كشفها كاتب بريطاني
من العرش إلى غسل الصحون ..القصة التي لم ترو عن الملكة إليزابيث

رغم الأبهة الملكية والحياة المترفة التي تحيط بالعائلة المالكة البريطانية، فإن الملكة الراحلة إليزابيث الثانية كانت تملك جانبًا إستثنائيا، وربماغريبا على الدماء الملكية التي تجري في عروقها،وهو حبها الشديد لغسل الصحون، حيث ترتدي زوجًا من القفازات الصفراء وتقوم بتنظيف الأطباق وغسلها وتلميعها.
هذا الجانب الإنساني من حياة الملكة كشف عنه الكاتب والمذيع البريطاني جايلز براندريث، في سيرته الذاتية المعنونة بـ"إليزابيث: صورة حميمة"، والتي كشف فيه عن واحدة من أكثر العادات الملكية غرابة، والمتمثلة في شغف الملكة الراحلة بغسل الأطباق المتسخة بنفسها، حتى في حضور كبار الضيوف ورؤساء الوزراء.
أحبت غسل الصحون
براندريث نقل عن رئيس الوزراء البريطاني الأسبق ديفيد كاميرون، قوله:"أنا لا أختلق هذا، جلستُ ذات مرة على العشاء مع جلالة الملكة والأمير فيليب، وبعدما قدّما لي الطعام، غادرا ليقوما بغسل الأطباق، بينما جلستُ أتحدث مع بقية الضيوف".موقع الصفحة الأولى
وشرح كاميرون أن هذا الموقف أثار اندهاشه لدرجة أنه في لحظة شعر وكأنه عاد إلى "السنة الخامسة"، وقرر النهوض والمساعدة، لكنه فوجئ بالملكة تغسل الأطباق بحب واهتمام.
الموقف لم يكن استثنائيًا، بل كان جزءًا من تقليد عائلي متبع داخل القصر، خاصة في المقرات الخاصة مثل قلعة بالمورال في اسكتلندا، حيث تقضي العائلة الملكية عطلاتها "خارج الخدمة".
في واقعة مشابهة، روى أحد رجال البلاط الملكي السابقين للكاتب هاري ماونت أنه حضر ذات مرة غداءً لإطلاق النار، وعند انتهاء الطعام سمع صوتًا يقول: "سأغسل الصحون"، وعندما التفت رأى الملكة ترتدي قفازات صفراء لغسيل الصحون.
بل إن كبير خدمها السابق بول بوريل تحدث عن حادثة طريفة جرت بحضور رئيسة الوزراء السابقة مارغريت تاتشر، حيث بدأت الملكة بغسل الصحون بعد نزهة، لكن تاتشر اعترضت بشدة احترامًا للبروتوكول، لترد عليها إليزابيث قائلة:"حسنًا، سأغسل، هل يمكنكِ أنتِ أن تجففي؟"
ويؤكد براندريث أن هذا الشغف لم يكن وليد لحظة أو تصرفًا استثنائيًا، بل يعود إلى أيام طفولة الملكة واثناء الحرب العالمية الثانية حين كانت تُعرف باسم "ليليبت"، فبحسب مذكرات صديقتها المقربة ألاثيا فيتزالان هوارد، فإن إليزابيث كانت تحب غسل الصحون أثناء دروس الطبخ في قصر وندسور خلال الحرب العالمية الثانية. وقد كتبت ألاثيا في مارس 1941:"ليليبت تحب غسل الأطباق وتفعل ذلك أكثر منّا جميعًا مجتمعين".

من الصحون إلى سائل الغسيل
الطريف أن حب الملكة لغسل الأطباق لم يتوقف عند حدود المطبخ، بل تحوّل إلى منتج تجاري فاخر، ففي عام 2021، أطلق القصر الملكي بالتعاون مع شركة "نورفولك ناتشورال ليفينغ" سائل غسيل أطباق يحمل اسم الملكة، بسعر 14.99 جنيهًا إسترلينيًا (نحو 20 دولارًا).
صُنع السائل من مكونات نباتية صديقة للبيئة، وهو واحد من منتجات منزلية فاخرة عدة أطلقتها الملكة، من بينها أيضًا عطور للكلاب تساعدها على التخلص من الروائح غير المرغوب فيها.
هذا الجانب الإنساني والبسيط لا يخص الملكة وحدها، بل يمتد إلى أفراد العائلة الملكية كافة. فالملك الحالي تشارلز الثالث معروف بشغفه بالبستنة، في حين تُظهر تلك الروايات أن الملكة إليزابيث – رغم هيبتها ومكانتها العالمية – كانت تجد السعادة في الأمور اليومية البسيطة، كغسل الصحون وتنظيف أدوات المائدة بنفسها.
ويبدو أن هذا السلوك لم يكن مجرد هواية، بل تعبير عن روح انضباط شخصي وتواضع ملكي نادر، ظل حاضرًا حتى في سنوات حكمها الأخيرة.