
للميديا، من وسائل تواصل اجتماعى، مثل الفيسبوك، والانستجرام، وتويتر والواتس آب، وأيضًا من منصات إليكترونية، أثرُ وتأثيرُ بالغ في توجيه الرأي العام، والنظر في القضايا العامة، وخلق حالة من الزخم والاهتمام. وظهر هذا التأثير فيما تمت إثارته بتلك الوسائل والمنصات من أخبار حول الدجوى وزاهى فـ الدجوى هي د. نوال الدجوى صاحبة التاريخ التربوى التعليمى الكبير، والذى بدأ مع ميلادها؛ حيث النشأة في كنف أب يعمل أستاذا للفلسفة وعلم النفس، ثم تأسيسها لأول مدرسة لغات خاصة بمصر "مدارس دار التربية" عام 1958 وهى في الواحدة والعشرين من عمرها، وفى عام 1996 أسست جامعة خاصة بمدينة 6 أكتوبر، وهى جامعة أكتوبر للعلوم الحديثة والآداب، والمعروفة بالاختصار الانجليزى (MSA)، وتولت رئاسة مجلس أمنائها، وهى أكبر جامعة خاصة يدرس بها طلاب وافدون من شتى دول العالم، يسددون مصاريف دراساتهم بالعُملة الأجنبية.
وحواس هو الدكتور زاهى حواس عالم المصريات الأشهر، ومدير هضبة أهرامات الجيزة لسنوات، ثم وزيرًا للآثار، وهو المُحاضر الدولى المطلوب للحديث عن الآثار المصرية بكافة جامعات ومُنتديات دول العالم، وهو المُرشد السياحى المُكلّف من الدولة لِمرافقة زوار مصر من الملوك والرؤساء.
وعن العلاقة والربط بين وسائل الميديا ود. نوال الدجوى ود. زاهى حواس هو ما طالعناه منذ أيام قليلة، وبخاصة على الفيس بوك، من خبر عن سرقة أموال كثيرة كانت في فيلا د. نوال الدجوى، وبعدها بأيام قليلة جدًا، وعلى الفيس بوك أيضًا، خبر أخر عن لقاء د. زاهى حواس مع مُقدم البود كاست "podcast" الأمريكي جوزيف جيمس روجان"Joseph James Rogan"، والمشهور باسم جو روجان، وحديثه عن الخُرافات حول بناء الأهرامات المصرية.
دون إعمالِ لعقلِ أو منطق
وعند متابعة تلك الأخبار المُتداولة وقراءة التعليقات عليها تجدها وقد سارت جميعها في نفس اتجاه كاتب البوست، دون إعمالِ لعقلِ أو منطق في قراءة الخبر والتعليق عليه فخبر سرقة ثروة د. نوال الدجوى من منزلها، نجده وقد تمت صياغته بأسلوبين، أحدهما اعتمد الأسلوب الكوميدى الساخر، وعلى أنه سرقة مغارة على بابا، والثانى تمت صياغته بأسلوب قانونى أمنى، وعلى أنه من أين لها هذا، وكيف لمصرية الاحتفاظ بمثل هذه الثروة بمنزلها؟ وعند تتبع التعليقات نجدها وقد انساقت خلف رغبة وصياغة صاحب البوست وفي نفس الاتجاه، إما السخرية وإظهار الضحكات وإلقاء النِكات، وإما ارتداء روب المحاماة أو الإمساك بغليون المُحقق القانوني ورجل الأمن، الذى يبحث عن الدوافع والأسباب وإنزال العقوبات.
لم يمنح كُتّاب تلك الأخبار والتعليقات أنفسهم فرصة المُراجعة والقراءة المتأنية وإعمال العقل للتعرف على تاريخ نوال الدجوى، ومن هي وكيف بدأت رحلة حياتها وكيف سارت حتى يصبح لديها وبخزينة منزلها مثل تلك الثروة، ولم يحاول أحد أن يسير في اتجاه معاكس ويعرف أو يستقصى أو يستفسر عن ظروفها الاجتماعية والمالية التي دفعتها لتجميع ثروة بهذا الكم في منزلها، فصار جميع المعلقون هنا وهناك في اتجاه السخرية وتطبيق القانون والمصادرة، وإلى أخره من التعليقات والمُطالبات البعيدة عن العقل والمنطق.
وفى شأن خبر لقاء د. زاهى حواس وحديثه عن آثار الفراعنة، تجد التعليقات وقد تغافلت تمامًا تاريخ الرجل وحياته التي أفناها في منطقة هضبة الهرم، ومؤلفاته عن الآثار، وثقة البلد فيه حتى تجعله مُرشدًا مرافقًا لزوار مصر من الملوك والرؤساء، حتى أنه كان في نظرهم هرمًا رابعًا بعد أهرامات الجيزة الثلاثة، فالأجانب لا يعرفون عن مصر سوى أهرامات الجيزة وزاهى حواس، لقد تناست التعليقات على خبر لقاءه في البودكاست أنه هو الوحيد الذى كان يذهب لجميع دول العالم ويتوجه لهم بالدعوة لزيارة مصر بعد ثورة 25 يناير 2011، وبعد سقوط حكم الأخوان في 2013، فكانت جملته الأشهر "مصر أمان".
د. نوال الدجوى من مواليد 1937، فهى تبلغ من العمر الآن 88 عامًا، والدكتور زاهى حواس من مواليد 1947، ويبلغ من العمر الآن 78 عامًا. فقدت الدكتورة نوال الدجوى أبنتها ثم ابنها فرحمة بها من أجل تاريخها الحافل والجدير بالاحترام، ورحمة بسنِّها. والدكتور زاهى حواس، اتفقت أم اختلفت معه، فهو زاهى حواس، صاحب التاريخ الطويل في الحديث عن الآثار المصرية، والمُحاضر الأشهر في هذا المجال، فرحمة بتاريخه ورحمة بسنِّه، فليس منا من لم يعرف حق كبيرنا.
أ.د./
أستاذ الحضارة الأوربية القديمة