الأولى و الأخيرة

السوشيال ميديا
السوشيال ميديا

"فلانة اتطلقت؟ لا لسة.. اشاعات.. بكرة تطلق ونحكي عنها"، "طيب فلان عمل حاجة جديدة أهيه.. حلو أوي المهم تكون تافهة ومشطشطة عشان تولع الدنيا وتجيب مشاهدات ولايكات".

هكذا أصبح حالنا مع معظم الأخبار أو أكثرها انتشارا هذه الأيام والتي يكون مصدرها السوشيال ميديا، أو الهدف منها الانتشار على صفحات التواصل الاجتماعي.

وهكذا، في علاقة تبادلية صاعدة هابطة بين المواقع الإخبارية ومواقع التواصل، نلهو و"نتلهي" مع أخبار المشاهير، وليس مهما من هو ذلك الشخص، المهم أن يكون مشهور "وخلاص"، في اتجاه إيجابي أو سلبي، ارتكب مصيبة أو فعل أشياء مفيدة، ليس مهما على الإطلاق، فالمهم هو مدى انتشاره ومدى تأثيره على صفحات التواصل الاجتماعي.

وهنا نصل إلى ما يعرف باسم مؤثر، والتي أصبحت مهنة يكتسب منها البعض قوت يومه، بل أكثر من ذلك بكثير، والتي يعرفها خبراء مواقع التواصل الاجتماعي، بأنها تعني شخص يتابعه العديد من الأشخاص، من عشرات الآلاف إلى الملايين، وهم من يثقون في تقييم ومتابعة هؤلاء المؤثرون للسلع أو المنتجات أو الخدمات، لدرجة استعانة الشركات بهم لتسويق تلك السلع والخدمات، مقابل أموال أو هدايا أو بضائع تدفع لهم، وبالطبع، فإن ذلك ليس عيبا أو مستهجنا باعتباره مهنة يتكسب منها البعض في مجال الإعلان والدعاية ولكن بطرق مختلفة وعصرية عن طريق السوشيال ميديا.

إنما العيب هو أن تتحول الفضائح ورواجها إلى تجارة في حد ذاتها، ويتحول النجوم والمشاهير إلى سلع، تباع وتشترى، وتقيم أثمانها بعدد المشاهدات واللايكات والشير، ومنهم من يفرح بذلك ويتحول إلى بضاعة، أو يتمنى ذلك، ومنهم من يتم اقتحام حياته رغما عنه والتلصص عليه وعلى خصوصياته، بحثا عن أي شيء مثير أو حراق يسيل لعاب صفحات السوشيال.

وهنا، يكبر العيب، وتتضاعف الجريمة، وتتحول إلى مؤامرة مكتملة الأركان، لفضح أسرار الناس، أو افتعال وتأليف أخبار عنهم ونشر الشائعة تلو الشائعة، لحصد اللايك تلو اللايك والشير بعد الشير، والذي يتم ترجمته إلى أموال وأرباح طائلة.

وللأسف، فقد تحولنا كلنا، أو معظمنا إلى عبيد للسوشيال، فمن منا لم يقرأ عنوانا مثيرا أو حراقا، ليسارع بفتح اللينك أو الموضوع او الصورة ليعرف ما وراء ذلك العنوان، أو تلك الفضيحة، أو هذه الواقعة المثيرة، لنساعد، ونحن بكامل قوانا العقلية، على نشر تلك الفضائح أو الأكاذيب والشائعات، وعلى جني هؤلاء المرتزقة للمزيد من الانتشار والنجاح والأرباح.

وفي النهاية، فعلينا أن نتذكر، أن شركة عملاقة وهي "ميتا" تمتلك مواقع كبرى للتواصل الاجتماعي مثل "فيسبوك" و"انستجرام"، قد خذلتنا جميعا، بل وتآمرت علينا في معركة دعمنا للمقاومة الفلسطينية في معركتها مع الاحتلال الصهيوني وعدوانه على غزة وحرب الإبادة الجماعية التي يمارسها ضد القطاع، بعد الاجراءات العقابية التي اتخذوها ضد صفحات وكلمات ومشاركات كل من يتضامن مع فلسطين ومواطنيها ومقاوميها، وصلت إلى حد إغلاق الصفحات وتعطيل الحسابات، ومن نجا من ذلك، تم تجهيل صفحته عمدا، وأصبح لا يرى منشوراته إلا القليل، وخاصة ما يذكر فيها اسم فلسطين أو غزة أو ما يخصها، فهل نتعلم الدرس؟ أم نظل عبيدا للسوشيال ومدمنين لها ومنساقين ورائها؟

 

تم نسخ الرابط