
الحمدلله الرحمن الرحيم واشهد أن لا إله إلا الله الرحمن الرحيم واشهد ان محمدا عبدالله ورسوله بالمؤمنين رؤوف رحيم ، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم إلى يوم الدين
اما بعد ،،،
في معرض تدبر سورة الفاتحة العظيمة فإن اول ما يعن لنا هو السؤال: لماذا جعل الله سورة الفاتحة لازمة للصلاة تتلى في كل ركعة؟ ، والإنسان لو صلى المكتوبة فقط فان عليه قراءة الفاتحة سبعة عشر مرة في اليوم ، لنتدبر معاً فاتحة الكتاب السبع المثاني ، يبدأ الحق سورة الفاتحة بالبسملة (بسم الله الرحمن الرحيم) وكما نعلم فان الله سبحانه وتعالى له من الاسماء الحسنى والصفات العليا ما يمكن ان يوصف به فهو سبحانه رحمن رحيم ملك قدوس سلام مؤمن مهيمن عزيز جبار منتقم ذو انتقام غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول ، ولكنه سبحانه وتعالى عندما خاطبنا بالقرآن اختار ارحم صفاته وأكرمها وأوسعها رحمة فقال (الرحمن الرحيم) والرحمان دليل على المبالغة في الرحمة على وزن (فعلان) كالمبالغة في الجوع (جوعان) او في المرض (مرضان) او في السهر (سهران) وهكذا ، لانصراف تعامله سبحانه وتعالى مع جميع خلقه في حالات الرضا على نحو قوله تعالى (قل ادعو الله او ادعو الرحمن اي ما تدعوا فله الأسماء الحسنى) والغضب على نحو قوله تعالى (فوربك لنحشرنهم والشياطين ثم لنحضرنهم حول جهنم جثيا ، ثم لننزع من كل شيعة ايهم اشد على الرحمن عتيا) الايات ، باسمه الرحمن ، فهو الاسم الذي يحمل عموم الرحمة لكل مخلوقاته ولكل البشر بما فيهم البر والفاجر ، اما الرحيم فهو ايضاً من صيغ المبالغة - ولا مبالغة على الله - على وزن فعيل فهي الخاصة بالمؤمنين والتي بها يغفر الله الذنب ويقبل التوب ويهدي الي صراط مستقيم ، فالله سبحانه يقول لنا لا تخافوا فانا رحمن رحيم تبارك سبحانه وتعالى جده ، ثم تأتي الاية الثانية (الحمدلله رب العالمين) وهنا في هذه الاية يأتي الحمد وهو صفة نبي الاسلام واسمه معا ، فنبي الله عيسى يقول (ومبشراً برسول يأتي من بعدي اسمه احمد) وهنا تجمع بين ثلاث مسماه احمد وذكره احمد وعلمه احمد ، سيسأل سائل: لماذا لم يقل (ومبشراً برسول يأتي من بعدي اسمه محمد) نقول وبالله التوفيق ان احمد على وزن (افعل) وهو اسم فاعل ، اما محمد على وزن (مفعل) وهو اسم مفعول ولا يكون محمداً إلا إذا كان أحمداً ، ولما لم يكن الرسول قد بعث او حتى ولد فإنه يذكر بصفة اسم الفاعل حتى يبعث فلما يبعث يحمد فلما يكثر حمده يصبح محمداً ، فمن عظمة القرآن لو قال (اسمه محمد) لانصراف على الاسم دون المسمى فلا يكون ذكره ولا علمه حموداً ، اما ان يقول (اسمه احمد) انصرف الاسم الي المسمى بل والي الكتاب الذي انزل عليه والاتباع الذين امنوا به ، لذلك اصبحنا (امة الحمد) ، ولذلك جائت فاتحة الكتاب (الحمدلله رب العالمين) وقد ذكر سبحانه وتعالى لفظ الجلالة (الله) وصفته (رب العالمين) وهنا حملت الاية جميع انواع التوحيد الذي يطلب الله سبحانه وتعالى من عباده ان يعلموه ، فالله هو المعبود ولا يعبد سواه ، وهو توحيد الالوهية ، ورب العالمين هو الخالق ولا خالق سواه وهنا يتجلى توحيد الربوبية ، ولما بدأنا بحمد الله الخالق فلا طلب إلا منه وهنا توحيد القصد والطلب ، كل ذلك في آية واحدة وسبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم ، وناتي للأية الثالثة (الرحمن الرحيم) وهنا عطف توكيد على انه كتب على نفسه الرحمة ، ثم أردف ذلك بقوله (مالك يوم الدين) اي ان الرحمن الرحيم هو مالك يوم الدين وهنا بشارة ان الله سبحانه وتعالى بدأ خلقنا وكتب لنا طريق العبادة في قوله (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) كل ذلك وهو يعاملنا بصفته (الرحمن الرحيم) ثم تستمر معاملته لنا بهذه الصفة حتى في يوم القيامة ، نجونا ورب الكعبة، فنحن نحو في هذه الدنيا ونرزق ونروح ونجيء برحمة الرحمن الرحيم ، ثم ناتي يوم القيامة (يوم تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها) ايضا لنقف امام الرحمن الرحيم ، يكفي ان نخلص في عبادتنا ونتقي وبعد ذلك ننتظر الرحمة والمغفرة من الرحمن الرحيم ، وناتي لقوله سبحانه وتعالى (إياك نعبد وإياك نستعين) إياك نعبد يا الله شريعة وإياك نستعين حقيقة ، فشريعة بلا حقيقة عاطلة وحقيقة بلا شريعة باطلة ، اياً نعبد (قل ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين) فالعبادة هي الصلاة والنسك والمحيى والممات كلها لله سبحانه وتعالى لا شريك له في ذلك كله وجاء الأمر الاول للنبي محمد عليه الصلاة والسلام وانسلخ الأمر لامته ، واياك نستعين حتى نتمكن من العبادة ونصل بها الي معارج القبول في عالم الأصول وننتقل من الملك الي الملكوت ولا يكون ذلك إلا بالشريعة ولنتدبر قوله سبحانه وتعالى (واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين) فالاستعانة تكون بالعبادة والصبر عليها (وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى) وكل من ادعى انه يحصل له شيئا من الحقيقة بعيداً عن الشريعة هو كاذب ، فالله سبحانه وتعالى يقول لنبيه (ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى ان يبعثك ربك مقاما محمودا) ، فحبيبي وقرة عيني رسول الله عليه الصلاة والسلام يحتاج الي طول الركوع والسجود حتى يبلغ المقام المحمود ، فكيف يدعي الوصول من ليس له محصول؟ ، (اهدنا الصراط المستقيم) هذا الصراط له صفة انه مستقيم يصل بنا للنجاة من النار لانه ( صراط الذين أنعمت عليهم) والله أنعم علينا بالهداية فهو القائل (يمنون عليك ان اسلموا قل لا تمنوا علي اسلامكم بل الله يمن عليكم ان هداكم الايمان ان كنتم صادقين) ، (غير المغضوب عليهم ولا الضالين) غير المغضوب عليهم اولئك الذين عرفوا الحق وأنكروه بعد ان تيقنوا منه ، ولا الضالين الغافلين عن الحق الي الضلال، وفي الاولى يقول الحق سبحانه وتعالى (ويعذب المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات الظانين بالله ظن السوء عليهم دائرة السوء وغضب الله عليهم ولعنهم واعد لهم جهنم وسائت مصيرا) ، اما في الثانية فيقول سبحانه وتعالى (فذلكم الله ربكم الحق فماذا بعد الحق إلا الضلال فانى تصرفون)
وهي فعلاً سبع مثان ، بسم الله الرحمن الرحيم 1 ، وهنا ثنى الله صفتين له (الرحمن) (الرحيم) ، الحمدلله رب العالمين 2 وهنا ثنى سبحانه (إقرار) بالحمد من العباد ، و (اعتراف) بانه رب العالمين ، الرحمن الرحيم 3 وهنا تاكيد التثنية بانه سبحانه وتعالى (رحمن) و (رحيم) ، مالك يوم الدين 4 وهنا التثنية في (الملك) لانه سبحانه مالك يوم الدين ، وفي الحساب (يوم الدين) فهو وحده من سيحاسب البشر وليس غيره ، إياك نعبد واياك نستعين 5 وهنا التثنية في العبادة (نعبد) والاستعانة (نستعين) ، اهدنا الصراط المستقيم ، وهنا التثنية في (الصراط) اي الطريق بشرط ان يكون مستقيما ، اما عكسه فهو الطريق المعوج وياتي معروفاً بمفهوم المخالفة تحقيراً لاي طريق غير الصراط المستقيم ، صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين 7 وهنا التثنية بين الصراط الحق (الذين أنعمت عليهم) والطريق الباطل (غير المغضوب عليهم ولا الضالين)
اما حديث قسمت الصلاة بيني وبين عبدي فانا لا أستدلّ به لانه حديث قدسي ، اي انه روي عن راوي عن مجموعة من الرواة عن رسول الله في غير القرآن روا عن رب العالمين ، ومن الادب مع الله ان لا يسري على كلام الله ما يسري من علل على كلام من هو دونه تعالى الله عن ذلك علوً كبيرا
سبحانه مالك يوم الدين ، وفي الحساب (يوم الدين) فهو وحده من سيحاسب البشر وليس غيره ، إياك نعبد واياك نستعين 5 وهنا التثنية في العبادة (نعبد) والاستعانة (نستعين) ، اهدنا الصراط المستقيم ، وهنا التثنية في (الصراط) اي الطريق بشرط ان يكون مستقيما ، اما عكسه فهو الطريق المعوج وياتي معروفاً بمفهوم المخالفة تحقيراً لاي طريق غير الصراط المستقيم ، صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين 7 وهنا التثنية بين الصراط الحق (الذين أنعمت عليهم) والطريق الباطل (غير المغضوب عليهم ولا الضالين)
اما حديث قسمت الصلاة بيني وبين عبدي فانا لا أستدلّ به لانه حديث قدسي ، اي انه روي عن راوي عن مجموعة من الرواة عن رسول الله في غير القرآن روا عن رب العالمين ، ومن الادب مع الله ان لا يسري على كلام الله ما يسري من علل على كلام من هو دونه تعالى الله عن ذلك علوً كبيرا