وفاة أحد الأطفال منذ يومين
350 ألف مواطن في نقادة بلا مستشفى.. مأساة صحية وأهالي يصرخون

يعاني أهالي مركز نقادة بمحافظة قنا، الذي يمتد على مساحة 25 كيلومترًا ويضم أكثر من 350 ألف نسمة، من تردٍ غير مسبوق في الخدمات الصحية، وسط سلسلة من القرارات المتعثرة والمشاريع المتوقفة التي أدت إلى تفاقم الأزمة الصحية بالمركز، هذا الواقع المؤلم أدى إلى خسائر في الأرواح، كان آخرها وفاة الطفل سيف عادل حميد (11 عامًا) من قرية حاجر دنفيق، نتيجة تأخر العلاج وبُعد المستشفى عن محل سكنه.
التعثر مستمر
منذ عام 2018 بدأت أزمة مستشفى نقادة المركزي عندما تم إخلاؤه بناءً على 20 قرار إزالة، ونُقلت خدماته إلى مبنى صغير بمستشفى تكامل في قرية طوخ، غير قادر على استيعاب احتياجات المركز. في ذلك الوقت، خُصصت ميزانية قدرها 1.5 مليون جنيه لإجراء المجسات والرسومات الهندسية لإعادة بناء المستشفى، لكن هذه الخطوة أُلغيت بعد عامين، وأُعيد تخصيص مليوني جنيه لنفس الغرض لتتوافق مع معايير التأمين الصحي الشامل. كما خُصصت ميزانية ضخمة بلغت 700 مليون جنيه لبناء مستشفى جديد، لكن هذا الاعتماد سُحب لاحقًا وتم تحويله إلى مستشفيات دشنا، نجع حمادي، وأبو تشت، دون توضيح الأسباب.الأزمة لم تتوقف هنا، فقد شهد المشروع سلسلة قرارات متضاربة: أُعلن أولاً أن مساحة المستشفى الحالية غير كافية لمعايير التأمين الصحي الشامل، واقتُرح تخصيص أرض صحراوية لبناء مستشفى جديد، مع تحويل المبنى القديم إلى وحدة رعاية أسرية. لكن بعد أشهر، تم التراجع عن هذه الفكرة، وصدر قرار بهدم المبنى القديم وبناء المستشفى على نفس الأرض التي كانت قد اعتُبرت غير مطابقة. بدأت هيئة الأبنية التعليمية عمليات الهدم والبناء، لكن العمل توقف فجأة، ثم شكلت لجنة هندسية جديدة ألغت قرارات الهدم السابقة، وقررت أن المستشفى لا يحتاج إلى إزالة بل إلى ترميم بتكلفة 20 مليون جنيه، من خلال بروتوكول وقّعه محافظ قنا مع هيئة تنمية الصعيد، هكذا وبعد سبع سنوات من المعاناة، عاد المشروع إلى نقطة الصفر، تاركًا الأهالي دون حلول ملموسة، وحدات صحية متردية ومشاريع متوقفة ولم تقتصر الأزمة على المستشفى المركزي، بل امتدت إلى الوحدات الصحية بالمركز، فمنذ عام 2011 تم إخلاء الوحدة الصحية بقرية حاجر دنفيق، التي تبعد 10 كيلومترات عن المدينة، ونُقلت خدماتها إلى شقة سكنية. لاحقًا، هُدم المبنى القديم وبدأت أعمال الحفر لإعادة البناء قبل أربع سنوات، لكن المشروع توقف فجأة، تاركًا الأرض مهجورة. كما تعاني سبع وحدات صحية أخرى منتشرة في المركز من نقص حاد في التجهيزات والخدمات الأساسية.



واقع صحي مؤلم حيث يقتصر دور مستشفى نقادة في طوخ حاليًا على إصدار خطابات تحويل إلى مستشفى قنا العام، الذي يبعد 50 كيلومترًا عن قرى جنوب المركز، المستشفى يعاني من نقص حاد في المعدات، حيث يعتمد على جهاز أشعة عتيق يعود للثمانينيات أو أوائل التسعينيات، مع تلف العديد من الأجهزة الطبية الأخرى، ونقص الأدوية والمستلزمات الطبية. يضطر المواطنون لشراء كل شيء من الصيدليات الخاصة، مما يفاقم معاناتهم في ظل ارتفاع معدلات البطالة.مستشفى نقادة القديمة، التي صُممت لخدمة 10 آلاف نسمة فقط منذ عصر الاحتلال الإنجليزي، لم تُطوَّر لتصل إلى المستوى (أ)، ولا تحتوي على جهاز أشعة مقطعية أو رنين مغناطيسي، ولا حتى سرير واحد للرعاية المركزة.
هذا الواقع تسبب في وفيات متكررة، كان آخرها الطفل سيف عادل حميد، الذي لم يتمكن من تلقي العلاج في الوقت المناسب بسبب بُعد المستشفى (18 كيلومترًا) وتأخر الإجراءات الطبية، حيث يطالب أهالي مركز نقادة، الذين يشعرون بالحرمان من حقهم في الرعاية الصحية، بتدخل عاجل من الحكومة المركزية، وتحديدًا من رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، ووزير الصحة الدكتور خالد عبد الغفار، وتشمل مطالبهم:تشكيل لجنة من وزارة الصحة لفحص الوضع الصحي بالمركز ومراجعة ملف مستشفى نقادة المركزي، محاسبة المسؤولين عن إهدار المال العام وتوقف المشاريع الصحية.بناء مستشفى نقادة المركزي في أسرع وقت على أرضها الحالية، مع ضم الأراضي المجاورة لتتوافق مع معايير التأمين الصحي الشامل، ووقف قرار الترميم غير الكافي، استكمال بناء الوحدة الصحية بحاجر دنفيق وتطوير باقي الوحدات الصحية بالمركز، ويؤكد أهالي نقادة أن من حقهم أن يكونوا جزءًا من الجمهورية الجديدة، وأن يتمتعوا بنظام التأمين الصحي الشامل، وأن يحصلوا على رعاية صحية تليق بكرامتهم الإنسانية، ويستندون في مطالبهم إلى المادة 53 من الدستور المصري، التي تكفل مبدأ المساواة بين المواطنين، فهل ستجد هذه الصرخة آذانًا صاغية لإنقاذ أهالي نقادة.





