
النازية سيرة مزعجة بالنسبة لليهود ، فسجلات إسرائيل حافلة بأوجاع قاسية ارتكبها هتلر بنازيته في أوربا الروسيا وليس اليهود وحدهم ، إلا أن اليهود يبالغون في الأعداد التي هلكت منهم على عهد الهتلرية الألمانية وبفضل جهود اليهود الإعلامية المكثفة حولوا هذه الحوادث إلى عقيدة طالما حدثوا العالم بها ، وعقدة لدى الأجيال لم يغفلها جيل أو يجهلها أخر وقد تناولها كثير من الباحثين بالدراسة والتدقيق ، ومنهم من ارتكن إلى أنها حقيقة لكن ليست بهذه الأعداد المبالغ فيها ، والبعض الأخر أنكرها بالكلية وأنها من صناعة الخيال أو المبالغة ، ولكل فريق منهم ما استند إليه من الأدلة.
وبالنسبة لليهود فقد تعاملت سياستهم وإعلامهم على أنها حقيقة ثابتة لاشية فيها ، وألفت حولها قصص ومؤلفات عديدة ، ولسنا هنا نثبتها أو ننكرها ، وإنما لإلقاء الضوء على نشاط اليهود السينمائي من أجل إثباتها ، وطرحها للعالم برؤية يهودية لها أهدافها ومراميها ، ومنها المبالغة في إشاعتها بصورة تجعل المشاهد لا يرى حلاً لليهود سوى الهجرة واللجوء إلى فلسطين فراراُ من التعذيب والإبادة ومن أهم الأفلام في هذا الاتجاه هو فيلم " القطار " للمخرج " جرانييه ديفيز" وقصة الفيلم تبدأ في عام 1940 في قطار يجمع اللاجئين اليهود الألمان ، والبطولة في هذا الفيلم تعود لحوار دار بين لاجئة المانية يهودية مع شاب فرنسي له عائلة ويحمل لها ذكريات أسرية جميلة ، في مقابل حكايات الفتاة اليهودية التي تحيا بلا مأوى ، ولا تجد من يحميها ، استقرت في النهاية على الحل الأوحد وهو اللجوء إلى فلسطين ، وبالطبع الفيلم يعتمد على قوة الحوار ويكسب من جراء الرأي العام انحيازا غربياً للقضية اليهودية.
جرائم النازية
إن النازية نكلت بالجميع ، وقد يكون من ضمنهم اليهود ، إلا أن اليهود أحسنوا استغلال جرائم النازية وجعلوها موجهة ضدهم دون غيرهم ، وأصبح مادة سينمائية دعائية لإقامة وطن قومي ديني في فلسطين وفي نفس السنة 1940 بلغ صدى الموضوع إلى هوليود لتنتج أفلاما تلقى الإهتمام على الاضطهاد العنيف الذي أصاب اليهود في كل أماكن الدنيا ، وكان الأشهر هو فيلم " الدكتاتور العظيم" إبان الحرب العالمية الثانية ، والفيلم قد تم ترجمته إلى اللغات الرئيسية الحية ولم ينس اليهود أيضا التأكيد على نظرية " شعب الله المختار " وذلك من خلال أفلام غاية في الخبث والدهاء ، مثل فيلم " اليهودي الخالد " والذي يعلى من قيمة الشعب اليهودي ، على حساب الحط من شأن قدر الشعوب الأخرى ، ربما نبه هذا الاتجاه كتابا ليردوا عى هذا التوجه ، لكن ليس بقوة التوجه اليهودي.
وتتأجج أحداث النازية في السينما الصهيونية وتحديدا في فيلم " آن فرانك " للمخرج الأمريكي " جورج ستيفنز" وقصته تدور حول فتاة ألقى بها الألمان في السجون النازية ، ولقيت تعذيبا مهولاً ، وتعمد الفيلم إلى إظهار ألوان التعذيب وصنوفه ، وكلما همدت أحاديث النازية وبردت سخونتها ، عاد اليهود لانتاج أفلام تفتح الملف النازي من جديد ، ففي عام 1971 أخرج الايطالي :فيتوريو دي سيكا " فيلم " حدائق فيندرى كونتينى " وأخر سنة 1972 باسم " وبيك وكولجرام " ويتناول الفلمان محنة هلاك اليهود على يد بشاعة النازية .
وعادت اتجاهات السينما اليهودية لتكسب التعاطف ، وتجذب مشاعة الذلة والمسكنة بعد حرب أكتوبر 1973 ، ببعض الأفلام التي تبرز المحنة بصورة أكثر حداثة.