و الأخيرة

رئيس مجلس الإدارة
أحمد عصام فهمي
رئيس التحرير
محمود الضبع
موقع الصفحة الأولى

في عام 2025، حيث تتحدث الدولة كل يوم عن التحول الرقمي، والحماية الاجتماعية، والعدالة الوظيفية، هناك فئة صامتة، مُنهكة، لا يذكرها أحد ولا تَظهر في صور اللقاءات الرسمية، ولا تحظى حتى بنصيبٍ من التصريحات الإعلامية، هؤلاء هم عمال اليومية – العاملون بأوراق مؤقتة داخل الشركة المصرية لتجارة الجملة، إحدى الشركات التابعة للشركة القابضة للصناعات الغذائية، والمرتبطة بوزارة التموين والتجارة الداخلية.
دكتور شريف فاروق، نتحدث إليك ليس بلغة الشكوى، بل بلغة الكرامة المهدرة، والحق المهمل، والعدل الغائب، فهل يُعقل أن تستمر هذه الفئة، التي تعمل في عمق منظومة الأمن الغذائي، وتتولى توزيع السلع، ومواجهة الأزمات، والمخاطر اليومية، دون أي مظلة حماية حقيقية؟! أين العدالة، وهم منذ سنوات يقبضون مرتبات لا تتجاوز 2000 جنيه؟، أين الرحمة، وهم أحياناً يدفعون من جيوبهم مصاريف التنقل والبدلات ليؤدوا عملهم، ثم يعودون إلى بيوتهم خاليي الوفاض؟
أين الأولوية، وهم صمّام أمان في مخازن الدولة، في حمل السلع، في تنظيم الطوابير، في إدارة فوضى الاستهلاك؟
معالي الوزير، هل يُعقل أن يأتي عامل إلى عمله فقط ليخسر؟!أي منطق إداري يبرر أن يكون هناك موظف على قوة الشركة لسنوات دون تثبيت، ودون عقد عمل عادل، ودون حد أدنى للكرامة المعيشية؟، لقد سمعنا كثيراً أن الشركة المصرية لتجارة الجملة "لا تخضع لقانون الخدمة المدنية"، لكنهم يخضعون لسلطان الضمير، ولسقف المسؤولية السياسية، ولسؤال الحساب أمام الله وأمام الوطن! هذه الفئة التي تضم شبابًا في مقتبل العمر، وسيدات لا يملكن ملجأ ولا معاشًا ولا سندًا، يجب أن تكون ضمن أولوياتك يا معالي الوزير، فإن كنتم تبحثون عن "الاستدامة" و"النجاح"، فإن النجاح لا يبدأ من القمة، بل من هؤلاء الذين يتحملون القاعدة على أكتافهم.

قرار إنساني قرار تاريخي


نعم، نحتاج إلى قرار جريء. قرار إنساني. قرار تاريخي، ونحن على يقين أن الدكتور شريف – بما عرف عنه من مواقف حاسمة – يملك القدرة على إنصاف هؤلاء، بالتوجيه المباشر لحصر عمال اليومية، وإدراجهم ضمن خطة تثبيت تدريجي محترمة، تضمن استمراريتهم وتحفظ ماء وجههم لتكن البداية بتوجيه بزيادة فورية في قيمة ما يتقاضونه، لتقترب على الأقل من الحد الأدنى للأجور، وليكن هناك جدولة واضحة تضمن تثبيت دفعة شهرية – 20 موظفاً جديداً مقابل كل 10 يخرجون على المعاش. هكذا تكون العدالة، وهكذا تكون القيادة.
نحن لا نطلب معجزات، بل إنصافًا، لا نطالب بترف، بل بحد الكفاف. لا نصرخ في وجه الدولة، بل نُناشد مسؤوليها أن لا ينسوا من في الخلف، ممن لا يملكون الصوت، ولا الوساطة، ولا الظهور.
معالي الوزير، الناس هؤلاء ليسوا مجرد أرقام في دفاتر المهملين، هؤلاء آباء وأمهات، وأبناء ينتظرون تغييرًا بسيطًا ليعودوا إلى بيوتهم بشيء من الكرامة، فهل ترضى أن تكون المسؤول عن استمرار الظلم؟ أم تكتب اسمك على باب التاريخ كمن أعاد الحقوق لأهلها؟
اليوم، القرار بيدك. وغداً، ستتبدل الكراسي والمناصب، وتبقى الذكرى… إما طيبة يتناقلها هؤلاء بالدعاء، أو مريرة يروونها بالحسرة.
"نظرة يا معالي الوزير"... فقد طال الانتظار.والأمل أن تكون نظرتك بداية إنصاف… لا مجرد وعد آخر يُضاف إلى أرشيف النسيان.

تم نسخ الرابط