتجميع السيارات، هياكل الأتوبيسات، والموتوسيكلات. كما توسع في قطاعات الإطارات، الزيوت، والخدمات المالية غير المصرفية، مما عزز مكانته كرائد أعمال.الأزمات والصمود: واجه غبور أزمات مالية كبيرة، خاصة في التسعينيات، حيث خسر معظم توكيلاته عام 1992، لكنه استعاد مكانته خلال أشهر. كما واجه ديونًا مليارية نتيجة إدارته الفردية لشركاته، لكنه تعلم من تجربته ونصح رجال الأعمال الشباب بتجنب نمط "الرجل الواحد" (One-Man Show) الذي كان أحد أسباب الأزمات.

 في مذكراته كشف غبور عن فترة حبسه لأكثر من 6 أشهر في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، بتهمة تقديم رشوة. رفض غبور الإدلاء بشهادة ضد موظف حكومي بريء، مما يعكس مبادئه الأخلاقية رغم الضغوط.الصراع مع المرض: أصيب غبور بسرطان البنكرياس عام 2021، واستمر في العلاج داخل مصر وخارجها. ابنته دينا غبور كشفت في سبتمبر 2022 أن المرض انتشر في جسده، وأن أمامه أشهر قليلة، حتى توفي في 9 نوفمبر 2022 عن عمر 70 عامًا.إرث رؤوف غبور: سيرة مستمرةالإرث الاقتصادي:جي بي أوتو: لا تزال الشركة رائدة في سوق السيارات المصري، حيث يتوقع أن يتولى نجله نادر رؤوف غبور قيادة مجلس الإدارة بعد وفاته. قبل وفاته بساعات، باع غبور حصته الشخصية المباشرة (0.67%) في الشركة مقابل 30.8 مليون جنيه، في إطار إعادة هيكلة عائلية، مع احتفاظ عائلته بحصة الأغلبية (62.7%) عبر كيانات مثل "آر جي إنفستمنتس".

التنوع الصناعي: توسع غبور في الخدمات المالية غير المصرفية واللوجستيات، ونصح أبناءه بالتركيز على هذه القطاعات، مما يضمن استمرارية إرثه الاقتصادي.الإرث الإنساني:دعم المجتمع: كانت زوجته الراحلة علا غبور (1960-2012) مؤسسة مستشفى 57357 لعلاج سرطان الأطفال، وهو إرث خيري استمر بعد وفاتها. رؤوف نفسه دعم العديد من المبادرات الاجتماعية، مما عزز صورته كرجل أعمال يهتم بالمجتمع.مذكراته: كتاب "خبرات ووصايا" يُعد وثيقة تاريخية تلهم رواد الأعمال الشباب، حيث سرد فيه تجاربه، نصائحه، وحتى تحذيراته من الانخراط في السياسة، مشيرًا إلى أن تجربته السياسية مع حزب المصريين الأحرار لم تجلب له أي مكاسب.التأثير المجتمعي:بعد وفاته، نعاه العديد من الشخصيات العامة، بما في ذلك رجل الأعمال طارق نور، الذي وصفه بـ"صديق العمر" الذي ترك "عبرة الحياة وحسرة الفراق". كما أشادت الكنيسة القبطية بإسهاماته الوطنية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية.جنازته في الكاتدرائية المرقسية بالعباسية يوم 12 نوفمبر 2022 شهدت حضورًا كبيرًا من رجال الأعمال والشخصيات العامة، مما يعكس مكانته في المجتمع.رؤوف غبور هو نموذج لمن تركوا بصمة لا تُمحى، إرثه يتجلى في:الإلهام: قصته من طفل يبيع البسبوسة إلى مؤسس إمبراطورية اقتصادية تُعد درسًا في الصبر والمثابرة، تحذيراته من إدارة "الرجل الواحد" وتجنب السياسة تظل دروسًا قيمة لرواد الأعمال، استمرارية شركاته تحت قيادة أبنائه تضمن بقاء اسمه في السوق المصري والعربي، دعمه للمبادرات الاجتماعية، خاصة من خلال إرث زوجته علا، يجعله رمزًا للعطاء.

تم نسخ الرابط