و الأخيرة

رئيس مجلس الإدارة
أحمد عصام فهمي
رئيس التحرير
محمود الضبع
موقع الصفحة الأولى

حريتك مشروطة بطاعتنا في فرنسا، تُستدعى حرية الجسد حين يتعلق الأمر بالحجاب، بينما يُبرَّر سلب المرأة حقها في الإنجاب دون علمها بعبارات طبية مغلّفة بالمصلحة العامة، وتُسجَّل حالتها كمجرد رقم في ملفٍّ طبي القصة الثالثة من سلسلة “الوجه الآخر للغرب”: التعقيم القسري.

في بلد يُقدَّم للعالم على أنه منارة للحقوق والحريات، خضعت نساء كثيرات لإجراءات طبية عطّلت وظيفتهن الإنجابية بشكل دائم، دون علمهن، ودون أن تُمنح لهن فرصة الرفض أو النقاش لم تكن هناك غرفة مظلمة أو إجراء سري. بل سرير أبيض، وممرضة تبتسم، وأوراق تُقدَّم للتوقيع في ظروف غامضة.

بعض النساء وُقعن على تلك الأوراق تحت تأثير التخدير، وبعضهن لم يكنّ يقرأن الفرنسية، وأخريات لم يُسألن أصلًا الغالبية كنّ مهاجرات من مستعمرات فرنسية سابقة، كجزر القمر والكونغو وغينيا والجزائر، وكنّ في وضع اجتماعي هش بعضهن في ولادتهن الثالثة أو الرابعة، وبعضهن لم يكنّ قد قررن بعد إن كنّ يرغبن في الإنجاب مستقبلًا.

قرار بلا رحمة

برّر الأطباء ذلك بعبارات مثل “جسدها لن يحتمل مزيدًا من الحمل”، أو “حالتهن النفسية لا تسمح بطفل جديد”، بينما قالت بعض الإدارات إن القرار اتُّخذ لصالح الأم والمجتمع لكن الجسد جسدها، والقرار قرارهم في عام 2020، توفيت سيدة بعد الولادة، فاكتشف زوجها أنها خضعت للتعقيم أثناء العملية، دون علمها أو موافقتها وعندما بدأ التحقيق في الأمر، ظهرت حالات أخرى، لنساء حاولن الحمل مجددًا، دون أن يعرفن أن قدرتهن على الإنجاب قد سُلبت بشكل دائم، في ظروف مشابهة.

؛قانون يُغطي مشرطًا لا يسأل أشارت تقارير هيئة الرقابة الصحية الفرنسية (IGAS) عام 1998 إلى أكثر من خمسة آلاف حالة تعقيم قسري أو مشكوك في قانونيته، أُجريت في مؤسسات صحية عامة، لا سيما في المناطق التابعة لفرنسا كجزيرة “لا ريونيون”.

في بعض الحالات، وقّعت النساء على مستندات معقدة بصيغة طبية يصعب فهمها، وفي حالات أخرى تم أخذ الموافقة في لحظة إرهاق شديد، أو بعد الولادة مباشرة، أو في غياب الترجمة والشرح ورغم هذه الأعداد الصادمة، لم يُحاسَب أي طبيب، ولا أُغلقت أي مؤسسة، ولم تُفتح محاكمة عامة حتى اليوم.

؛صمت يُدار بالأرشفة هذا الملف لا يُفتح، وهذه الوظيفة الإنجابية لا تُستعاد فرنسا التي تُدرّس العالم دروسًا في حقوق الإنسان، ما زالت تحفظ في أرشيفها آلاف الأجساد التي لم تُستأذن، والقرارات التي لم تُسأل عنها صاحباتها، والملفات التي أُغلقت دون اعتراف أو محاسبة.

تم نسخ الرابط