ورقة من ملف زواج المال والسلطة
محمد عبداللطيف وزير بدون خلفية سياسية ومدارس نرمين إسماعيل أثارت أزمة اكثر من الدكتوراه

عندما أدى الدكتور محمد عبد اللطيف اليمين كوزير للتربية والتعليم في يوليو 2024، لم يكن مجرد سياسي يتولى منصبًا حكوميًا، بل كان مديرًا تنفيذيًا لمجموعة مدارس نرمين إسماعيل، التي تمتلكها والدته، إحدى رائدات التعليم الخاص في مصر. هذا التقاطع بين السلطة السياسية والنفوذ الاقتصادي أثار تساؤلات حول نزاهة القرارات الوزارية. في يناير 2025، اتهمت مديرة مدرسة خاصة عبد اللطيف باستغلال منصبه لصالح مصالح عائلية بعد قرار بإخضاع مدرستها للإشراف الوزاري، وهو ما أشعل نقاشًا على منصة X حول "زواج السلطة والمال"، بين إصلاحاته التي قللت كثافة الفصول إلى أقل من 50 طالبًا في 90% من المدارس وتوسيع مدارس التكنولوجيا التطبيقية إلى 90 مدرسة، يبقى السؤال: هل تخدم سياسات عبد اللطيف التعليم العام، أم تعزز مصالح قطاع التعليم الخاص؟
ولد عبد اللطيف عام 1972 في القاهرة، وهو نجل الدكتورة نرمين إسماعيل، مؤسسة ورئيسة مجلس إدارة شركة "أدفنست إديوكيشن"، التي تمتلك مجموعة مدارس نرمين إسماعيل (NIS)، إحدى أبرز المدارس الخاصة في مصر، والتي لها فروع في العاصمة الإدارية الجديدة ومناطق أخرى. شغل عبد اللطيف منصب المدير التنفيذي لهذه المجموعة، مما يضعه في قلب نقاش حول تداخل السلطة السياسية والنفوذ الاقتصادي في قطاع التعليم الخاص.
يحمل عبد اللطيف شهادة دكتوراه في التربية من جامعة كارديف سيتي بالولايات المتحدة، وماجستير في تطوير التعليم من جامعة لورانس عام 2012، وفقًا للسيرة الذاتية الرسمية التي قدمها للوزارة، لكنه واجه جدلاً حول مصداقية هذه الشهادات، حيث زعمت منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي أن جامعة كارديف سيتي "وهمية"، وهو ما دفع محاميًا إلى تقديم بلاغ للنائب العام للتحقيق في الأمر، رد عبد اللطيف في تصريحات إعلامية مؤكدًا خبرته التعليمية التي تمتد لـ25 عامًا، مشيرًا إلى أنه بدأ حياته العملية في سن الثالثة عشرة كبائع جرائد ونادل في الولايات المتحدة، مما يعكس قصة كفاح شخصية.
جده هو المشير أحمد إسماعيل، القائد العام للقوات المسلحة المصرية خلال حرب أكتوبر 1973، مما يضيف بُعدًا من النفوذ العائلي إلى ملفه. والدته، نرمين إسماعيل، ليست مجرد مالكة لمجموعة مدارس، بل شخصية بارزة في قطاع التعليم الخاص، حيث طورت شبكة من المدارس التي تقدم الدبلومة الأمريكية المعدلة لتناسب الثقافة المصرية، وهي المدارس التي أدارها عبد اللطيف قبل توليه الوزارة.
تداخل السلطة والمال
تولي عبد اللطيف منصب وزير التعليم أثار جدلاً واسعًا حول تضارب المصالح، خاصة أن إدارته لمدارس والدته تتقاطع مع دوره كصانع سياسات تعليمية يشرف على المدارس الحكومية والخاصة على حد سواء. في يناير 2025، أثيرت قضية على منصة X حول مشاجرة بين طالبتين في مدرسة خاصة شهيرة، حيث أمر عبد اللطيف بعزل إدارة المدرسة وإخضاعها للإشراف المالي والإداري للوزارة. اتهمت مديرة المدرسة الوزير علنًا باستغلال منصبه لتصفية حسابات عائلية، زاعمة أن المدرسة تنافس مدارس والدته. هذه الواقعة أشعلت نقاشًا حول ما إذا كانت قرارات الوزير محايدة أم متأثرة بمصالح عائلية، مما يعزز فكرة "زواج السلطة والمال".
قطاع التعليم الخاص في مصر يعد سوقًا مربحًا، حيث تجذب المدارس مثل مجموعة NIS أولياء أمور الطبقة المتوسطة والعليا ببرامج تعليمية دولية. دور عبد اللطيف كمدير تنفيذي لمدارس والدته، إلى جانب منصبه كعضو مجلس إدارة شركة "فيوتشر إنترناشيونال" والعضو المنتدب لشركة "أدفنست إديوكيشن"، يضعه في موقع يتحكم فيه بجزء كبير من هذا القطاع. هذا التداخل يثير تساؤلات حول كيفية تأثير سياساته الوزارية على التوازن بين التعليم الحكومي والخاص، خاصة مع سعيه لتطوير التعليم الفني ومدارس التكنولوجيا التطبيقية، التي وصل عددها إلى 90 مدرسة بحلول مايو 2025.
إصلاحات تعليمية أم مصالح تجارية؟
منذ توليه المنصب، أطلق عبد اللطيف إصلاحات طموحة، مثل تقليل كثافة الفصول إلى أقل من 50 طالبًا في 90% من المدارس الحكومية، وإدخال نظام الفترتين الدراسيتين لاستيعاب 98 ألف فصل إضافي، إلى جانب افتتاح 97 مدرسة جديدة في العام الدراسي 2024/2025. كما ركز على تعزيز التعليم الفني من خلال مراكز التميز ومدارس التكنولوجيا التطبيقية، بالشراكة مع القطاع الخاص.