مليون برميل بترول تهدد الحياة البحرية
الناقلة اليونانية «سونيون» تفتح ملف الكوارث البيئية في البحر الأحمر والخليج العربى
حذرت تقارير بيئية من كارثة في البحر الأحمر ، بعد اشتعال ناقلة النفط اليونانية "إم في سونيون" منذ استهدافها من جانب الحوثيين قبل عدة أيام، وفشل كل محاولات الإنقاذ.
ووفقا للأنباء المتداولة فإن الحرائق لم تصل بعد إلى مخازن النفط، التي تحمل مليون برميل من الزيت الخام، فيما أكد مسئولون حدوث تسريب للوقود في الممر المائي المزدحم بالسفن.
وحذر خبراء البيئة من احتمال وقوع كارثة بيئية، لاسيما وان الناقلة تحمل مليون برميل من زيت النفط الخام وهو ما يهدد البيئة البحرية بصورة مفزعة.
وكانت 3 مقذوفات حوثية قد استهدفت ناقلة النفط اليونانية "إف في سونيون" قبالة سواحل مدينة الحُديدة، ما أدى إلى اندلاع حريق على متنها وفقدان قوة المحرك.
بينما أبلغت اليونان الأمم المتحدة، عن تسرب نفطي تم رصده بمنطقة الناقلة سونيون بناء على صورة بالقمر الصناعي من وكالة السلامة البحرية الأوروبية، وحثت اليونان كافة الدول على المساعدة بمنع المخاطر البيئية التي قد تنجم عن تسرب النفط من الناقلة.
وأغرق الحوثيون سفينتين خلال حملتهم المستمرة ضد السفن التجارية في البحر الأحمر وخليج عدن باستخدام الطائرات المسيرة والصواريخ، تضامنا مع الفلسطينيين ضد حرب الإبادة التى تشنها إسرائيل علي قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي.
مخاطر بيئية جسيمة
فيما أكد خبراء البيئة أن تسرب نفطي بهذا الحجم سيكون أكثر من نصف حجم أكبر تسرب مسجل على الإطلاق من سفينة، وهو ما حدث عام 1979 بعد تسرب 287 ألف طن من النفط من السفينة أتلانتك إمبريس، وهو ما يهدد بكارثة بيئية بالبحر الأحمر.
واعتبر الخبراء ان البيئة البحرية في البحر الأحمر أصبحت مهددة بفعل تكرار حوادث تسرب النفط والمواد الكيميائية خلال السنوات القليلة الماضية .
ففي مارس الماضى أثار غرق السفينة "روبيمار"، في البحر الأحمر ذعرا بيئيا بسبب المواد التي تحملها السفينة من أسمدة فوسفات الأمونيا التى ذابت في مياه البحر، ومن شأنها أن تؤدي إلى انخفاض نسبة الأكسجين الذائب في الماء، مما سيؤدي إلى موت الكائنات البحرية، بحسب خبراء البيئة.
وكانت حمولة روبيمار الغارقة تبلغ 41 ألف طن، منها 20 ألف طن من الأسمدة الكيميائية الخطرة، ولم يتم الاعلان عن نوعية باقي الحمولة للباخرة، والتى من المرجح أن تكون مواد كيماوية أشد خطورة، فضلا عن مشتقات نفطية مكونة من المازوت بنحو 200 طن والديزل بنحو 80 طناً.
وهو ما أدي إلي انهيار الثروة السمكية في المياه الإقليمية اليمنية، وإبادة الشعاب المرجانية وهجرة الأسماك إلى المناطق الآمنة حيث تتوفر مراجين حية، وهو ما أدي لفقدان 126 ألف صياد يمني مصدر دخلهم في مناطق الصيد الطبيعي.
ملف الكوارث البحرية
وفتح حادث ناقلة النفط اليونانية "إم في سونيون"، ملف أهم الكوارث البيئية في المنطقة، خاصة في البحر الأحمر وبحر العرب الذى يشهد أحد أكبر معدلات التلوث البحري في العالم.
وتعرضت منطقة الخليج العربي على مدى السنوات الماضية لعدة كوارث بيئية كان أكبرها التسرب النفطي كون الخليج أحد أهم الممرات المائية لتصدير النفط.
في عام 1980 وقع حادث في حقل الحصبة في السعودية تسرب نتيجته حوالي ألف برميل من النفط انتشرت على الساحل الغربي للبحرين.
وفي نهاية عام 1980 جنحت ناقلة النفط الليبيرية "فورتشن" غرب مدينة دبي في الإمارات العربية المتحدة، مما أدى الى تدفق خمسة آلاف و500 طن أي ما يعادل حوالي 40 ألف برميل من النفط الخام في مياه الخليج العربي.
في عام 1982 غرقت احدى السفن اليونانية في خليج عمان ولم تعرف كمية النفط المتسربة منها، مما أدى الى أضرار بالغة للبيئة البحرية.
وفي مارس 1983 اصطدمت إحدى السفن بمنصة نفط بحرية تابعة لإيران وفي ابريل من العام نفسه قصفت طائرة هيلوكوبتر عراقية حقل نوروز البحري الإيرانى، مما أسفر عن تدفق ما بين 150 الى 200 ألف برميل من النفط الخام في مياه الخليج وانتشرت على سواحل البحرين وقطر والإمارات وتوقف العمل في كثير من محطات تحلية المياه في دول الخليج كلها باستثناء سلطنة عمان .
حرب تحرير الكويت
وخلال الحرب العراقية الإيرانية، أدت الغارات على الناقلات والمنشآت النفطية الى تسرب ملايين البراميل من النفط في مياه الخليج، وما زال العالم كله يتذكر كارثة انسكاب النفط في مياه الخليج العربي ابان حرب تحرير دولة الكويت عام 1991 في محاولة لعرقلة تقدم قوات التحالف عن طريق البحر والتى قدرت كمياتها بنحو 11 مليون برميل .
واستنفدت هذه الكارثة البيئية قدرا هائلا من الموارد وكان لها تأثير سلبي على ساحل الخليج العربى حيث أحدثت أضرارا هائلة بالحياة المائية وتلويث خطير للبيئة البحرية والحياة الطبيعية بالمنطقة.
وفي 30 مارس عام 1994 اصطدمت ناقلة النفط البنمية "سيكي" مع الناقلة "بيتونه " الإماراتية على بعد حوالي تسعة أميال من شواطىء امارة الفجيرة المطلة على بحر عمان لتلقي الناقلة الأولى وعلى مدى ثالثة أيام بحوالي 16 الف طن من النفط الخام أي ما يعادل 115 ألفا و 200 برميل من النفط الخام انتشرت على مساحة 40 كيلومترا من الشواطىء وبعمق نصف متر داخل الرمال.
وفي عام 1994 أيضا اجرت المنظمة البحرية الدولية مسحا بحريا تبين من خلاله غرق ناقلة النفط العراقية "عمورية" على مسافة 140 ميال من المياه الإقليمية الكويتية والسعودية وكان الحادث هو الأكثر خطورة على البيئة البحرية حيث تقدر حمولتها بنحو 700 ألف برميل.
أما في نوفمبر عام 1994 انقلبت سفينة تحمل 1120 طنا من السولار العراقي قبالة جزيرة خرج الإيرانية في شمال الخليج العربي .
مخاطر جنوح السفن
وفي 11 يوليو 1997 جنحت السفينة "صفا 255" المسجلة في دولة الإمارات العربية المتحدة وهي تحمل أكثر من خمسة آلاف طن من زيت الديزل العراقي قبالة سواحل الشارقة وتسرب منها نحو 2500 طن الى مياه الخليج ونتيجة لهذا التسرب اغلقت محطة تحلية المياه في امارة الشارقة.
وفي 7 يناير 1998 تسرب نحو 4000 طن من زيت الوقود الى مياه الخليج بعد جنوح سفينة نفط وسط رياح عاتية قبالة سواحل دولة الامارات، وغرقت السفينة التي تحمل زيت وقود عراقي في قاع الخليج على عمق 20 مترا وهي تحمل 11 ألف طن من الزيت مما أدى الى إغلاق محطات تحلية المياه في امارتي الشارقة وعجمان لمنع تسرب النفط الى امدادات المياه.
وفي 24 يناير 2000 غرقت ناقلة النفط "الجازية " المملوكة لشركة اماراتية وترفع علم هندوراس بحمولتها التي تزن 9800 طن من النفط الخام بعد انطلاقها من الميناء الحر في ابوظبي متوجهة الى الصومال وغرقت السفينة على بعد سبعة كيلومترات من سواحل أبوظبي وبلغت كمية النفط المتسرب من الناقلة ما بين 200 الى 300 طن.
الناقلة العراقية زينب
وفي 14 ابريل 2001 تعرضت الناقلة العراقية "زينب" التي ترفع علم جورجيا الى حادث على بعد 16.5 ميل بحريل شمال منطقة جبل علي في امارة دبي أدى الى شقوق في خزانات النفط على متنها وهي محملة بحوالي 1300 طن من الديزل المهرب من العراق، وأدى الحادث الى تسرب ما بين 400 الى 500 طن من الديزل قبالة شواطىء الإمارات وانتشرت على مسافة 15 ميل .
وفي 5 أغسطس 2001 غرقت ناقلة النفط "جيرجيوس" التي ترفع علم هندوراس في مياه شمال الخليج العربي وهي تحمل 2083 طنا من النفط العراقي المهرب وكان على متنها 12 بحارا عراقيا تم انقاذهم .
وامتدت بقعة النفط المتسربة من الناقلة بطول 50 كيلومترا وعرض 3 كيلومترات قبالة السواحل الإيرانية مهددة مياه الخليج العربي بالتلوث، مما أدى الى استنفار لجان مكافحة التلوث البحري في دول مجلس التعاون لمواجهة بقعة الزيت.